ناطحات السحاب طريق ابن سلمان لجلب ثقة الخارج
تَبني "السعودية" ناطحات سحابها على أنقاض ثقة الداخل بها كـ"سلطة" حكيمة يمكن التعويل عليها في التأسيس لواقع حياة كريمة له، في سبيل التأسيس لثقة الخارج بها كـ"سلطة" يمكن التعويل عليها في خدمة رؤى أميركا في المنطقة.
في هذا المضمار تناول موقع ArchDaily للهندسة المعمارية إعلان السعودية مؤخرا عن نيتها بناء برج من المتوقع أن يصل إلى ارتفاع يبلغ كيلومترين، أي ضعف ارتفاع برج خليفة في دبي صاحب الرقم القياسي الحالي. وهو الذي سيكلّف خزينة الدولة مليارات الدولارات، وسيضم وفق المعلن مكاتب ومساكن ومساحات ترفيهية. ووفق الموقع فهو "يشكل جزءًا من برنامج تنموي تقوده المملكة العربية السعودية، مدفوعًا برؤية ولي العهد الأمير محمد بن سلمان لترسيخ حضور البلاد من خلال مشاريع طموحة وواسعة النطاق"، لكنه يؤكد في المقابل إلى ما يواجه هذا المشروع من انتقادات بسبب تكاليف بنائها الباهظة وتأثيرها البيئي، في الوقت نفسه الذي ترمز فيه هذه الأبراج الشاهقة إلى الرؤية والاعتراف العالمي.
في هذا السياق، فإن "الانبهار بالمباني الشاهقة يتغذى على رغبة سياسية قوية في الاعتراف العالمي، واختيار رموز للأمة من وجهة نظر نفسية، بعيداً عن عوامل عملية مثل جذب الاستثمارات الأجنبية، وتحسين استخدام الأراضي الحضرية، والسعي إلى تحقيق أرباح كبيرة" وفقاً للموقع.
يأتي هذا كحلقة في سلسلة الانتقادات التي لحقت "السعودية" منذ بداية سلوكها هذا المسار، وكانت أنصع حملات الانتقادات كان على عملية إخلاء واسعة لسكان عدة أحياء في مدينة جدة الذي ابتدأتها في يناير/كانون الثاني 2022. وهو الأمر الذي أثار ضجة إعلامية في الداخل والخارج، خاصة مع تداول النشطاء لمشاهد التدمير التي بينت الانتهاكات التي انطوت عليها عملية الإخلاء، من بين ذلك إعطاء مهل زمنية قصيرة لا تتجاوز في بعض الأحيان 48 ساعة، ما قد يؤدي إلى تشرد بعض العائلات، إلى جانب ما استهدفته عملية الإزالة لمعالم ثقافية ودينية واجتماعية.
وكانت منبين الانتقادات أنه "من أجل بناء ناطحات سحاب فاخرة وفنادق، وحدائق ودار أوبرا، وملعب وأكواريوم ومتاحف، فإن هدد جدة سيؤثر على 60 حياً في المدينة" وفقا لإذاعة NPR الأميركية. وقد كان ذلك في عام 2022، حيث وصفت ما عُرف بـ"هدد جدة" بالقول: "طريقة تعامل الحكومة مع هدد جدة؛ أثارت قلق مراقبي حقوق الإنسان، ويبدو أن هذا يتماشى مع نهج ابن سلمان العدواني والسلطوي، لتمرير مشاريعه بأي ثمن يتكبده الشعب"، مشيرة إلى أن "ابن سلمان يريد بناء صورة خاصة به عن السعودية، ولكن على ظهور المواطنين وانتهاك حقوقهم".
هذا وقالت منظمة العفو الدولية حينها؛ إن عمليات الهدم الجارية لعشرات الأحياء في مدينة جدة السعودية المطلة على البحر الأحمر من أجل إعادة التطوير تنتهك معايير حقوق الإنسان بسبب الإخلاء القسري وعدم حصول السكان الأجانب على تعويضات. ونوّهت ديانا سمعان، نائبة مديرة المكتب الإقليمي بالنيابة للشرق الأوسط وشمال أفريقيا في منظمة العفو الدولية في بيان المنظمة "ثمة وثيقة صادرة عن أمانة جدة تبين أن خطط المشروع قد أُنجزت قبل ثلاث سنوات تقريبا، ومع ذلك تقاعست السلطات السعودية عن الانخراط في عملية تشاور حقيقية مع السكان، وتقديم إشعار واف، وإعلان قيمة التعويض، ودفعه للسكان قبل مباشرة عمليات الهدم".
إلى ذلك تبرز قضية قبيلة الحويطات ضمن لائحة الانتهاكات التي ارتكبتها السعودية في طريقها إلى إرضاء الخارج، حيث بدأت برفض أحد أفراد القبيلة وهو عبد الرحيم الحوطي إخلاء منزله في قرية "الخربة" شمالي غرب "السعودية" مع بدء أعمال إزالة القرى التي تنوي السلطات ضمها إلى مشروع مدينة “نيوم"، ونشره فيديو يعرّي تعامل "السلطات السعودية" مع أبناء شعبها لصالح مشاريع ومخططات لن يطأها سوا أقدام السياح، قبل أن يُعدم عام 2020.
هذا وكانت المحكمة الجزائية المتخصصة في السعودية، قضت بإعدام ثلاثة أفراد من قبيلة الحويطات، وهم شادلي الحويطي، وعطا الله الحويطي، وإبراهيم الحويطي، وذلك في 2 أكتوبر/تشرين الأول 2022. وكان قد نشط شادلي الحويطي في أعقاب مقتل شقيقه عبد الرحيم، واعتقال عدد من أفراد عائلته. يُذكر أن منظمة القسط لحقوق الإنسان كانت قد نشرت تقريرا كشفت من خلاله الجانب المظلم من مشروع نيوم، وأفادت بأن "النظام السعودي" أقدم على الحصول على سندات ملكية الأراضي التي أرادتها بهدوء قبل الإعلان عن مشروع نيوم. وأكدت على أن السلطة اعتمدت الإكراه والتهديد للتمكن من إجلاء الأهالي، واعتقل أثناء ذلك العشرات وقتل المحتج البارز عبد الرحيم الحويطي رمّيا بالرصاص في منزله. ومارست السلطات منذئذ سياسات مغرضة وتمييزية متعلقة بإعادة التوطين والتعويض. وأفاد التقرير بأن سكان المنطقة المختارة لتطوير نيوم أعربوا عن قلقهم إزاء أرضهم منذ أبريل 2017، عند تعليق عمليات نقل ملكية الأراضي وتجديد الترخيص. ويرجـع ذلـك إلـى حصـول صنـدوق الاسـتثمارات العامـة السـعودي مسـبقا علـى سـند ملكيـة المنطقـة بأكملهـا، قبـل الإعلان عن مشـروع نيـوم للعمـوم فـي 24 أكتوبـر 2017
ارسال التعليق