بدء سريان قرار زيادة ضريبة القيمة المضافة بمملكة آل سعود
التغيير
بدأ، الأربعاء، سريان قرار حكومة آل سعود بزيادة الضريبة على القيمة المضافة من 5 إلى 15 بالمئة (ثلاثة أضعاف).
ويأتي تطبيق قرار مضاعفة ضريبة القيمة المضافة ثلاث مرات في خضم حملة تقشف تسببت بها أسعار النفط المتراجعة والإغلاقات المرتبطة بفيروس كورونا المستجد.
وأفاد تجّار هذا الأسبوع بحصول زيادة كبيرة في عمليات البيع، من المنازل إلى السيارات والأدوات الكهربائية والذهب وغيرها، لتفادي الضريبة الجديدة في الدولة النفطية الثرية التي تواجه مصاعب اقتصادية كبرى.
وكانت مملكة آل سعود، صاحبة أكثر اقتصاد في المنطقة، قادرة على تمويل مشاريع ونفقات ضخمة من دون أية ضرائب طوال عقود، لكن انهيار أسعار النفط بدءا من 2014 أجبرها على تغيير استراتيجيتها.
وبدأت تحصيل الضريبة على القيمة المضافة في 2018 وسط عجز مستمر في الميزانيات السنوية في فترة ما بعد انهيار الأسعار الخام، وفرضت ضرائب أخرى بينها رسوم إقامة إضافية على الاجانب.
وبينما كانت تعلّق أداء العمرة، المناسك التي تدر عليها المليارات سنويا، وتغلق المتاجر والمساجد والأعمال وحركة النقل خوفا من تفشي فيروس كورونا المستجد، أعلنت أنّ هذه الاغلاقات ستتسبب بالتزامن مع تراجع أسعار النفط بمصاعب اقتصادية غير مسبوقة.
وتوقع صندوق النقد الدولي أن ينكمش إجمالي الناتج المحلي لمملكة آل سعود، أكبر مصدّر للنفط في العالم، بنسبة 6.8 في المئة هذا العام، في أسوأ أداء له منذ ثمانينيات القرن الماضي.
وقال مدّرس في الرياض: "مكيف هواء، تلفزيون، والكترونيات، كلها اشتريتها قبل أسبوع من دخول الضريبة الجديدة حيز التنفيذ".
وتابع "لن أكون قادرا على شرائها بعد الأربعاء".
وعند حدود آل سعود مع الإمارات، تكدست السيارات فوق شاحنات النقل طوال أسبوعين في محاولة لدخول المملكة قبل الضريبة الجديدة.
وقال سائق حافلة الثلاثاء "أنا هنا منذ يومين أحاول إنهاء الأوراق والدخول".
وتظهر حملة التقشف أن الإنفاق الكبير في مملكة آل سعود أصبح شيئا من الماضي.
وتخالف هذه الإجراءات الصارمة عرفا اجتماعيا معتمدا منذ عقود كان ينعم المواطنون بموجبه بإعانات وإعفاءات من الضرائب ورخاء، تقدمها الدولة مستخدمة عائداتها الكبيرة من الثروة النفطية.
حملة تقشف
اجتذبت مراكز التسوق في المملكة حشوداً كبيرة في الأيام الأخيرة حيث عرض تجار التجزئة "مبيعات قبل الضريبة على القيمة المضافة" وخصومات قبل بدء الارتفاع.
وقال عاملون في متجر للذهب في الرياض إنّ المبيعات شهدت قفزة بنسبة 70 في المئة في الأسابيع الاخيرة، في حين أن تجارة السيارات شهدت ارتفاعا بنسبة 15 في المئة.
ومع تطبيق الأسعار الجديدة، تتوقع الشركات انخفاض المبيعات، من السيارات إلى مستحضرات التجميل والأجهزة المنزلية وغيرها.
وتوقّعت مؤسسة كابيتال إيكونوميكس الاستشارية ارتفاع التضخم إلى 6 بالمئة في تموز/يوليو من 1.1 بالمئة في أيار/مايو.
وقالت في تقرير "الحكومة أنهت إغلاق البلاد (في حزيران/يونيو) وهناك دلائل على أن النشاط الاقتصادي بدأ في التعافي"، لكن "مع ذلك ، نتوقع أن يسير التعافي ببطء في ظل تدابير التقشف المالي".
كما تخاطر المملكة بخسارة المنافسة التجارية أمام دول الخليج الأخرى، بما في ذلك حليفتها الرئيسية الإمارات، وهي دول أدخلت ضريبة القيمة المضافة بنسبة 5 بالمئة في نفس الوقت لكنها امتنعت حتى الآن عن زيادتها.
وقال طارق فضل الله الرئيس التنفيذي لقسم الشرق الأوسط في شركة نومورا لإدارة الأصول إن المملكة "تقدم على مخاطر هائلة من خلال السياسات المالية الانكماشية".
ولا تملك مملكة آل سعود خيارات كثيرة في ظل تراجع أسعار النفط.
فقد تلقت إيراداتها المالية ضربة أخرى مع تقليص السلطات بشكل كبير أعداد الحجاج هذا العام، من 2.5 مليون حاج العام الماضي إلى حوالي ألف فقط بسبب المخاوف من تفشي الفيروس الذي تسبب بوفاة أكثر من 1600 شخص في المملكة من بين نحو 200 ألف إصابة مسجلة.
وتدر مناسك الحج والعمرة 12 مليار دولار سنويا على خزينة الدولة.
وبحسب وسائل الإعلام الحكومية، فإن حملة التقشف ستضيف لخزائن الدولة حوالى 100 مليار ريال (26.6 مليار دولار). لكن من غير المرجح أن تسد عجز الميزانية الضخم في المملكة.
وتتوقع مجموعة "جدوى" للاستثمار أن يرتفع العجز إلى مستوى قياسي قد يبلغ 112 مليار دولار هذا العام.
ارسال التعليق