القدس في القلوب وخيانة للقضية عمرها قرن وسذاجة بعض الشارع السعودي
حسن العمري
فجرت تصريحات وزير الثقافة والإعلام السعودي عواد العواد الأخيرة التي نقلتها صحيفة "الرياض" يوم الأثنين 17 ديسمبر الجاري، مفاجأة من العيار الثقيل للسذج من ابناء شعبي وذوي النفوس الضعيفة وهو يقول أن "القدس في قلب الملك سلمان وولي عهده الأمين.. وهي قضية راسخة في سياسة السعودية".
التصريح هذا الذي يسخر بكل ما للكلمة من معنى من العقل السعودي قبل غيره، والدعوة التي قدمها وزير الاستخبارات الاسرائيلي "يسرائيل كاتز" الى ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان بزيارة فلسطين المحتلة، أستوقفني لأتصفح تاريخ خيانة آل سعود للقضية الفلسطينية منذ قرن مضى أي منذ قبل وعد بلفور الأول وحتى وعد بلفور الثاني أو صفعة القرن للمساومين والمنبطحين - حسبما أسماه محمود عباس رئيس السلطة الفلسطينية في خطابه أمام القمة الاسلامية الإستثنائية في تركيا قبل أيام .
وزير الخارجية السعودي عادل الجبير قالها على المكشوف خلال مقابلة مع قناة فرانس 24 مساء الخميس ان الرياض تمتلك خارطة طريق لاقامة علاقات دبلوماسية كاملة مع كيان الاحتلال الاسرائيلي. وتأتي تصريحات الجبير بعد يوم واحد فقط من دعوة وزير الاستخباراتي الاسرائلي "يسرائيل كاتس" لسلمان ونجله لزيارة فلسطين المحتلة، ما يكشف عمق العلاقة الاستراتيجية القائمة بين الرياض وتل ابيب والتي تعود لبداية القرن الماضي أي منذ أن ايدهم الملك المؤسس عبد العزيز في السيطرة على أقدس أرض عربية لتكون دويلة لهم وكأنه ملك آل سعود.
تاريخ آل سعود طويل ومليء بالسوداوية والظلم والخيانة والإجرام أهم ركائز حكمهم على رقاب شعبي المغلوب على رأيه منذ عقود، فهو الوليد التوأم للدويلة اليهودية ولهما تعاون وثيق وراء الكواليس منذ بدايات القرن الماضي يستفيد أحدهما من الآخر كلما أقتضت الضرورة لتمرير مخططاتهم الشيطانية ضد الأمة والمنطقة - وفق دراسة جديدة لمركز بيغن- السادات التابع لجامعة تل أبيب، مضيفاً أنّه يتحتّم على الرياض وتل أبيب بذل قصارى جهدهما للتعاون مع القوى العظمى خاصّةً الولايات المتحدة، في محاولة لتحول التوازن الاستراتيجيّ نحو مصالحها المتساوقة.
السعودية اختارت منذ عدة سنوات طريق التطبيع مع "اسرائيل"، والقيادة السياسية والعسكرية والأمنية في تل أبيب، أدركت أن الخروج بالعلاقات مع الرياض الى العلن بات هدفاً ملحاً يجب تحقيقه سريعاً في ظل التطورات الأخيرة في المنطقة، لجهة التنسيق والتحالف، لـ«مواجهة الأخطار المشتركة»؛ وفق ما كشف عنه مايك بومبيو مدير وكالة الاستخبارات الأميركية (CIA) في ندوة له بمنتدى "ریغان" السنوي للدفاع جنوب کالیفورنیا قبل أسبوعين، نقلته صحیفة "جیروزالیم بوست" الإسرائیلیة.
الرئيس الاسرائيلي "حاييم وايزمان" نقل في مذكراته عن رئيس الوزراء البريطاني في 11/3/1932، إن "انشاء الكيان السعودي هو مشروع بريطانيا الاول... والمشروع الثاني من بعده انشاء الكيان الاسرائيلي بواسطته"، وجون فيلبي كبير الجواسيس البريطانيين في الجزيرة العربية يقول في مذكراته "حملني عبد العزيز رسالة الى بن غوريون جاء فيها: «الأخ بن غوريون، لن ننسي فضل أمنا وأبونا بريطانيا العظمى، كما لم ننس فضل أبناء عمنا اليهود في دعمنا وفي مقدمتهم السير برسي كوكس، وندعو الله ان يحقق لنا أقصي ما نريده ... لتمكين هؤلاء اليهود المساكين المشردين في أنحاء العالم لتحقيق ما يريدون من مستقر لهم يكفيهم هذا العناء.
ليس ثمة استغراب في مسيرة العلاقات السعودية ـ الاسرائيلية الحاضرة لمن له أدنى تأمل في تاريخ آل سعود، خاصة وإن التاريخ لا يمكن أن ينسى ما قامت به الأسرة السعودية عام 1936 في إخماد الثورة الفلسطينية ومهدت لاحتلال فلسطين ونكبتها عام 1948، عندما بعث عبد العزيز برقية للثوار سميت "النداء" حثهم فيها على إيقاف الثورة، فكانت بداية الضربة القاصمة للشعب الفلسطيني حملت في طياتها سموم الأمل الزائف والفرقة خدمة للصديقة بريطانيا وتمكيناً لقيام الكيان الاسرائيلي.
المراقبون للشأن الفلسطيني أعتبروا البرقية (النداء) التي أوفد معها أبنه فيصل ومن قبله سعود الى القدس للتأكد من إيقاف الثورة الفلسطينية، بداية المساومات والتنازلات في القضية الفلسطينية على حساب الشعب الفلسطيني المضطهد - حسب تقرير منظمة التحرير نشرته صحيفة(آخر ساعة) المصرية.. "هي التي استطاعت أن تجهض الروح الكفاحية العالية للشعب الفلسطيني التي سادت طوال سنوات، وكانت المحاولة الأولى لسحب القضية الفلسطينية من تحت أقدام أبنائها ودفع النضال الفلسطيني بعيداً عن مرتكزاته الفعلية"؛ وبعد إعتلائه العرش صرح الملك السعودي فيصل لصحيفة «واشنطن بوست» في 17 أيلول 1969 «إننا واليهود أبناء عم خُلَّص ولن نرضى بقذفهم في البحر، بل نريد التعايش معهم بسلام».
استمر الدور الخياني والتآمري لآل سعود إذ اجتمع الزعيم البريطاني تشرشل مع الملك عبد العزيز في 17 شباط 1945، أوضح فيه تشرشل قرب موعد تنفيذ سيطرة اليهود على فلسطين، وماذا سيكون دور الملك عبد العزيز من أجل ذلك، كما أن تشرشل شكر الأخير على دوره في إجهاض الثورة الفلسطينية عام 1936؛ ثم كان دورهم التآمري على فلسطين من خلال العدوان على الدول العربية الداعمة لفلسطين بشواهد كثيرة، منها الوثيقة التي حملت تاريخ 27 كانون الأول 1966، والرقم 342 من أرقام وثائق مجلس الوزراء السعودي، أي قبل عدوان حزيران 1967 وهي رسالة الملك فيصل الى الرئيس الأمريكي جونسون جاء في جانب منها «…ومما عرضنا بإيجاز يتبين لكم أن مصر هي العدو الأكبر لنا جميعاً، لذلك فإنني أبارك ما سبق للخبراء الأمريكان في مملكتنا ما اقترحوه، لأتقدم بالاقتراحات الآتية: أن تقوم أمريكا بدعم «إسرائيل» بهجوم خاطف على مصر...» .
تواصل دور آل سعود في مسلسل الخيانة العربية للقضية الفلسطينية على طول العقود الماضية، حيث الضغط على الجانب الفلسطيني في تقديم المزيد من التنازلات للمحتل، منها دورهم في اتفاقيتي كامب ديفيد واوسلو، وكذا المقترح الأخير لمحمد بن سلمان على محمود عباس بقبول "أم ديس" عاصمة لفلسطين بدلاً من القدس وما تمخض بعد ذلك من قرار الرئيس الأمريكي ترامب الاعتراف بالقدس المحتلة عاصمة أبدية للكيان الاسرائيلي، فما كان من الجانب السعودي إلا إلتزامه الصمت والعمي سياسياً واعلامياً وحتى منابره الدينية التي حرمت من قبل حتى التظاهر دعماً لقضية الأمة الأولى .
تظاهرات الرفض الاسلامي- الفلسطيني المليونية لوعد بلفور الثاني الأمريكي - السعودي قائمة على قدم وساق في غالبية الدول العربية والاسلامية بإستثناء السعودية وأخواتها كونها حرام وفق فتوى مفتي السعودية عبد العزيز آل الشيخ؛ ثم المليونية الغاضبة في غزة والأراضي مستمرة دون وكلل تتخللها هتافات التندید بقرار ترامب والکیان الاسرائيلي واخرى ضد السعودیة بتهمة العمالة والخیانة للقضیة الفلسطینیة، يحرق فيها المشاركون علمي امیرکا و"اسرائيل" ودمى "ترامب" وصور سلمان ونجله ويحملون يافطات كتب عليها "تسقط مملکة آل سعود"؛ وهو ما أغضب السذج من أبناء شعبي ليطلقوا على مواقع التواصل الاجتماعي هاشتاغ "#السعوديون_يغضبون_لملكهم# مطالبين باعتذار رسمي فلسطيني من سلطتي رام الله وغزة، والجبير يعترف بالحرف الواحد أن أرعن آل سعود ذاهب للتطبيع بالكامل وإنهاء القضية الفلسطينية... يا أمة ضحكت من جهلها الأمم .
ارسال التعليق