دعم أمريكا للرياض يضر بأمنها (مترجم)
أعلنت السعودية وحلفاؤها عن مطالبهم الثلاثة عشر الأسبوع الماضي، وهي شروط لإنهاء الحصار المفروض على قطر وحل الأزمة الإقليمية الأكثر أهمية منذ حرب الخليج.
يذكر أن السعودية ومصر والإمارات والبحرين قطعت علاقتها الدبلوماسية كاملة مع قطر، في خطوة غير مسبوقة، أدت إلى تصاعد التوتر الإقليمي، وقد تسببب الحصار السعودي في نقص الغذاء والوقود، وكذلك خفض عدد الرحلات الجوية القطرية، حيث يخشى الكثير من سكان قطر الانفصال عن أسرهم وفقدان وظائفهم.
طلب التحالف الذي تقوده السعودية تعويضًا ماديًّا دون حدود وإغلاق قناة الجزيرة، وطبق الحلفاء المثل العربي “لا يرغب في إعطائه ابنته للزواج، فبالغ في مهرها”، حيث إن المطالب مستحيل تحقيقها.
تشجع التحالف على أخذ هذه الخطوة ضد الدوحة، لأنه في مايو الماضي وخلال زيارته للعاصمة السعودية الرياض، تحدث الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، عن مكافحة الإرهاب في المنطقة، واتهم الحلفاء قطر بدعمها الإرهاب، ولكن ترامب ووزير الخارجية الأمريكي ريكس تيليرسون، يدركان جيدًا عدم دقة هذه الادعاءات، ويحاول الأخير إنهاء الحصار.
ويتفق المراقبون أن العوامل المحفزة لعزل قطر كانت نتيجة لمجموعة من القضايا المعقدة والاستياء العام منها، نتيجة سياستها الخارجية، ولكنهم لجؤوا للادعاء المزعوم بدعمها التطرف.
كما لاحظ جيمس دورسي، زميل أول في جامعة راجاراتنام للدراسات الدولية في سنغافورة، مؤخرًا أن الشروط السعودية الإماراتية يبدو وأنها استبعدت كثيرًا دعوة وزارة الخارجية الأمريكية إلى أن تكون شروط رفع الحصار الدبلوماسي والاقتصادي “معقولة وقابلة للتنفيذ”، والواقع أن مجموعة المطالب التي قدمها التحالف بقيادة السعودية مصممة بشكل واضح على عدم السعي للتوصل إلى حل سلمي، بل إلحاق تعويضات عقابية ومفتوحة، في محاولة لتشويه الجارة الصغيرة.
وبينما سافر وزير خارجية قطر إلى واشنطن هذا الأسبوع، فقد حان الوقت للولايات المتحدة أن تحل هذا الخلاف قبل أن تتصاعد الأزمة، كما أنها فرصة لتجديد الجهود ضد التطرف أينما وجد.
على الرغم من أن السعودية والإمارات وحلفاءهما بالغوا في أسباب عزل قطر، فإن العواقب غير المقصودة لإعادة تركيز الجهود الأمريكية على التطرف في الخليج يمكن أن تحدث تغييرًا حقيقيًّا، وإذا كان الرئيس ترامب وإدارته ملتزمين حقًّا بهذه المسألة، فقد حان الوقت الآن للعمل.
ومن المفارقات استمرار الدعم المقدم من قطر، والذي يعد جزءًا أساسيًّا في الحرب على المتطرفين، كما أن الدوحة تستضيف أكبر قاعدة عسكرية أمريكية تحتوي على أحد عشر ألف جندي أمريكي، مما يجعلها موقعًا حاسمًا في الحرب على داعش، وخلال عام 2016 تم استخدام القاعدة لشن ضربات على العراق وسوريا، وكانت قاعدة رئيسية للحملة الأمريكية على أفغانستان.
وصل التعاون العسكري بين البلدين إلى أعلى مستوى تاريخي له، ليتفق ترامب على بيع طائرات “إف 15” للدوحة بمبلغ 12 مليار دولار، وقد وقعها بعد اتهامها بدعم الإرهاب، مما يوضح الولاءات القوية بين البلدين، والتي من غير المرجح أن تتبدل في المستقبل القريب، وعلاوة على ذلك، قال وزير الخارجية تيلرسون، في الأسبوع الماضي، إن الحصار يعوق بالفعل الحملة على داعش في المنطقة. الدعم الأهم الذي يمكن أن تقدمه الولايات المتحدة هو الأيديولوجي.
أشادت السعودية باتفاق الأسلحة الأخير مع الولايات المتحدة، وقد زادت الصفقات بين البلدين بعد الاتفاق النووي الإيراني، ولكن على واشنطن الموانة واعتماد نهج أكثر دقة، يوازن بين المصالح المتعددة في منطقة الخليج، لأن ما تفعله الولايات المتحدة حاليًّا هو الأكثر خطورة في مرحلة الصراع الإقليمي الحالي والمستقبلي.
ينبغي أن تكون الأحداث الأخيرة بمثابة تذكرة بأن كل دولة في الشرق الأوسط لها جدول أعمال معقد، وهم يتبعون مثل “عدو عدوي صديقي”، فالسعودية ترى أن إيران تشكل تهديدًا كبيرًا لسيادتها، ويتفق معها ترامب، ولكن دعم ترامب للسعودية في عداء طهران سيضر بالولايات المتحدة والعالم الغربي.
لا ينبغي علينا تجاهل أن الأيديولوجية التي تتبعها المنظمات الإرهابية هي الوهابية، والتي تنشرها وتتبعها السعودية، وبغض النظر عن الولاءات مع الرياض، على الولايات المتحدة أن تدعوها لوقف تمويل الكراهية والوهابية في العالم.
وحسمبا يلاحظ المراقبون، فإن الاستنتاج الوحيد للأزمة الخليجية هو إما أن توافق قطر وتسلم نفسها بالكامل للسعودية وتصبح دولة عميلة لها، أو تطرد من مجلس التعاون الخليجي.
ينبغي أن يكون الحل واضحًا، وهو دعوة فريق من الخبراء القانونيين يحظون باحترام دولي، لبحث الادعاءات القائلة بأن قطر تدعم الإرهاب، وإذا ثبتت هذه الأدلة، ندعو القطريين للتعامل معها بشكل صريح وشفاف.
بقلم : ريهام التهامي
ارسال التعليق