هل بات إعلان بن سلمان التطبيع الرسمي مع العدو الصهيوني قريباً !؟
[عبد العزيز المكي]
منذ إعلان البيت الأبيض الأمريكي عن زيارة بايدن للسعودية والكيان الصهيوني المرتقبة، قبل أسابيع، والأعلام الأمريكي والسعودي والصهيوني يضخ حملة صاخبة حول الوساطة الأمريكية بين الرياض وتل أبيب للوصول إلى اتفاق حول تسلم السعودية لجزيرتي تيران وصنافير، المرتهنتين باتفاقات كامبديفيد، واللتين أعلن النظام المصري إرجاعهما إلى السعودية عام 2017، ويصور هذا الأعلام، الذي نشط على هامش هذه التغطية في الحديث عن التواصل والتوارد وكل أشكال التعاون الأمني والاقتصادي بين السعودية والعدو، يصور هذا الإعلام أن ثمة خلافات بين الرياض وتل أبيب حول آلية التسليم، وان واشنطن تقوم بتذليل هذه الخلافات!! وواضح جداً أن هذه الحملة الإعلامية الأمريكية الصهيونية السعودية تستهدف التضليل على الحقائق ومحاولة الكشف عنها تدريجاً خوفاً من صدمة الرأي العام، حول حقيقة التعاون السري بين التوأم آل سعود وآل صهيون! هذا من ناحية ومن ناحية ثانية تستهدف تلك الحملة الإيحاء بان النظام السعودي ليس لديه اتصال مباشر مع الجانب الصهيوني، حينئذ تقوم الولايات المتحدة بدور الوسيط بين الطرفين!! فيما اعتقد أن النظام السعودي لا يحتاج لهذه الوساطة فيما يخص الجزيرتين أبداً، إنما الدخول الأمريكي على خط الاتصالات بين الطرفين، أبعد من ذلك، إنما لأمور خطيرة وحساسة، يطالب بها العدو الصهيوني من الطرف السعودي، وقد تفوق قدرة هذا النظام، وترقى إلى الابتزاز وحتى الإذلال بدليل أن الأستاذ في العلوم السياسية الصهيوني بالجامعة العبرية والضيف الدائم لقناة العربية السعودية،مئير المصري طالب في تدوينه له على تويتر في 6 حزيران2022، وبالتزامن مع ما نشرته صحيفة " وول ستريت جورنال" الأمريكية بأن السعودية تتجه لإقامة علاقات رسمية مع " إسرائيل".. طالب السعودية بدفع تعويضات مالية للعدو لقاء التطبيع، وقال مئير: " بالله عليكم ماذا تربح " إسرائيل" من التطبيع مع العالمين العربي والإسلامي؟ يجب مطالبة كل مطبع جديد بمساهمة مالية" وأضاف :" انتهى عصر التطبيع بالمجان"
إذن الحديث عن وساطة أمريكية حول الجزيرتين تيران وصنافير، هو للتغطية، فالنظام السعودي لا يحتاج الى وسيط بينه وبين النظام الصهيوني، إنما هو يتفاوض وينسق مع العدو حول الجزيرتين، منذ خمس سنوات وبصورة مباشرة باعتراف الأوساط السياسية والإعلامية الصهيونية نفسها، بل إن استعادة السعودية لتلكما الجزيرتين جاءت بطلب من الكيان الصهيوني نفسه.. لأنه يريد السيطرة عليهما ويعزز من خلال تلك السيطرة سطوته البحرية في خليج العقبة وفي البحر الأحمر...
هذا من جانب، ومن جانب آخر انه إذا كان العدو يلهث وراء إعلان التطبيع مع النظام السعودي، فأن العكس هو الذي يحصل الآن، أي أن النظام السعودي، أو بالأحرى بن سلمان بات هو الذي يهرول نحو الارتماء في أحضان العدو بشكل رسمي ومعلن!! وهذا الأمر تؤكده معطيات كثيرة منها ما يلي:
1- إن أوساطا أمريكية وصهيونية سياسية وإعلامية أكدت أن نائب وزير الدفاع السعودي خالد بن سلمان، أخبر الأمريكيين بأن الرأي العام السعودي بات أكثر تقبلاً للعلاقات مع الكيان الصهيوني، ولذلك فهو لا يعترض بنظر خالد بن سلمان، أي الشعب الجزيري على إعلان العلاقات بشكل رسمي مع العدو!!، بعبارة أخرى أن عملية التدجين التي قام بها النظام ومن ورائه عجلة الإعلام الغربي والصهيوني حققت نتائجها بحسب رأيهم، وزعم خالد إن طبقة الشباب العرب ومنها. شريحة الشباب في مملكة آل سعود، لا تفكر بالقضية الفلسطينية، وهذا ما باتت تردده الأوساط الصهيونية وتحاول تكريس هذه القناعة لدى الرأي العام.
2- إن بن سلمان وأخيه يعتقدان أن رؤية 2030 التي أعلن عنها الأول، لا يمكن أن تتحقق إلا بالتطبيع مع العدو، وهذا ما أكده رئيس مؤسسة التفاهم العرقي مارك شنايدر، في حديث له لإحدى القنوات العبرية في 30/مايو2022 حيث قال: " ان الأمير محمد بن سلمان، أبلغه هو وشقيقه خالد بن سلمان، نائب وزير الدفاع بأن رؤية 2030 التي وضعها ولي العهد، لن تنجح بدون إسرائيل". وأضاف شنايدر:- " وما قيل لي منهما بشكل لا لبس فيه، أن هذه رؤية لن تنجح بدون مشاركة " إسرائيل" وهذا التعاون سيكون في قطاعات الاقتصاد والزراعة والتكنولوجيا وحتى الدفاع"!!
3- و لهذا السبب يشهد التعاون الاقتصادي بين نظام بن سلمان والكيان الصهيوني تحولات متسارعة، إذ يوماً بعد آخر تتوسع أفاق هذا التعاون وتشهد تعززاً وقوة ومتانة بشكل لافت ومتزايد.. " وبحسب تقرير صحيفة غلوبس" فأن السعودية ومنذ أشهر تسمح لرجال أعمال إسرائيليين بدخول أراضيها بواسطة جوازات السفر" الإسرائيلية" وليس فقط عبر جوازات أجنبية" وكشف التقرير.." أن رجال أعمال "إسرائيليين" أبرموا صفقات كبيرة في السعودية عبر تأشيرة خاصة" مشيراً إلى أن " هناك اتصالات متقدمة لجلب استثمارات من رجال أعمال وصناديق استثمار سعودية في إسرائيل" ونقل التقرير عن مصدر صهيوني، قوله:" هناك علاقات غير مباشرة مع السعودية منذ أكثر من عشرين عاماً لكنني لا أذكر إنتعاشاً كالذي يجري في الأشهر الأخيرة". وفي هذا السياق أيضاً قالت (نيريت أوفير) الرئيسة التنفيذية لغرفة تجارة " إسرائيل" مع مجلس التعاون الخليجي،" إن النقطة المثيرة للاهتمام هي إن القطاع الخاص على كلا الجانبين هو الذي يدفع للاهتمام والتعطش للمعرفة بالتقنيات " الإسرائيلية الذي ينمو بسرعة".
و سجل التعاون الاقتصادي بين الرياض وتل أبيب طفرة كبيرة مؤخراً تمثلت في استثمار السعودية ملياري دولار في صندوق الأسهم الخاصة الذي أنشأه جاريد كوشنر صهر دونالد ترامب، والذي كان مبعوثه في المنطقة ويعتزم الصندوق، الذي تبلغ قيمته الإجمالية 3مليارات دولار، الاستثمار في الشركات " الإسرائيلية" في مختلف مجالات التكنولوجيا المتقدمة.
ذلك إلى جانب الزخم المتزايد في زيارات وتوافد رجال الأعمال الصهاينة على السعودية بعد ما رفع بن سلمان الحظر عن الصهاينة مؤخراً، بالإضافة إلى رجالات السياسة والأمن، حيث تجدر الإشارة إلى أن موقع صحيفة هاآرتيز استذكر في تقريره ليوم 1 حزيران2022 حقيقة زيارة " إسرائيليين" كبار للسعودية خصوصاً من الأجهزة الأمنية بدءاً من وزير الدفاع الحالي بني غانتس عند ما كان رئيساً للأركان، ومروراً برئيس الموساد السابق تامير باردو، ورئيس مجلس الأمن القومي السابقين يوسي كوهين ومثير بن شبات. وتناولت هذه الزيارات بالاساس الترويج لمنتجات وأسلحة "إسرائيلية" وتوثيق التعاون بين الطرفين في مواجهة ايران، بحسب هاآرتيز!!
4- الأهم من ذلك هو أن بن سلمان بات على عجلة من أمره لتولي عرش المملكة قبل تطور مفاجئ وغير مرتقب يحرمه من ذلك، ولأن التطبيع الرسمي هو من شروط الأمضاء الأمريكي الصهيوني على وصوله للعرش، فهو كثف في الآونة الأخيرة بشكل لافت من مظاهر التعاون والتنسيق العلني مع العدو الصهيوني، وللإشارة أن بن سلمان هو الابن البار للصهيونية، فهو قام بزيارة تل أبيب بعيد توليه ولاية العهد مباشرة، واستمرت اتصالاته وتنسيقه مع أسياده الصهاينة منذ ذلك الوقت، تتم وراء الأستار، حتى بدأ يسمح لها بإعلان عنها تمهيد للإعلان الرسمي، خصوصاً في الأيام الأخيرة حيث تكثفت بشكل لافت، ففي هذا السياق أعلنت القناة 12 الصهيونية في 27/5/2022 أن مسؤولاً إسرائيليا" كبيراً زار السعودية والتقى مسؤولاً سعودياً كبيراً!! وأوضحت أن هدف الزيارة تنسيق التعاون الأمني بين الطرفين، مشيراً إلى ودية وسخونة العلاقات بين الرياض وتل أبيب!! كما تزامن مع هذه التطورات إقدام الإعلام الصهيوني الكشف عن اللقاءات السرية السابقة وأشكال التعاون السري بين النظامين التوأم السعودي والصهيوني، فعلى سبيل المثال كشفت صحيفة " إسرائيل اليوم" عن أن رئيس الوزراء السابق نتنياهو كان أبرز وأرفع مسؤول صهيوني يزور السعودية ويلتقي بن سلمان، مشيرة- الصحيفة- إلى بقية القائمة من المسؤولين الصهاينة الذين زاروا السعودية !!
وإلى ذلك كشف المغرد السعودي الشهير مجتهد عن مكتب سعودي بتركيا يشرف عليه سعود القحطاني مستشار بن سلمان وبأمر من الأخير، يديره العراقي سفيان السامرائي حليف بن سلمان والنظام السعودي، مهمتة الترويج للتطبيع مع النظام الصهيوني.. هذا فيما لا تزال وسائل الاعلام تنقل لنا تسارع تطورات العلاقة بين تل أبيب والرياض!! ففي هذا السياق أعلنت قناة كان الصهيونية في 7/6/2022 عن هبوط طائرة صهيونية تقل عارضات أزياء صهيونيات في مطار الرياض!!
إذن المسألة ليست فقط الإعلان الرسمي السعودي للتطبيع مع العدو وحسب، مثلما أشرنا في بداية الحديث، إنما الصهاينة والأمريكان يريدون أكثر من ذلك للموافقة على عبور بن سلمان لعرش المملكة، ولعل إشارة صحيفة وول ستريت جورنال الأمريكية إلى مساعي أمريكا الحالية إلى تحويل دول الخليج والكيان الصهيوني إلى منظومة عسكرية موحدة، جوياً وبرياً وبحرياً، دلالة على أن لدى أمريكا والكيان الصهيوني مشروع يريدان من بن سلمان أن تكون المملكة محوراً رئيسياً فيه تقر بسيادة وهيمنة الكيان الصهيوني عليه، وتحت لافتة " مواجهة إيران" لخداع الرأي العام العربي والإسلامي!! وأكثر من ذلك تولي السعودية دور تصفية القضية الفلسطينية ونسيان حق العودة، ولعل مقال المستشار الإعلامي لولي العهد السعودي على الشهابي الذي نشرته قناة العربية في 9 حزيران الجاري، والذي دعا فيه إلى نسيان حق العودة إلى فلسطين وتحويل الأردن إلى " المملكة الفلسطينية الهاشمية!! دليل آخر على المهمة الجديدة الموكولة لبن سلمان بعد وصوله إلى عرش المملكة!!
عبد العزيز المكي
ارسال التعليق