السعوديون يوسعون استثماراتهم في تركيا
في ظل تمسك أنقرة بموقفها من قتل الصحفيّ جمال خاشقجي داخل قنصلية بلاده في إسطنبول يوم الثاني من أكتوبر الماضي، وإصرارها على كشف المسؤول الأول عن تنفيذ الجريمة، ارتفعت وتيرة ردات الفعل السعودية لمحاولة مواجهة هذا الإصرار التركي؛ لذلك قادت السعودية حملة تشويه للسياحة التركية. وطالبت الحملة السعوديين بمقاطعة المنتجات التركية، وعدم السفر إلى تركيا، في ظل الأزمة القائمة بين البلدين، ومحاولة الضغط على تركيا اقتصادياً.
هذا الأمر أيضاً دفع الصحف السعودية إلى إفراد صفحاتها الأولى بعناوين تتحدث عن تأثير مقاطعة السعوديين للسياحة التركية في زعزعة أركان الاقتصاد التركي؛ فعلى سبيل المثال كانت هذه العناوين لصحيفة عكاظ السعودية وغيرها “تركيا تصيح.. السعوديون قاطعونا”، “السعوديون يُلقّنون أردوغان درساً، وأنقرة تعترف”.
ومعظم هذه التقارير ربطت الانخفاض المحدود في عدد السياح السعوديين الوافدين إلى تركيا هذا العام بتدهور مؤشرات الاقتصاد التركي، وبسياسة الحكومة التركية تجاه السعودية، متغافلةً عن الأرقام المتزايدة للسياح العرب من الدول الأخرى خلال الفترة نفسها، ومتناسية حالة الانكماش والتدهور التي يعاني منها الاقتصاد السعودي (في ظل تبني الحكومة سياسات تقشفية) بعد انخفاض أسعار النفط.
وبعيداً عن التجاذبات السياسة، واستناداً إلى الأرقام والإحصائيات الرسمية، هل لدى السعودية أدوات اقتصادية مباشرة تشكل خطراً على الاقتصاد التركي؟.
يعتبر السعوديون من أكثر الأجانب امتلاكاً للعقارات في السوق التركي خلال السنوات الأخيرة بعد العراقيين. ووفق تقارير هيئة الإحصاء التركية، وبلغ إجمالي العقارات المملوكة للسعوديين في السنوات الثلاث الأخيرة 9802 عقار، تعود ملكيتها في المعظم للقطاع الخاص والعائلات.
وفي ظل ارتفاع وتيرة الأزمة الدبلوماسية بين الطرفين، وبالرغم من حملات المقاطعة التى تقودها المملكة للتأثير على المواطنين بعدم الذهاب إلى تركيا وشراء العقارات فيها؛ ارتفع شراء السعوديين للعقارات في تركيا من 977 عقاراً خلال الأشهر الخمسة الأولى من العام الماضي ليصل إلى 992 عقاراً في نفس الفترة من العام الحالي.
وفي ظل استمرار حالة عدم الاستقرار والضبابية المحيطة بالسوق السعودي، ورغبة المواطنين السعوديين في توزيع مدخراتهم، فلن يكون سهلاً الاستغناء عن سوق العقارات التركي للسعوديين، خاصةً أنه يمثل بيئة آمنة لهم، وهذا ما أثبتته الأرقام الرسمية.
وتروج التقارير السعودية لحدوث انخفاض كبير في القطاع السياحي بتركيا عام 2019، مرجعةً السبب إلى سياسة الحكومة الخاطئة، وارتفاع عدد حالات الاعتداء على السياح الخليجيين عموماً، والسعوديين خصوصاً، ولكنها في الوقت نفسه تتجاهل الأسباب الاقتصادية التي يعانيها المواطن السعودي، وكان لها دور أساسي في تقليل إنفاق المواطن السعودي على السياحة بصفة عامة، إضافة إلى خوف المواطنين من مخالفة التعليمات الحكومية المتعلقة بهذا الخصوص.
ارسال التعليق