هل النخوة العربيّة ستُنقِذ الكيان الصهيوني
بقلم: زهير أندراوس...رويدًا رويدًا تحولّت إسرائيل إلى دولةٍ منبوذةٍ مُصابةٍ بالجذام نتيجة عدوانها الآثم ضدّ قطاع غزّة، والمُستمّر منذ أكثر من 8 أشهر، فبعد أشهر من التهديدات والأضرار الطفيفة التي لحقت بالاقتصاد الإسرائيليّ، أعلنٌ عدد كبيرٌ من الدول والشركات مؤخرًا عن قطع العلاقات التجاريّة مع إسرائيل، بالإضافة إلى تراجع الاستثمارات، ولفتت صحيفة (يديعوت أحرونوت) العبريّة في تقريرها إلى أنّه من تركيا وكولومبيا التي حدّت من الصادرات إلى إسرائيل، مرورًا بمقاطعة الصناعات الدفاعيّة في المعرض في باريس إلى أصحاب الامتياز الإسرائيليين الذين يعانون من إلغاء الماركات العالمية. وتساءلت: ماذا نفعل في الحكومة؟ ولا حتى مناقشة أوْ تحليل.
وتابعت: “في الآونة الأخيرة، أعلن عدد غير قليل من الدول والشركات في العالم عن قطع العلاقات التجارية مع إسرائيل، وإلغاء الاستثمارات المخطط لها فيها، والإضرار بالواردات والصادرات بين دولة إسرائيل ومختلف الدول.
حتى قبل الحرب، كانت هناك شركات ومؤسسات لم يعجبها ما كان يحدث في إسرائيل، ويرجع ذلك جزئيًا إلى محاولات تفعيل الإصلاح القانوني هنا وبسبب الاحتلال المستمر للضفّة الغربيّة، وهكذا، هدد صندوق الثروة النرويجي بإعادة النظر في استثماراته في إسرائيل، وبدأ بتحويل الاستثمارات من الشركات التي تزود إسرائيل بالسلاح كنوع من العقاب على ما يحدث في الضفة، لافتةً إلى أنّ مصنعي الآيس كريم أرادوا حظر بيع منتجاتهم الضفة، وسحبت الشركات العاملة في قطاع الأزياء عزمها على الاستثمار في إسرائيل.
الصحيفة استدركت بالقول: “لكن كل هذه لم تكن أكثر من تهديدات معلنة مع ضرر اقتصادي ضئيل للغاية للاقتصاد الإسرائيلي، مقارنة بالتأكيد بما حدث في الأسابيع الأخيرة، عندما تحولت العديد من التهديدات إلى أفعال”.
و”كانت تركيا أول من تسبب في ضرر حقيقي للاقتصاد الإسرائيلي، بعد أنْ أعلن الرئيس أردوغان، في عدة ضربات، وقف جميع التجارة مع إسرائيل. ولم يتأخر الرد الإسرائيلي، لكنه كان غريبًا: فرض رسوم جمركية بنسبة 100 بالمائة على جميع الواردات من تركيا، وتمّ حظر الصادرات إلى إسرائيل هناك على أي حال”.
و “مع ذلك، يكشف فحص سريع أن الواردات من تركيا تأثرت جزئيًا فقط: الأجهزة الكهربائية والسيارات وقطع الغيار وحتى توربينات شركة الكهرباء المصنوعة في تركيا، بدأت في الوصول من تركيا إلى إسرائيل عبر دول ثالثة، معظمها اليونان أو قبرص”.
وأوضحت الصحيفة: “نهاية الأسبوع، نفذت كولومبيا، المورد الرئيسيّ للفحم لإسرائيل، التهديدات أيضًا، عندما أعلنت أنها ستتوقف عن تصدير الفحم إلى البلاد. وهنا لجأت الحكومة بالفعل إلى بلدان بديلة، مثل كازاخستان وأستراليا لتزويد إسرائيل بالفحم بدلاً من كولومبيا، وإنْ كان بسعرٍ أعلى قليلاً، وهو ما يمكن التعبير عنه في الحاجة إلى رفع أسعار الكهرباء في البلاد في خضم الحرب.”
وتابعت: “كما تضررت شركة (فوكس) للأزياء بسبب الحرب، وعلى نحوٍ غير متوقع، أعلنت سلسلة Pret A Manger الدولية، التي تعتزم الدخول إلى إسرائيل قريبًا بنحو 40 فرعًا، عن إلغاء ترخيص صاحب امتياز (فوكس) بسبب الحرب المستمرة في غزة، وعلى ما يبدو تحت الضغط الذي تمارسه عليها عناصر مؤيدة للفلسطينيين”.
“أيضًا، قامت سلسلة مطاعم (ماكدونالدز) بشراء حصة صاحب الامتياز القديم جدًا للسلسلة في إسرائيل، في حين أن السبب في ذلك، وفقًا للتقديرات، هو أنّ بادمي باعت منتجات ماكدونالدز لجنود الجيش الإسرائيلي بسعر مخفض، الأمر الذي لم يرضي الشركة العالمية”.
وأوضحت الصحيفة أنّ “الضربة الأقوى حتى الآن وجهت على وجه التحديد إلى صناعة الأسلحة الإسرائيلية، عندما منع مديرو معرض الأسلحة الدولي (يوروستوري(، الذي سيفتتح الأسبوع المقبل في فرنسا، إسرائيل من المشاركة في المعرض المهم بسبب النشاط العسكري الإسرائيلي مع العديد من الضحايا في قطاع غزة. الضربة هنا قاسية، لأنّه في هذا المعرض يتم إغلاق صفقات بقيمة مئات الملايين من الدولارات، وأحيانًا أكثر، بانتظام لصناعة الأسلحة المتقدمة والمتطورة للغاية في إسرائيل”.
بالإضافة إلى ذلك، أعلنت العديد من الشركات الاستثمارية أنها لن تشارك في مناقصات بناء خطوط السكك الحديدية في إسرائيل في الوقت الحالي، كما أعلنت شركات في العديد من المجالات الأخرى بالفعل أنها ستدرس استمرار استثماراتها التي يبلغ مجموعها مليارات الدولارات.
كما “تتعرّض الجامعات الأمريكية أيضًا لضغوط في هذه الأثناء، وإلى جانب التظاهرات الكبيرة التي انطلقت في حرم الجامعات الكبرى، خاصة في الولايات المتحدة، ضدّ (المجزرة التي ترتكبها إسرائيل في غزة)، وجاءت مطالبة اللجان الطلابية من إدارات المؤسسات الأكاديمية لإلغاء الاستثمارات والتعاون مع المؤسسات الأكاديمية في إسرائيل، وأعلنت بعض إدارات الجامعات، في المقابل، وقف التظاهرات، لأنه سيتم مناقشة الدعوى قريبًا”.
بالإضافة إلى ذلك، فإنّ رئيس هيئة الأوراق المالية الإسرائيلية، سيفي سنجر، أفاد مؤخرًا أنّ المستثمرين الأجانب سحبوا من سوق الأوراق المالية الإسرائيلية مبلغًا كبيرًا قدره 34 مليار شيكل، منها 14 مليار شيكل من السندات الحكومية، ولم يكن هذا بعد عقابًا أوْ رد فعل معاد للسامية، بل حسابات اقتصادية باردة، في بلد تدور فيه حرب منذ عدة أشهر، يعد الاستثمار خطيرًا.
واختتمت الصحيفة: لم يكن هناك أيّ نقاشٍ جديٍّ ملموسٍ حول عواقب هذه المقاطعة وقطع العلاقات الاقتصادية على المستوى الحكوميْ وفي الكنيست.
وغنيٌّ عن القول إنّ دولاً عربيّةً وإسلاميّةً أقامت جسرًا بريًا وجويًا لتزويد إسرائيل بالأسلحة لذبح الفلسطينيين، فيما قامت أخرى بتزويدها بالطعام، فهلْ ستتطوّع الدول العربيّة والإسلاميّة، المُصنفّة أمريكيًا وإسرائيليًا “معتدلة”، من منطلق (النخوة) العربيّة والكرم الحاتميّ لإنقاذ إسرائيل؟.
ارسال التعليق