في الوقت الذي تتوالى فيه عبارات التأييد والدعم للمتظاهرين من الرئيس الأمريكي "جو بايدن" ونظيره الفرنسي "إيمانويل ماكرون" ورئيسة الوزراء النيوزيلندية "جاسيندا أرديرن" وغيرهم من القادة والزعماء حول العالم، تُؤثر السعودية وجيرانها الخليجيين، الصمت الرسمي حيال ذلك بشكل واضح.

ووفق تحليل أورده موقع "أتلانتيك" فإن ذلك الصمت الرسمي من قبل السعودية، نابع في الأساس من الدروس التي استوعبتها المملكة بعد الثورة الإسلامية في إيران والتي أطاحت بالشاه وأعادت "آية الله الخميني" إلى طهران بعد 14 عاماً من النفي، وحولت البلاد من مملكة إلى جمهورية.

وبحسب التحليل، فإن السعودية منذ ثورة 1979 ترفع شعار انتظر حتى تتضح النتيجة، ثم انتظر أكثر، وعلى الرغم من أن الاحتجاجات الإيرانية الحالية أصبحت التحدي الأكبر للجمهورية الإسلامية منذ ذلك الوقت، لا يبدو من المحتمل التوصل إلى نتيجة سريعة. ومن هنا جاءت سياسة السعودية في "الانتظار اليقظ".

وأشار التحليل إلى أن السعوديين أخطأوا في الحكم على النتيجة بعد خلع حليفهم الشاه في 1979، لأنهم اعتقدوا أنه يمكنهم العمل مع خليفته "الخميني" ليجدوا أنه خصم.

مهما كانت النتيجة للاحتجاجات الإيرانية هذه المرة، يبدو أن المملكة على يقين من أنها ستحتفظ بالحكم بينما تدعم موقفها التغييرات الاجتماعية التي نفذها محمد بن سلمان على مدار السنوات الأخيرة منذ صعوده لولاية العرش، والتي قفز بالمملكة من خلالها إلى القرن الحادي والعشرين.

وأشار التحليل أنه بالنظر إلى النقطة الأخيرة، فإن السعوديين يتحلون بصمت مدعوم بالرضا إزاء الاحتجاجات الإيرانية، وفي الوقت الحالي، يبدو سجلهم في إدارة مثل هذه الضغوط الاجتماعية أفضل بكثير.

وذكر التحليل أنه بالنظر إلى الضغط الواقع للنظام الإيراني حاليا، فقد يقوم النظام بمهاجمة كل من تسول له نفسه ويتدخل في شؤونه الداخلية، أو يطلق العنان لبعض حلفائه لشن هجمات ضد خصومه الإقليميين، وبالفعل، في سبتمبر/ أيلول، هاجمت إيران المناطق الكردية في شمال العراق بصواريخ باليستية وطائرات مسيرة.

في أكتوبر/ تشرين أول، شاركت السعودية معلومات استخباراتية مع الولايات المتحدة، حذرت فيه من هجوم وشيك على أراضي السعودية، فيما تشعر الرياض بقلق متزايد من أن علاقتها المشحونة حاليًا مع الولايات المتحدة قد تجعلها أكثر عرضة للهجوم الإيراني.

ووفق التحليل، فإن الصمت السعودي الرسمي بشأن الاحتجاجات الإيرانية يتناقض مع الموقف غير الرسمي الأكثر نشاطًا إلى حد ما.

ويرجح التحليل أن يكون الديوان الملكي في السعودية قائم على تمويل قناة "إيران انترناشيونال"، وهي قناة تلفزيونية فارسية مقرها لندن، تم إنشاؤها عام 2017 كمحطة معارضة، وتبث صور الاحتجاجات.

وعلى الرغم من حظر إيران أطباق الأقمار الصناعية، إلا أن ما يقدر بنحو 70% من الأسر في الدولة الفارسية  تمتلك واحدة، وأصبحت قناة "إيران انترناشونال" مصدرًا حيويًا للمعلومات سواء داخل البلاد أو في الشتات.

وبموازاة ذلك، دعت الجمهورية الإسلامية، السعودية، مراراً إلى إغلاق المحطة.

والشهر الماضي، قال القائد العام للحرس الثوري الإيراني "حسين سلامي": "هذا هو تحذيرنا الأخير، لأنكم تتدخلون في شؤوننا الداخلية من خلال هذه الوسائل..أنت متورط في هذا الأمر وتعلم أنك معرض للخطر".

وتكرر التحذير ذاته من قبل المستشار العسكري للمرشد الأعلى اللواء "يحيى صفوي"، واعتقلت السلطات الإيرانية امرأة متهمة بصلتها بالمحطة.

وخلص التحليل إلى أن الدرس النهائي الذي تعلمته المملكة وقادتها من ثورة 1979، هو أن التداعيات الجيوسياسية من التغييرات القادمة داخل إيران سوف تغمر المنطقة. وأي فترة انتقالية ستكون فوضوية.