لماذا يصر ترامب على إهانة السعودية؟
تساءلت صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية عن الأسباب التي تدفع الرئيس دونالد ترامب إلى إهانة السعودية، على الرغم من طبيعة الشراكة القوية التي تربط واشنطن بالرياض.
وقال ترامب في كلمة ألقاها أمام تجمُّع لمؤيديه بولاية ويسكونسن الأمريكية: "اتصلت بالملك (سلمان بن عبد العزيز)؛ فأنا معجب بالملك، وقلت: أيها الملك، نحن نخسر كثيراً في الدفاع عنكم، أيها الملك لديكم أموال كثيرة..".
وأضاف ترامب مخاطباً الحشود: "يشترون (السعودية) الكثير منا، اشتروا بقيمة 450 مليار دولار.. لدينا أشخاص يريدون مقاطعة السعودية! هم اشتروا منا بقيمة 450 مليار دولار، وأنا لا أريد خسارتهم وخسارة أموالهم.. وعسكرياً نحن ندعم استقرارهم"، وفق ما نقلته "سي إن إن".
وتابعت الصحيفة أن العلاقة بين الولايات المتحدة والسعودية تستند منذ فترة طويلة، إلى معادلة بسيطة تتلخص في أن تشتري الولايات المتحدة النفط السعودي وتوفر أيضاً الحماية للمملكة في حال شنِّ أي هجوم أجنبي عليها، مقابل شراء الرياض السلاح الأمريكي.
وخلال زيارته للسعودية في مايو 2017، وهي أول رحلة خارجية لترامب، قال إنه أبرم صفقة أسلحة مع السعودية بقيمة 110 مليارات دولار، غير أن بروس ريدل، المحلل السابق في المخابرات الأمريكية، كتب تحليلاً قال فيه إن ذلك غير صحيح، وذكر أن الصفقة المزعومة كانت في الواقع مجموعة من خطابات النوايا غير الملزمة لأعمال مستقبلية وصفقات سابقةٍ أيام إدارة الرئيس باراك أوباما، عندما اشترت السعودية أسلحة بقيمة 112 مليار دولار.
بعد ما يقارب عامين على إعلان ترامب ذلك، لم يُتوصل إلا إلى صفقة سلاح واحدة جديدة منحت وزارة الدفاع بموجبها عقد تسليح للسعودية، بقيمة 2.4 مليار دولار، لشركة مارتن لتكنولوجيا الدفاع الصاروخي، ومن المتوقع أن تدفع السعودية 1.5 مليار دولار مقابل جزء من الصفقة، بحسب ما ذكرته وكالة "رويترز".
العلاقة بين السعودية وأمريكا لا تقوم على الجانب التسليحي فقط، فالولايات المتحدة أكبر شريك تجاري للرياض في الشرق الأوسط، كما تقول الصحيفة.
وتضيف "نيويورك تايمز" أن السعودية تمتلك ثاني أكبر احتياطي نفطي مؤكَّد في العالم بعد فنزويلا، وهي أكبر مصدِّر للنفط، وهو ما يجعلها لاعباً رئيساً في أسواق الطاقة العالمية. وعلى الرغم من التجارة القوية بين البلدين، فإنه لا توجد معلومات متاحة عن الصفقة البالغة قيمتها 450 مليار دولار والتي تحدث عنها ترامب، والبيت الأبيض يرفض من جانبه توضيح الأسباب التي تدفع الرئيس إلى ذكر هذا الرقم.
وبحسب الصحيفة، فإن إجمالي الصادرات من سلع وخدمات، من الولايات المتحدة إلى السعودية بلغ عام 2018 نحو 22.3 مليار دولار، وفقاً لبيانات مكتب التحليل الاقتصادي بعد أن كان 25.4 مليار دولار عامٍ 2017.
وعلى المدى الطويل، من المحتمل أن يؤدي ارتفاع إنتاج النفط الأمريكي إلى تقويض أسس العلاقة بين الرياض وواشنطن، فكلما ازداد إنتاج نفط واشنطن قلَّت الحاجة إلى شراء النفط السعودي، كما تقول الصحيفة.
السعودية شريك مهم للولايات المتحدة، تقول الصحيفة، ويبدو أن ترامب يجهل قيمة هذه الشراكة، فبالإضافة إلى الشراكة الاقتصادية، فإن السعودية تعتبر حامية لأقدس المواقع الإسلامية، مكة والمدينة، وهي شريك دبلوماسي ذو قيمة، وأجهزة المخابرات بين البلدين تعمل بشكل وثيق على مطاردة الجماعات الإرهابية.
وتشارك السعودية في أغلب المبادرات الأمريكية بالشرق الأوسط مثل التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة ضد داعش، ففي أكتوبر الماضي قدمت السعودية 100 مليون دولار لأمريكا، للمساعدة في إرساء الاستقرار بأجزاء من سوريا التي تحررت من سيطرة المسلحين. ورغم كل هذه الشراكة في مختلف المجالات، فإن ترامب مُصِرٌّ على إهانة السعودية، بحسب الصحيفة.
ارسال التعليق