فرقة النمر: 50 رجلا لملاحقة وتصفية معارضي بن سلمان في الخارج
التغيير
لم يكن المخطط الأول لمحمد بن سلمان منذ توليه الحكم، الارتقاء بالمملكة والدفع بها في مقدمة الدول الحضارية، بل إن أول عمل قام به هو تأسيس فرقة النمر لتنفيذ عمليات اغتيال ضد معارضيه.
وبعد شهور قليلة على تنصيبه عام 2017م، في أعقاب انقلاب ناعم على ولى العهد السابق الأمير محمد بن نايف، شن حملة اعتقالات في صفوف العائلة المالكة ومعارضيه في الداخل، وحاول وضع يده -ترغيبا وترهيبا- على عدد من خصومه في الخارج.
تعرف العالم على فرقة “النمر” بعد التصفية البشعة للصحفي جمال خاشقجي، وتتكون من نحو 50 من عناصر المخابرات والجيش وخبراء الطب الشرعي الذين تم تجنيدهم من مختلف أجهزة حكومة آل سعود.
يقوم أعضاء فرقة “النمر” بعمليات قتل سرية، ويمتلك أعضاؤها خبرات في تحديد الهدف وتصفيته والتستر على الجريمة.
وتتحرك الفرقة بتوجيه وإشراف من محمد بن سلمان ومستشاره السابق سعود القحطاني، وبدعم من بدر العساكر مديرِ المكتب الخاص لمحمد بن سلمان.
وكانت عملية خطف واحتجاز رئيس الوزراء اللبناني سعد الحريري عام 2018م في أحد فنادق العاصمة الرياض، وإجباره بالخروج على بث فيديو على الاستقالة علنا، أولى عمليات الفرقة والقحطاني الذي يتولى رأس مهامها.
وتعتبر عملية قتل وتقطيع لصحفي جمال خاشقجي في 2 أكتوبر/تشرين الأول في قنصلية بلاده بإسطنبول 2018م، من أشهر عمليات الاغتيال التي نفذتها هذه الفرقة حتى الآن.
ولكن المؤكد -وفقا لوسائل إعلام غربية عديدة- أنها ليست عملية القتل الوحيدة التي ارتكبتها تلك الفرقة التي تبدو طريقة عملها ونوع العمليات المعتمدة في تنفيذ جرائمها مثيرة للاهتمام.
وبعد انفضاح أمر جريمة مقتل خاشقجي، خلصت تحقيقات صحفية إلى أن تلك الفرقة السرية التي أُطلق عليها اسم “فرقة النمر”، تشكلت بأوامر قيادات عليا جدا في المملكة، وأوكل إليها تنفيذ عمليات خارج نطاق عمل الأجهزة الأمنية بمملكة آل سعود، إلا أن مقتل خاشقجي فضح أمرها.
وأظهرت التحقيقات أن مهمة هذه الفرقة تتلخص في تصفية كل من يعارض محمد بن سلمان، ولا يقتصر الأمر على المواطنين السعوديين، بل كان من ضمن مهامها تصفية شخصيات إيرانية.
وضمت فرقة “النمر” 50 فردا من أفضل العناصر الاستخباراتية والعسكرية في مملكة آل سعود، وقد جندت المجموعة من أفرع مختلفة من الأجهزة الأمنية بمملكة آل سعود التي فيها العديد من مجالات الخبرة، وأعضاؤها موالون لابن سلمان في الرياض.
ومن أبرز عناصرها:
المقدم مشعل فهد السيد، وهو أحد كبار خبراء الحمض النووي في الإدارة العامة للأدلة الجنائية بوزارة الداخلية بمملكة آل سعود. درس في قسم الأدلة الجنائية بجامعة نايف العربية للعلوم الأمنية بالرياض إلى جانب صلاح الطبيقي اختصاصي الطب الشرعي الذي استخدم منشار العظام في قتل وتقطيع الراحل جمال خاشقجي.
خالد إبراهيم عبد العزيز القاسم، ويعمل فنيا في الحمض النووي بالإدارة العامة للأدلة الجنائية في وزارة الداخلية بمملكة آل سعود.
سعود عبد العزيز الصالح، وهو ضابط استخبارات عسكري كبير في إدارة المخابرات بوزارة الدفاع بمملكة آل سعود، وكان المنسق أو القائد للفرقة.
إبراهيم حمد عبد الرحمن الحميد، ويعمل في وزارة الخارجية بالرياض.
وفي يوليو/تموز 2018، نجح ابن سلمان ووكلاؤه في زرع برنامج تجسس في هاتف سعد الجبري، ضابط الاستخبارت السعودي السابق بعد تلقيه رسالة مع ملف فيديو على تطبيق واتساب من صحفي سعودي كان يعرفه في المملكة.
احتوى ملف الفيديو برامج تجسس سمح بالوصول إلى المعلومات على هاتف الجبري، وربما حتى موقعه بشكل دقيق.
وفي مايو/أيار 2018 حصلت فرقة النمر على تأشيرات سياحية إلى كندا.
وفي أكتوبر/تشرين الأول 2018، وبعد أقل من أسبوعين من عملية قتل الصحفي جمال خاشقجي، سافرت فرقة النمر إلى كندا من أجل تصفية الجبري.
قبيل وصول فرقة “النمر” إلى كندا، أرسل مكتب التحقيقات الفدرالي الأميركي “إف بي آي” (FBI) للسلطات الكندية، معلومات استخباراتية بموعد وصول الفرقة إلى كندا.
حاول عناصر الفرقة دخول مطار أونتاريو الدولي عبر أكشاك منفصلة، وأنكروا معرفتهم ببعضهم بعضا، مما أثار شكوك مسؤولي أمن الحدود الذين حولوهم من أجل إجراء فحص مدقق، لكن سلطات المطار وجدت في إحدى حقائبهم صورة تجمع أفراد الفرقة.
كما وجد أمن الحدود حقيبتين بحوزة الفرقة فيهما أدوات للطب الشرعي.
أصيب أعضاء الفرقة بالذعر لعدم استعدادهم لهذا التحقيق غير المتوقع، فطلبوا استدعاء محامي سفارة آل سعود، ولكن المحامي نصح المجموعة بالادعاء أنها سافرت إلى كندا للتحضير لزيارة وفد سعودي رفيع المستوى، والقبول بترحيلهم لتفادي مزيد من التحقيق.
رفضت السلطات الكندية السماح بدخول عناصر الفرقة باستثناء إبراهيم حمد عبد الرحمن الحميد، الذي يعمل في وزارة الخارجية ولديه جواز سفر دبلوماسي.
وكان الجبري رفع أمس دعوى قضائية في واشنطن ضد محمد بن سلمان، يتهمه فيها بأنه أرسل فريقا لاغتياله في أميركا وكندا سعيا وراء تسجيلات مهمة.
وتتهم الدعوى -الذي تشير إليه بمحمد بن سلمان- بتشكيل فريق لترتيب قتل الجبري من 3 أشخاص، هم: بدر العساكر وسعود القحطاني وأحمد العسيري، وكلهم من كبار مساعديه.
وتؤكد الدعوة أن محمد بن سلمان أرسل فريقا لاغتياله خلال إقامته في مدينة بوسطن الأميركية عام 2017، وأنه حاول على مدى أشهر نشر عملاء سريين في الولايات المتحدة في محاولة لتعقب مكان الضابط السابق.
وبعد فشل تلك المحاولات، أرسل ابن سلمان فريقا آخر لاغتيال الجبري في كندا، وذلك بعد أسبوعين من اغتيال الصحفي جمال خاشقجي داخل قنصلية آل سعود في إسطنبول يوم 2 أكتوبر/تشرين الأول 2018.
وتضمنت الدعوى القضائية نص رسالة من محمد بن سلمان يطلب فيها من الجبري العودة خلال 24 ساعة وإلا سيقتل.
وتشير أوراق الدعوى إلى أن سعد الجبري يتهم محمد بن سلمان بالسعي لقتله لمنعه من تقويض علاقاته الخاصة مع الولايات المتحدة وإدارة الرئيس ترامب.
وتقول الدعوى إن استهداف المدعى عليه محمد بن سلمان للجبري يؤثر بصورة مباشرة على المصالح الأميركية، لأن محمد بن سلمان يرى أن علاقات الجبري الوثيقة مع مجتمع الاستخبارات الأميركي تقف في طريقه لتعزيز النفوذ والسلطة بين المسؤولين في الحكومة الأميركية.
وأضافت أن سعد الجبري شكل تلك العلاقات الوثيقة مع الولايات المتحدة بعد أن جعل مملكة آل سعود أحد أهم شركاء واشنطن في مكافحة الإرهاب على الصعيد العالمي وداخل المنطقة.
وأشارت إلى أن هذه الروابط أسهمت في إنقاذ حياة مئات -وربما آلاف- الأميركيين بسبب إحباط الجبري ومساعديه خطة لتنظيم القاعدة لتفجير طائرتي شحن متجهتين إلى الولايات المتحدة.
ارسال التعليق