ترامب الرئيس الذي لا ينهب النفط العربي فقط بل يُحدّد كمياته وسعره
فإن كانت أميركا في السنوات الماضية تنهب النفط العربي عبر شركاتها النفطية، وهي مَن تُحدّد أسعاره وتُحدّد مَــن هي الشركات التي تنهبه ومَـن التي يجب منعها لحسابات اقتصادية أميركية، فإنها اليوم في الزمن (الأميركي الترامبي الجَشِـع) أضحتْ تتّخذ من النفط العربي سلاحاً سياسياً لمصلحتها، بل ولمصلحة حليفتها المُدلّلة إسرائيل بدرجة أساسية، وتتّخذ من هذا النفط أداة قتال إسرائيلية في غمرة صراعها مع إيران.
لم يكُن الرئيس الأميركي دونالد ترامب مُتباهياً وهو يعلن تلبية الملك السعودي سلمان بن عبدالعزيز لدعوته بزيادة حصّة المملكة من إنتاج النفط بنسبة مليون برميل سعودي يومياً -بحسب وكالات أنباء دولية، ومليوني برميل بحسب ترامب نفسه- لكونه أي ترامب يعلم أن مطالبه لن تُرفَض من الجانب السعودي، كون هذا الأخير ينظر إليها باعتبارها أوامر ترامبية واجبة التنفيذ وليست مجرّد طلبات يمكن النظر فيها، كما يعلم أن قول كلمة: "لا" بوجه حاكم البيت الأبيض سيكون مُكلفاً للمملكة كما درجت العادة خلال عشرات السنين، حين كان يحكم البيت الأبيض رؤساء أميركيون معتدلون في تخاطبهم ويتحلّون بشيء من الاحترام مع دوائر الحُكم في الرياض، فكيف سيكون الحال السعودي إن تجرّأ وقال "لا "والبيت يحكمه أوقح وأجشع رئيس في تاريخ الولايات المتحدة؟.
تصريح ترامب الذي أورده السبت فور انتهائه من مُكالمة هاتفية مع الملك السعودي بتغريده له على تويتر قال فيه: (تحدّثت للتوّ مع الملك سلمان من المملكة العربية السعودية وأوضح له أنه بسبب الاضطرابات والـdisfunction في إيران وفنزويلا، وأنا أطلب من السعودية زيادة إنتاج النفط، وربما يصل إلى 2,000,000 برميل، لتشكل فرق الأسعار المرتفعة لقد وافق).
من جانبها لم تجد الرياض بدّاً من الإعلان عن هذه المُكالمة مع شعورها بالحرج من الإفصاح صراحة عما اتفّقَ عليه الزعيمان، واكتفت بنشر خبر خجول ومُبهَم العبارات في موقع وكالة أنبائها الرسمية "واس" التي قالت: (..وأكّد الزعيمان ضرورة بذل الجهود حفاظاً على استقرار أسواق النفط ونمو الاقتصاد العالمي، بالإضافة إلى المساعي التي تقوم بها الدول المُنتجة لتعويض أيّ نقص مُحتمَل في الإمدادات).
ما يعني ذلك أن الطلب" الأمر" الأميركي الموجّه للمملكة والذى أتى بعد أيام من اتفاق منظمّة أوبك على زيادة بالإنتاج بنسبة تصل إلى 700 ألف برميل يومياً بعد ضغوط أميركية، أتى أي طلبه من الملك سلمان- لحسابات سياسية بحتة وليس فقط لحسابات اقتصادية أميركية، حسابات سياسية تندرج في خانة العداء الأميركي لكل من إيران وفنزويلا. فترامب الذي يبدو فعلاً أنه الحاكم الفعلي لمنظمة أوبك - كما قال أحد قادة الشرق الأوسط قبل أيام- يضغط على حلفائه بعدد من الدول المستورِدة للنفط الإيراني مقاطعة النفط الإيراني والفنزويلي، أراد بطلبه هذا تجاوز عقبة نقص النفط - المُحتَمل - بالأسواق العالمية جرّاء المقاطعة المُفترَضة، ولم يجد مَــن يغطّي هذا النقص ويلبّي الطلب"الأمر" الأميركي غير الشريك السعودي المُــطيع.
كما يعني ذلك بالضرورة أن ترامب يُحارب الخصم الإيراني لمصلحة إسرائيل التي تحتل أراض عربية منها القدس الشريف وتدوس ليل نهار على حُرمة المسجد الأقصى، بالمال والنفط الأميركي ولا حتى بالمال الإسرائيلي بل بالمال والنفط العربي والسعودي تحديداً.!
فإن كانت أميركا في السنوات الماضية تنهب النفط العربي عبر شركاتها النفطية، وهي مَن تُحدّد أسعاره وتُحدّد مَــن هي الشركات التي تنهبه ومَـن التي يجب منعها لحسابات اقتصادية أميركية، فإنها اليوم في الزمن (الأميركي الترامبي الجَشِـع) أضحتْ تتّخذ من النفط العربي سلاحاً سياسياً لمصلحتها، بل ولمصلحة حليفتها المُدلّلة إسرائيل بدرجة أساسية، وتتّخذ من هذا النفط أداة قتال إسرائيلية في غمرة صراعها مع إيران، أي أن النفط العربي بات السلاح الأمضى الذي يمنحه الحكّام العرب بسخاء لأعدائهم تحت غطاء مُهترئ "اسمه الحماية الأميركية" ليرتد بالنهاية إلى نحورهم أو بالأحرى إلى نحور شعوبهم العربية المنهوبة.!
فترامب الذي يُمسِكُ دائماً بآلته الحاسبة بكل حركاته وسكناته لم ولن يكتفي بابتزاز شركائه العرب ونهب ثرواتهم النفطية والمالية وإذلالهم بموضوع حمايتهم من البُعبع الإيراني مثلما لم يكتفِ بالنصف ترليون دولار الذي عاد به من الرياض العام الماضي، بل سيظلّ يمارس هوايته الابتزازية النبهوية ولغته الفجّة والمهينة حيال شركائه العرب، وسيستمر يرضع البقرة العربية حتى آخر قطرة حليب، وسيمرّر مشروعه الخطير "صفقة القرن" بأريحيّة تامة للإجهاز على القضية الفلسطينية طالما استمر الحكّام العرب يعنون برؤوسهم أمام أقدام الحاكم الأميركي ويصفّــقون لـ(صفقته) ويبيعون له ثرواتهم وإرادتهم السياسية والسيادية.!
ارسال التعليق