مسلسل معاوية خطوة أولى نحو زعزعة الحكم الوراثي
يتفق جموع المسلمين على ما أحدثه الحكم الأموي من إفساد في الأرض وتمزيق للأمة الإسلامية. لكن ما يتفق عليه المسلمون، ليس بالضرورة أن يجاريه النظام السعودي ومن خلفه قنواته الإعلامية.
إذ أحدث إعلان استعداد قناة “أم بي سي” السعودية لعرض مسلسل معاوية بن أبي سفيان حالة واسعة من التنديد والاستنكار من النشطاء العرب على مختلف مشاربهم المذهبية على مواقع التواصل الاجتماعي.
أنفقت الـ “أم بي سي” 100 مليون دولار في إنتاج مسلسل “معاوية”، واستخدمت كاتباً (إعلامي سابق) لم يسبق له العمل في التأليف، إلا في تحرير جريدة “اليوم السابع” المصرية، أو المشاركة كممثل في أعمال قليلة، فإذا به عبر مسلسل “معاوية” يتحوّل إلى مؤلف، رغم أنه لم يسبق أن تعامل مع أصول الرواية التاريخية، في ضبط متنها أو التحقق من أسانيد رواتها وطرق تخريجها، وتعدد مدارسها.
يأتي هذا العمل بعد خفوت سموم المذهبية، وبعد أن علا صوت التطبيع مع الصهاينة ما عداه، وبعد أن أعادت القدس التوقيت إلى عقارب ساعة مجاهديها وفدائييها. وكان لا بدّ للنظام السعودي أن يتولى مهمة إشاحة الأنظار عن كل الحقائق الواردة أعلاه من بوابة إعادة إحياء وهج المذهبية.
وفي هذا السياق، استهل الدكتور محمد المسعري حديثه لموقع “مرآة الجزيرة” بالقول إن “قناة أم بي سي أعلنت تمويلها مسلسل معاوية، حيث بات عرضه شبه مؤكد، وذلك على الرغم من وجود حالة من الأخذ والرد بشأنه، ووجود خطاب من مقتدى الصدر يطالب بعدم بثه، بالإضافة إلى وجود مجموعة في العراق، غامضة، تزعم أنها سترد على العمل بمسلسل عن أبو لؤلؤة قاتل عمر بن الخطاب”.
وفي تناوله دوافع القناة السعودية لعرض مسلسل يعرض سيرة حياة “شخص يكتنفه الجدال منذ أول التاريخ”، أوضح المسعري بالقول “أولاً، كثُر النقاش حول معاوية، لا سيما من جانبنا نحن أبناء الطائفة السنية، حيث أبرزنا العديد من الإشكالات التي تتعلق به، ونفاقه وخروجه على الإمام الشرعي وهدمه لنظام الشورى من وجهة نظر سنيّة”.
وتابع “لنا عدة سنين نبرز فضائح ومشاكل معاوية بن ابي سفيان، فانبرت مجموعة بعد أن بدأ النظام السعودي يتباعد عن الفرقة الوهابية بالجناح القتالي الدموي أمثال داعش ويبعدهم عن التأثير داخل الدولة والنظام ويهمشهم في شتى المجالات، مثل تحديد يوم التأسيس في توقيت ليس له علاقة بالدعوة الوهابية. مستشهدا بقول السفير السعودي في لندن “نحن قبيلة كسبت الحرب لا علاقة لنا بالدين”.
من جانب آخر، أشار المسعري إلى “حفاظ النظام على بعض المجموعات الدينية لإمكانية السيطرة على الجماهير باستخدام الدين كوسيلة، كما استخدمه على مدى القرون الثلاثة الماضية”.
واعتبر الدكتور المسعري أن “الدين عنصر هام وأساسي في حياة شعوب، سيما في العالم الإسلامي بعد أن فقد قيمته إلى حد بعيد في الغرب. فكان لا بدّ بالنسبة للنظام الإبقاء على الدين للتلاعب”، دالاً على ” الفرقة الوهابية، جناح المدخلي الجامي، بوصفه الجناح الانبطاحي، ممن يتبنون أفكارا تقول على أن طاعة ولي الأمر مطلقة، قاصدين الطاعة الشعبية، وهي طاعة كفرية”، وفقا للمسعري.
وأوضح أمين عام حزب التجديد الإسلامي أن هؤلاء “برزوا مؤخرا، إذ يحاولون أن يقدموا أنفسهم على أنهم قادرين على خدمة النظام، بأن يكونوا عملاء له، مع حصولهم على المميزات والوظائف”.
مؤكدا أن “أكثرهم خونة وجواسيس يعملون في أجهزة الاستخبارات مثل سالم الطويل في الكويت، وعثمان الخميس وغيرهم. حيث عملوا على إثارة كون مسألة مهاجمة معاوية ترتكز على قضية التوريث، وما يعنيه مهاجمته من هدم لمبدأ التوريث. وبالتالي الاستعداد لاستفزاز الأنظمة الحاكمة في كل من السعودية، البحرين، قطر، والكويت باعتبار معاوية هو أول من سنّ التوريث بالإسلام وبالتالي التشكيك في شرعية حكمهم. حتى كانت فكرة الدفاع عن معاوية من هذا المنطلق”.
معتبرا أن الحجة المقدمة متناقضة، لكنها تفعل فعلها عند الجماهير البسيطة ويراها الحكام وسيلة لتثبيت العرش.
هذا ولفت المفكر الإسلامي إلى أن السبب الثاني وراء هذا العرض يكمن في أن “النظام السعودي قلق، وعلى الأرجح أن أم بي سي قررت خوض غمار هذا العمل بقرار من النظام. وذلك على الرغم من كونها تمثل جناحا آخر من آل سعود نسبة إلى الجناح الذي ينتمي إليه محمد بن سلمان، وهو الجناح الأميركي الخالص والتابع لفهد وإلى حد ما محمد بن نايف، إلا أنه يتفاعل مع التوجيهات الواردة من القصر الملكي”.
وأضاف ” قد تكون أحد أهداف عرض العمل، إثارة الاستفزاز ورصد ردود الأفعال غير المتعقلة، من مثل الترويج لعمل يرصد حياة أبو لؤلؤة قاتل عمر بن الخطاب”.
وفي رصده للسبب الثالث للمشروع، أكد أمين عام حزب التجديد الإسلامي على “زيادة الفتنة الطائفية، وتقسيم الشيعة إلى أجنحة متحاربة وإبرازها على الملأ، فتزداد التناقضات الإسلامية بين السنة والشيعة وداخل كل فئة منهم”.
وأشار إلى إمكانية أن تُستفز الأباضية ممن يصنفهم أهل السنة بالخوارج، والمتركزين في عُمان والجزائر.
ورد الدكتور المسعري “إمكانية أن يكون بعض المتفلسفين من العلمانيين في المملكة وراء هذا العرض أمثال تركي الحمد”.
وختم الدكتور محمد المسعري حديثه بالقول “نحن أعلنا أننا سنعقب على حلقات المسلسل حال عرضه، يوميا عبر برنامج أفكار حرة على قناة الأصيل”، وأكد على أن “هذه الخطوة ستكون الأولى لزعزعة الملك الوراثي، لجمع فئات الأمة الإسلامية إلى كلمة سواء”.
ارسال التعليق