الى متى يتحمل المواطن عبء الغلاء والبطالة
[جمال حسن]
بقلم: جمال حسن
"إشغال الناس بالعمل الشاق وبالفكر المداوم لتأمين لقمة العيش، يرهق الشعوب ويسلبهم القدرة على الإعتراض أو رفض كل ما يملى عليها ويدفعها نحو الإستسلام.. هي سياسة يعتمد عليها أكثر ساسة العالم" - الفيلسوف الالماني فريدريك نيتشه.. كأنه يستعرض الحال الذي نعيشه في مملكة الرمال والقمع والتمييز الطائفي والعنصري، مملكة البترول والفقر، عاصمة الفكر الشاذ وأكبر معتقل للرأي العام، ومسلخ النشطاء والعلماء والشرفاء بسيف "الحرابة" الجاهلي.. بلاد الحجاز وسلطة آل سعود.
أعلنت شركة "أرامكو" في بيان لها رفع أسعار البنزين في المملكة الأسبوع الماضي، متذرعة بانها تأتي وفقا لإجراءات حوكمة تعديل أسعار منتجات الطاقة والمياه المعتمدة، وانها قابلة للتغيير إرتفاعاً تبعا للتغيرات في أسعار تصدير بترولنا الى الأسواق العالمية!!.
وقد أثار اعلان الحكومة هذا ردود فعل شعبية على نطاق واسع في المملكة عبر مواقع التواصل الاجتماعي، متسائلين لماذا عليهم دفع أجور الحرب على اليمن التي يشنها محمد بن سلمان دون جدوى؟، أو لماذا تنفق الحكومة المليارات على ما تسمى "هيئة الترفيه" التي لا تأتي بالنفع على المواطنين الذين يزداد إثقال كاهلهم يوماً بعد آخر بسبب إرتفاع أسعار الطاقة والمواد الغذائية والأساسية والأدوية وسط تنامي معدل البطالة خاصة بين الشباب المتعلم والمبتعث ما يعد "كارثة حقيقية" على الشارع السعودي.
في الوقت ذاته أكد تقرير لوكالة “بلومبيرغ” الأميركية، أن المال السعودي قد فقد ثقته بولي العهد محمد بن سلمان منذ حتى قبل جريمة قتل الصحفي جمال خاشقجي بوقت طويل، مشيرة الى أنه في الوقت الحالي يسعى أثرياء المملكة لتهريب أموالهم للخارج بأي شكل بعد تدهور الوضع الاقتصادي بصورة غير مسبوقة.
من جانبها كشفت صحيفة “واشنطن بوست” أن السعودية ما زالت تضخ أموالاً كثيرة، بإطار سعيها للتأثير على السياسة الخارجية للدول بشكل عام والولايات المتحدة بشكل خاص.. فيما القلق يتزايد في الشارع السعودي من زيادة معدلات البطالة التي تجاوزت ال 17% وفق احصائيات رسمية غير معلنة.
وشدد الكثير من المغردين على غضبهم وسخطهم تجاه إجراءات الحقبة السلمانية الاقتصادية الرديئة الآخذة نحو الأسوأ يوماً بعد آخر، متسائلين: الى متى يجب على المواطن دفع نفقات طيش شاب آل سعود الأرعن ورفاهية أمرائهم، والضرائب والفقر ومئات المليارات التي تنفقها الرياض على مغامرات الطائش التي تدفع بإقتصاد المملكة نحو الهاوية وتثقل كثيراً عبء المواطن؛ وتنذر بمستقبل "غامض" للبلاد والعباد، حسبما ذكرته كارين يونغ، الخبيرة في شؤون الخليج بمعهد أمريكان إنتربرايز.
وكانت الحكومة السعودية قد ضاعفت أسعار الطاقة المحلية قبل أقل من عام ما أدى الى رفع نسبة غلاء المعيشة وسط إنتشار أكبر للبطالة في أوساط الشباب، وأصبحت المعيشه صعبة جداً على ذوي الدخل المحدود وكل يوم أصعب من اليوم الذي سبقه، حيث الضرائب وأرتفاع سعر البنزين من 45 هلله الى 1.44!! الى جانب أرتفاع أسعار الكهرباء بنسبة 400% (بحسب صحيفة عكاظ) وإيجارات السكن، وبات المواطن يرى أن أي شيء فيه إضرار له تنفذه الحكومة بأسرع وقت ودون أي دراسة أو مشاورة، فيما الشيء الذي ينفع المواطن كالوظائف والدعومة الحكومية والسكن وإيجاد فرص العمل وغيرها من الخدمات الصحية والاجتماعية المفقودة في الحقيقة.. يتم تأخيره والمماطلة فيه.
هذا ونقلت وكالة "رويترز" قبل أيام عن مصادر مطلعة أن صندوق الاستثمارات العامة السعودي الذي تبلغ أصوله العامة نحو 300 مليار دولار (موزع على ستة مجالات؛ وهي حيازات الأسهم السعودية، وتطوير القطاعات، والعقارات والبنية التحتية، والمشاريع العملاقة، والاستثمارات الخارجية، ومحفظة منوعة) يخاطر بالانغماس في المشاريع المحلية لمحمد بن سلمان؛ ما سيكبح طموحاته العالمية ويربط حظوظه بشكل أوثق بسوقه المحلية.
وقال تقرير لوكالة "بلومبرغ" الدولية: أن السعودية ضاعفت شراءها لأذون الخزانة الأمريكية، منذ انتخاب دونالد ترامب رئيسا للولايات المتحدة أواخر 2016؛ حيث رفعت مشترياتها من أذونات الخزانة الأمريكية من 97 مليار دولار حتى نهاية أكتوبر/ تشرين الأول 2016 (قبل شهر من انتخاب ترامب)، الى 177 مليار دولار حتى أبريل/ نيسان 2019، وهي زيادة بنسبة 83%؛ وأضافت كاتبة التقرير ليز ماكورميك أن ذلك يضمن بقاء دعم ترامب لنجل سلمان، حيث العلاقة تزداد تطوراً بفعل صفقات السلاح الأمريكية بعشرات مليارات الدولارات.
"لقد إعتاد المواطن السعودي على التصفيق لقرارات يمسونك بقرار ويصبحونك بقرار على هواهم اذا هم راضين عنك عطوك عشان كذا مازلنا رجعيين قرارات غير مدروسة ودخل المواطن زي وجوههم تسد النفس ويبغون مستثمرين يجون عندنا المستثمر مايبي قرارات عشوائيه على حسب هوا بعض المسؤولين والمفروض مجلس الشوربه يقفلونه منظر" - قال أحدهم.
وتنقل "بلومبرغ" عن مارتن أنديك من مجلس العلاقات الخارجية الأمريكي، قوله إن "هذه علاقات تقوم فيها يد بغسل اليد الأخرى" مشيرا الى أن سندات الخزانة تجذب بشكل طبيعي البترودولارات السعودية لإيجاد فرص عمل للأمريكيين فيما البطالة تنخر في الشارع السعودي، مشدداً أن ترامب يريد من السعودية زيادة في إنتاج النفط ما يعني زيادة في البترودلاور التي يمكن إدارتها مرة ثانية في سندات الخزانة.
وقال آخر "يرفعون البنزين حبة حبة لين يصير أغلى شيء ومع كل رفع يجيك مطبل سطل يقول تحمدو ربكم على نعمة الأمن والأمان وش دخل الامن والامان في البنزين يلوح حساب المواطن ٣٠٠ ريال والبنزين يكلفك ١٠٠٠ والكهرب ١٥٠٠ والماء كذالك والضرايب وساهر والايجارات وش ذ الراتب الي يغطيها.. هيئة الترفيه تهدر الملايين وتنفق لغير مصلحة المواطن وكل يوم مصيبة بسبب معاصينا وبعدنا عن الله وتركنا الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.. كل ٣ أشهر يرتفع من ٨ الى ١٠ هلالات حتى يصل اللتر ٥ ريال...".
هذا وتوقع صندوق النقد الدولي في آخر تقرير له قبل أيام، زيادة عجز الموازنة في السعودية قد يبلغ أكثر من 8% وهو الأعلى خلال السنوات الأربع الماضية من بلوغ سلمان ونجله العرش في بلاد الذهب الأسود، في وقت قالت الرياض انها تتوقع عجزاً بحوالي 4% من الناتج المحلي الإجمالي للعام الميلادي الجاري.
أما موقع "ستراتفور" الأميركي فكتب عن تنامي خيبة أمل المواطن السعودي وحلم صعب المنال بأسلوب حياة سليمة نوعاً ما، فيما بات العقد الاجتماعي بين الحكام السعوديين والمواطنين أكثر تفككا. ما يشير الى تنامي السخط الشعبي من صناع سياسة واقتصاد المملكة وسط تنامي البطالة خاصة بين أوساط المنبعثين والمتعلمين خريجي الدراسات العليا، حيث النسبة بين الأناث ثلاثة أضعاف الذكور.
ويقول باحثون وإعلاميون أن سياسات ولي العهد السعودي العشوائية أدت الى ازمة اقتصادية بالبلاد، مشيرا الى ان الارقام والاحصائيات تكشف عن وجود ازمة اقتصادية وان اكثر من 25% يقعون تحت خط الفقر ويعانون من البطالة. كما ان هناك بطالة مقنعة من خلال لجوء الشباب الى العمل بوظائف ليست من إختصاصهم.. فسياسته الإقتصادية فاشلة وتقود المملكة نحو الهاوية، وزادت تعميق الهوّة بين الطبقة الغنية والطبقة الفقيرة، فكل ما يعرفه هو الإستحواذ والسيطرة على المال العام وهلوسة الولوج في مواجهات عسكرية، وإفتعال المشاكل مع دول الجوار أو شن الحرب عليها كما هو الحال مع قطر وايران واليمن، وحب انفاق المليارات في صفقات التسليح حتى أصبحت السعودية ثاني أكبر دولة تقوم باستيراده، كله يأتي على حساب دخل المواطن .
ارسال التعليق