لماذا يحتاج آل سعود للجنود الأمريكيين لحمايتهم؟ وأين ذهب أموال الشعب؟
[علي ال غراش]
طلال حايل- التغيير
منذ استقلال الدول العربية وإعلان تشكيل مملكة آل سعود والمنطقة تعيش على صفيحٍ ساخن، فمنذ احتلال فلسطين مرورًا بالنكسة وبعدها الحرب السعودية المصرية في اليمن ومن ثمّ حرب أكتوبر وما تلاها من حروب الخليج الأولى والثانية والثالثة؛ جميع تلك الحروب لم تكن لتشكل لآل سعود أيّ درس، بل على العكس لم يزد آل سعود خلال تلك السنون والتجارب إلّا ضعفًا، ولم يزدد جيشهم إلّا ذُلًّا وهوانا، فعلى الرغم من أنّ ميزانيتها هي الثالثة على مستوى العالم مُتقدمةً على روسيا وفرنسا ومتأخرة فقط عن أمريكا والصين، وذلك حسب تقرير معهد ستوكهولم، غير أنّ هذه الميزانية الخيالية لم تستطع أن تصنع جيشًا يُدافع عن بلاده، لتُرسل لهم مُشغلتهم (خمس مائة جندي) علهم يستطيعون حماية عرش آل سعود المتهاوي.
يقول خبراء إنّ هذا الكم الكبير من الإنفاق العسكري مردّه لتذوق ابن سلمان طعم الخسارة في حربه على اليمن، ناهيك عن المراهقات السياسية غير المحسوبة لآل سعود في المنطقة، وشعور ابن سلمان بأن المزيد من الإنفاق العسكري في مملكة آل سعود، من شأنه أن يرفع من شأن المملكة، غير أنّ سوء التخطيط، وانتشار الفساد بين عناصر الجيش، ناهيك عن قتل الروح المعنوية للجيش شلّ قدرة هذا الجيش وحوّله رغم الإنفاق العسكري الهائل إلى مجموعة من عارضي الأزياء الذين يقومون بعرض تلك الأسلحة في المُناورات العسكرية.
ويرى الخبراء أنّ الإنفاق الكبير على التسليح الهائل بات يُشكل تهديدًا جدِّيًا على خطة ابن سلمان 2030، فأكثر من ثلث الميزانية باتت تذهب لشراء الأسلحة (على الرغم من أنّ أحدًا لن يستخدمها، إلّا على الشعب طبعا)، فيما بقية القطاعات في الجزيرة العربية دون أدنى نوع من التنمية، بل على العكس، فالذي يجول في شوارع بعض المُدن في الجزيرة العربية يُخيّل له أنّ هذه البلاد تعيش في العام 1900 وما قبله، وأنّ الحضارة البشرية لم تمر من هنا.
أين ذهبت الأسلحة والمليارات؟
سؤالٌ مشروع يطرحه أبناء نجدٍ والحجاز، إذا كُنا قد جلبنا قوات أمريكية لتحمينا، فأين ذهبت أسلحتنا وملياراتنا؟ غير أن أيّ مُتابع للوضع في المنطقة يستطيع الإجابة على هذا التساؤل، بدايةً من سوريا فقد أنفق آل سعود مبالغ كبيرة في تسليح الإرهابيين هناك، ناهيك عن فتح مخازن السلاح وتزويدهم بأحدث الأسلحة الفتاكة، غير أنّهم لم يستطيعوا إحراز أيّ تقدم، وذهبت أحلام آل سعود بتغيير نظام الحكم في سوريا أدراج الرياح.
أما في ليبيا فمن المعروف أنّ قوّات حفتر تُقاتل بأسلحة سعودية، بعد أنّ زوّدهم آل سعود بكافة أنواع الأسلحة للانقلاب هناك، غير أنّه هو الآخر لم يستطع إحراز تقدم ملموس، أما في مصر، فكانت النكبة الكبرى، فالسعودية وكما يقول الرئيس السيسي (الرز عندهم كثير) قاصدًا بذلك مليارات الدولارات وأحدث الأسلحة، غير أنّ السيسي وعلى الرغم من "الرز" لم يستطع السيطرة على مصر، فالانقسامات الداخلية والاستبداد والظلم وضع هذا البلد الكبير على شفير الهاوية مع خوف مُزمن من اندلاع ثورة أخرى لا تُبقي ولا تذر من رموز نظام السيسي.
كل هذا الإنفاق لم يستطع تحقيق الأمان لآل سعود، الثروة التي يتمتّع بها آل سعود (وهي المنهوبة أساسًا من أموال الشعب) لم تعد قادرة على تلبية احتياجات السكان مع سوء كبير في توزيعها وإنفاقها، وهذه الثروة "النسبية" باتت محدودة بسبب النمو السكاني المرتفع، ويرى خبراء أنّ كل هذا الإنفاق لن يستطيع تغيير الأوضاع أو قلب الموازين، والسبيل الوحيد لذلك هو العمل على الاستقرار المدني وتفعيل الحريات المدنيّة، وتحقيق المساواة بين المواطنين والإفراج عن المُعتقلين.
وأخيرًا؛ يتساءل أبناء الجزيرة العربية هل نحتاج قوات أمريكية حتى تحمينا؟ وإذا كُنّا كذلك لماذا صرف كل تلك الميزانية؟ ألم يكن من الأجدى صرف كُلّ تلك الأموال على بناء المشافي والمدارس والطرق والجسور؟، ألم يكن أفضل من شراء أسلحة ستصدأ في مستودعاتها بسبب عدم القدرة على استخدامها، ألم يكن من الأفضل دفع ربع هذا المبلغ لأي (دولة مرتزقة) كأمريكا مثلًا، وطلب حمايتها، خصوصًا بعد أن قتل آل سعود كل معاني الرجولة بين أبناء الجزيرة العربية، وأصبح أحدٌ منهم غير قادر على حماية أرضه وعرضه لتُرسل أمريكا جنودها لحمايتهم!.
ارسال التعليق