التحالف السعودي مزق وحدة اليمن وجعلها دويلات
تناولت صحيفة “واشنطن بوست” الأمريكية وضع اليمن بشكل مفصل، وكيف أن الحرب التي يخوضها التحالف الذي تقوده السعودية قد دمرت هذا البلد بشكل كامل تقريباً، وأكدت الصحيفة الأمريكية أن اليمن كدولة لم يعد موجوداً وسط صراع دول على دويلات بات لها فعل الأمر الواقع، خاصة أن الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي وحكومته لم يعد لهما أي تأثير على الأرض. ويقول موفد صحيفة”واشنطن بوست” الأمريكية إلى المكلا، كريم فهمي، إن هذه المدينة التي كانت في قبضة تنظيم القاعدة حتى 2016، تمت استعادتها من قبل قوة أشرفت عليها الإمارات، لكن بعد مرور عامين ما زالت الحكومة غائبة.
وأشارت الصحيفة الأمريكية إلى أن محافظ المدينة فرج فرجاني يعتمد على الإيرادات المحلية لتسوية أمور المدينة، وما يُقدم له من دعم مالي. وباتت المدينة تعيش حالة من الفوضى بعد استعادة السيطرة عليها، خاصة في ظل انتشار الميليشيات وانفلات السلاح، مثلها مثل كثير من المدن التي تمت استعادتها سواء من القاعدة أو الحوثيين. واعتبرت الصحيفة أن تفكك اليمن هو أكبر التحديات التي تواجه سياسة واشنطن، التي دعمت حكومة هادي في محاولته لاستعادة الوحدة، لكن الأخير قضى معظم وقته خارج البلاد وتحديداً في السعودية بعد الإطاحة بحكومته. وأكّدت أنه “لا يحضى بشعبية، ولم يتمكن من إزاحة المتمردين (الحوثيين) أو حتى تأكيد سلطته بشكل حاسم في المناطق التي تسيطر عليها حكومته اسماً”. وأعربت “واشنطن بوست” الأمريكية عن شعور الولايات المتحدة بأن حالة الفوضى “ستؤدي إلى تمكين القاعدة في شبه جزيرة اليمن، وهي إحدى أخطر الجماعات المتطرفة”.
اليمن كدولة لم يعد موجوداً
وكان خبراء الأمم المتحدة قالوا في وقت سابق: إن “اليمن كدولة لم يعد موجوداً”، وبدلاً من ذلك “هناك دويلات متصارعة، ولا يوجد جانب واحد يملك الدعم السياسي أو القوة العسكرية لتوحيد البلاد أو تحقيق النصر”.
أضف إلى ذلك فقد حذّر مسؤول الشؤون الإنسانية في الأمم المتحدة، قبل ثلاثة أيام ، من أن المنظمات الدولية “تخسر معركتها ضد المجاعة” في اليمن. وتشير الإحصائيات إلى أن 3.5 مليون شخص مرشحون قريباً للحاق بثمانية ملايين آخرين يواجهون بالفعل خطر المجاعة. وأدى انهيار قيمة العملة في اليمن، إلى ارتفاع حاد في الأسعار، وأدى تجدد القتال إلى تفاقم ما تعتبره الأمم المتحدة “أسوأ أزمة إنسانية في العالم”. وشدد مساعد الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية، مارك لووكوك، أمام مجلس الأمن الجمعة قائلاً: “إننا نخسر معركتنا ضد المجاعة”، أمامنا بالفعل الآن مناطق تعاني ظروفاً شبيهة بظروف المجاعة، من بينها حالات يأكل في فيها الناس أوراق الشجر لأنهم لا يجدون أي نوع من أنواع الغذاء”.
لن يستقر اليمن الجديد
ومن جانب آخر يقول مسؤولون أمريكيون إنهم يدفعون أطراف الصراع في اليمن إلى طاولة المفاوضات، التي وصفها وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو بأنها أولوية للأمن القومي الأمريكي. لكن الولايات المتحدة، كما ترى “واشنطن بوست”، أبعد ما تكون عن الحياد في صراع اليمن؛ فهي تدعم تحالف السعودية والإمارات الذي أباد البشر وحطم الحجر وقلع الشجر بذريعة قتال الحوثيين. وقد فشلت جهود السلام بشكل متكرر خلال السنوات الثلاث الماضية. وفي ظل تواصل القتال فإن الإحساس بالتماسك الوطني “يتبخر”. ويقول بدر باسلمه، وزير النقل اليمني السابق الذي يعيش في المكلا، عاصمة حضرموت، كبرى محافظات البلاد، إن “اليمن القديم لن يعود أبداً، لقد تم استبدال الدولة المركزية بالحكم الذاتي الإقليمي، والسؤال الأكثر إلحاحاً الآن: كيف سيستقر اليمن الجديد؟”. وتضيف الصحيفة الأمريكية أن الكثير من اليمنيين يناقشون هذه الأيام إن كان الانقسام سيكون نعمة عليهم، أو أن العكس هو ما سيحصل.
الإمارات تعمل على تفكيك اليمن
في وقت سابق، ذكر تقرير لوكالة أسوشييتدبرس الأمريكية، أن “الإمارات والسعودية قامتا بدفع أموال طائلة لمقاتلي تنظيم القاعدة للانسحاب من مناطق سيطروا عليها، كما تم السماح لهم بسحب سلاحهم الثقيل من تلك المناطق”. وبعد عامين من استعادة المكلا “لا يبدو أنها على استعداد للعودة إلى الدولة اليمنية، فهي تتصرف كدولة مستقلة محمية من الإمارات التي بنت العديد من القواعد العسكرية فيها”.. ويقول مسؤول محلي رفض الكشف عن اسمه، إن القوات المدعومة من الإمارات تجاهلت وقامت مراراً وتكراراً بأنشطة عسكرية دون التنسيق مع حكومة هادي، ما تسبب في حدوث مواجهات.
وتابع: “لا توجد سياسة واضحة؛ في جنوب اليمن ظهرت وحدات يدعهما التحالف، بل إن بعض تلك القوات قاتلوا علانية قوات منصور هادي”. إن السؤال التالي: “من يسيطر على المناطق والمدن اليمنية ؟” بات يطرح بقوة في ظل التباين الواضح بين مختلف أطراف الصراع، وهو ما أدى إلى أن كثيرين من أصحاب المصانع والعمال والطبقة العاملة لا يعرفون إلى أين يلجؤون لطلب المساعدة أو حتى الحماية.
وتصف الصحيفة الأمريكية المكلا بأنها “تمثل نموذجاً من طبيعة الصراعات التي تجري حتى في المناطق المحررة، فهنا مثلاً لا يكفي أن تحصل على إذن من جهة حكومية رسمية، وإنما يحتاج الأمر إلى موافقة من القاعدة العسكرية التابعة للإمارات”.
ارسال التعليق