سلمان يعفي ابنه محمد من بعض صلاحياته
تحدثت صحيفة “الجارديان” عن قيام العاهل السعودي، الملك سلمان بن عبد العزيز، بتجريد ولي عهده ونجله محمد، من بعض صلاحياته المالية والاقتصادية. وكشفت الصحيفة البريطانية، في تقرير نشرته أمس، أن الملك قد أعفى نجله من تلك الصلاحيات لصالح كبار الوزراء، ويقال إن والده طلبه للحضور في اجتماع مجلس الوزراء الأخير غير أنه لم يحضر. وأشارت الصحيفة إلى أن تغيب ولي العهد محمد بن سلمان عن سلسلة من اللقاءات المهمة غذى الشائعات بوجود خلاف بينه ووالده الملك سلمان، ولم يحضر ابن سلمان، طوال الأسبوعين الماضيين، عدداً من الاجتماعات الوزارية والدبلوماسية رفيعة المستوى. كما أسند الملك سلمان بشكل غير مباشر صلاحياته الاستثمارية لمساعد العيبان، أحد كبار مستشاريه.
ورغم عدم الإعلان عن هذه الخطوة، إلا أن “الجارديان” علمت أن مسؤول الأمن القومي وخريج جامعة هارفارد، مساعد العيبان، سيتولى شؤون الاستثمار والقرارات المتعلقة بالإنابة عن الملك، فيما رفضت السفارة السعودية بواشنطن طلب “الجارديان” التعليق. ويكشف التقرير عن أن العلاقات بين الملك وابنه تتعرض للتدقيق منذ مقتل الصحفي جمال خاشقجي، الذي يعتقد أنه قتل بأوامر من ولي العهد، ما أدى إلى ردة فعل عالمية، وشجب لولي العهد، وهو ما تنفيه الحكومة السعودية. وتفيد الصحيفة بأن المحللين في شؤون الشرق الأوسط انقسموا حول أسباب الخلاف بين الملك وولي عهده، وفيما إن كانت تتعلق بجريمة خاشقجي أو مظاهر القلق من حرب اليمن، مشيرين إلى أنه في الوقت الذي يتفق فيه المراقبون على وراثة ابن سلمان لعرش والده، إلا أنهم يشيرون إلى محاولات الملك الحد من نزعات ابنه المثيرة للجدل، في وقت تتعرض فيه السعودية للنقد والتدقيق. وتنقل الصحيفة عن مصادر قولها إن ابن سلمان لم يحضر مرتين اللقاء الأسبوعي للحكومة، الذي عادة ما يترأسه الملك، بالإضافة إلى أنه لم يظهر بلقاءات مع مسؤولين كبار زاروا المملكة في الأيام الماضية، مثل زيارة وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف.
وتلفت الصحيفة إلى أن ابن سلمان لم يحضر اللقاء الأسبوعي مع المسؤولين الماليين والاقتصاديين، ولقاء بين الملك والمفتي العام، ولقاء مع رئيس منظمة الصحة العالمية، ولقاء مع رئيس الوزراء اللبناني، ولقاء مع سفيري الهند والصين. وأشارت الصحيفة إلى أن متحدثاً باسم الحكومة السعودية في واشنطن رفض التعليق على غيابه، أو تقديم معلومات عن مكان وجوده، ولم يعلق أيضاً على قرار تجريده من بعض مسؤولياته المالية، وتكليف العيبان بمهمة الاستثمارات نيابة عن الملك. وتذكر الصحيفة أن ابن سلمان لم يظهر في أي صور نشرت في الأيام الأخيرة، ولا في البيانات الصحفية، باستثناء بيان صحفي عن مكالمة هاتفية بينه وبين رئيس الوزراء الياباني في الأسبوع الماضي.. وأضافت الصحيفة: رغم تغيب ولي العهد عن لقاءات سابقة، إلا أن مصدراُ مطلعاُ يعمل بالديوان الملكي قال إن هناك دهشة عامة لعدم ظهوره خلال الأسبوعين الماضيين.
وتقول الصحيفة إن الملك بدا منزعجاً من تغيب ابنه عن لقاء الحكومة الثلاثاء الماضي، حيث تمت مناقشة التحديات التي تواجه المملكة، مشيرة إلى أنه في هذا الاجتماع عبر الملك عن قلقه من خسائر المملكة في الاستثمارات، وهو ما دعا إلى إشرافه على القرارات المالية، وضرورة موافقته عليها في المستقبل، واعتبر القرار سارياً ويتعلق باستثمارات المملكة وبقية العقود. ويشير التقرير إلى أن صحيفة “نيويورك تايمز” كشفت انهياراً فوضوياً لاستثمارات السعودية مع مستثمر في هوليوود، الذي قرر وقف التعاون، وأعاد 400 مليون دولار من الاستثمار السعودي عقب مقتل خاشقجي. وتفيد الصحيفة بأن السعودية نفت أي دور لـ ابن سلمان بجريمة قتل خاشقجي، في وقت توصلت فيه المخابرات الأمريكية إلى تقييم يقول إن ولي العهد أصدر أمر القتل، لافتين إلى أن السعودية تواجه نقداً دولياً بشأن انتهاك المعتقلين وتعذيبهم، وبينهم المواطن السعودي الأمريكي وليد الفتيحي، المعتقل دون تهم منذ العام الماضي. وكانت “الجارديان” نشرت الأسبوع الماضي عن نوع من الصدع بين الملك وابنه، حيث ظهر التوتر بقرارين اتخذهما ابن سلمان بعد ساعات من مغادرة والده إلى مصر، وشمل القرارين تعيين ريما بنت بندر سفيرة للمملكة في واشنطن، وتعيين شقيقه الأمير خالد بن سلمان نائباً لوزير الدفاع، ووقع الأمير على القرارين بصفته “نائباً للملك”، مشيرة إلى أنه لم يكن بين المستقبلين عند عودة والده للمملكة.
ويورد التقرير نقلاً عن متحدث باسم السفارة السعودية في واشنطن، قوله إن “تفويض السلطات لولي العهد في حال سفر الملك للخارج أمر معروف، وهو ما حدث عند زيارة الملك لمصر”، وأكد أن القرارات التي اتخذها ولي العهد جاءت بصفته نائباً للملك، وأضاف أن “أي تلميح لخلاف ذلك لا أساس له”. وتبين الجارديان: أن خبراء في الشرق الأوسط يرون أن الحديث عن تصدع في العلاقة بين الملك وابنه مبالغ فيه، وأن ابن سلمان “هو ملك في كل شيء باستثناء الاسم”، مشيرين إلى ما ذكرته الأستاذة في مدرسة لندن للاقتصاد مضاوي الرشيد، إن الملك دعم ابنه في أعقاب مقتل خاشقجي، وسافر معه للمدن السعودية، مرسلاً رسالة قوية بأنه لا يزال يدعم ابنه. وتختم “الجارديان” بالإشارة إلى أن هناك من يقول بأن ابن سلمان ربما تغيب لعدد من الأسباب، وبأن تغيبه لا يعني أنه فقد الدعم من الديوان الملكي.
ارسال التعليق