معتقلة سابقة في سجون آل سعود تفضح انتهاكات الإهمال الصحي
التغيير
فضحت معتقلة سابقة في سجون نظام آل سعود انتهاكات الإهمال الصحي وسوء المعاملة ما يشكل دليلا جديدا على الواقع المظلم لحقوق الإنسان في المملكة.
وكشفت الأستاذة سابقاً بجامعة حائل يمنى محمد دساي التي اعتقلت تعسفياً لـ 3 سنوات قبل أن يُفرج عنها، تفاصيل الإهمال الصحي الذي تعرضت له قبل شهر من الإفراج عنها.
وأكدت دساي أن الإفراج جاء لتجنب المسؤولية عن حياتها، مرجحة أن يكون الصحفي صالح الشيحي الذي توفى الشهر الماضي بعد شهرين من إطلاق سراحه قد تعرض للأمر ذاته من الإهمال والتعذيب.
ومؤخرا أبرزت المنظمة الأوروبية السعودية لحقوق الإنسان واقع الموت في سجون نظام آل سعود وسط إنكار رسمي للتعذيب وانعدام للمساءلة في انتهاك صارخ لحقوق الإنسان.
وعلى غرار قضايا الوفيات في سجون آل سعود التي تزايدت خلال السنوات الأخيرة، لم تقدم حكومة آل سعود على فتح أي تحقيق لتبيان المسؤوليات في قضية وفاة الصحفي صالح الشيحي في 19 يوليو 2020 بعد شهرين من خروجه المفاجئ من السجن.
حدث نفس الأمر في وفاة المدافع عن حقوق الإنسان عبدالله الحامد في المستشفى، وذلك على الرغم من مضي أكثر من شهرين على وفاته في 24 أبريل 2020، وفي ظل المعلومات عن تعرضه لإهمال طبي متعمد وسوء معاملة.
تراكم القضايا وتكرار استخدام المبررات نفسها، في حالات الموت تحت التعذيب أو بسبب سوء المعاملة أو غيرها، يبين النهج المتبع في مملكة آل سعود وانعدام أي سبل لتحميل المسؤوليات للجهات الرسمية ومحاسبة أفرادها.
ويثير التعذيب والإهمال الصحي الذي يجري في سجون آل سعود، الريبة تجاه أي حالة وفاة تحدث في السجون، وتزايد احتمالية أن يكون ضحية للتعذيب.
نشرت المنظمة الأوروبية السعودية لحقوق الإنسان، وتزامنا مع اليوم العالمي لمساندة ضحايا التعذيب لعام 2020، تقريرا يوضح استخدام أنواع مختلفة من التعذيب النفسي والجسدي الممنهجين، بهدف انتزاع اعترافات أو لدواعي الإنتقام والتشفي، أدرجت فيه بعض الضحايا الذين قتلوا نتيجة التعذيب، كما وثقت تجاهل القضاة لواقع تعرض المعتقلين للتعذيب، وإصدارهم أحكاماً قاسيةً وصلت حد الإعدام بحق أفراد انتزعت منهم اعترافات تحت التعذيب، رغم تأكيدهم للتعذيب خلال المحاكمة.
عام 1997 صادقت مملكة آل سعود على اتفاقية مناهضة التعذيب، وبعد ما يقارب من 23 سنة من تعهدها الالتزام بمواد الاتفاقية، لم تتوقف عن التعذيب، بل أن المعلومات الموثقة، تشير إلى تزايد إستخدامه في السنوات الأخير، وبصور أكثر بشاعة.
تنص المادة 12 من اتفاقية مناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة، أن على كل دولة طرف أن تضمن “قيام سلطاتها المختصة باجراء تحقيق سريع ونزيه كلما وجدت أسباب معقولة تدعو إلى الاعتقاد بان عملا من أعمال التعذيب قد ارتكب في أى من الأقاليم الخاضعة لولايتها القضائية”.
على الرغم من ذلك، لم تدفع هذه القضايا حكومة آل سعود إلى فتح تحقيقات لتحميل المسؤوليات أو اتخاذ خطوات لمنع حدوث حالات جديدة، بل تعمدت التغطية على جرائم التعذيب.
إضافة إلى ذلك تنص المادة 14 من الاتفاقية على أن تضمن كل دولة طرف، في نظامها القانوني، إنصاف من يتعرض لعمل من أعمال التعذيب وفي حالة وفاة المعتدى عليه “نتيجة لعمل من أعمال التعذيب، يكون للأشخاص الذين يعولهم الحق في التعويض”.
إلا أنه لا يوجد في المملكة ما يطمئن ذوي الضحايا من عدم الانتقام منهم في حال اتخذوا خطوات عملية من أجل المطالبة بالتعويضات أو محاسبة المتورطين، لذلك لا تكاد هناك مطالبات للانتصاف من الضحايا أو ذويهم بسبب الخوف على الأغلب.
إن انعدام أي شكل من أشكال العمل المدني الحقوقي والقانوني داخليا في مملكة آل سعود، بسبب سياسات تكميم الأفواه واعتقال أغلب النشطاء والمدافعين عن حقوق الإنسان، يُصَّعِبُ الوصول بشكل شفاف وكامل إلى الحقائق والأرقام المتعلقة بالمعتقلين الذين يتوفون تحت التعذيب أو بسبب الإهمال الطبي.
في هذا التقرير تستعرض المنظمة الأوروبية السعودية لحقوق الإنسان بعض حالات الموت داخل السجون، بما يشمل حالات التعذيب أو الإهمال الطبي، وكذلك الحالات الغامضة.
وأكدت المنظمة الأوروبية السعودية لحقوق الإنسان أن انعدام الشفافية في تعامل حكومة آل سعود مع القضايا، وسياسة الترهيب والتخويف المفروضة على المجتمع المدني، يمنع الوصول إلى العدد الحقيقي لضحايا السجون في مملكة آل سعود.
إلا أن الأرقام والقضايا التي وثقتها المنظمة، تؤكد وجود ممارسات مُجَرَّمَة، تُحّمل المسؤولية بشكل مباشر لجهات رسمية، من بينها رئاسة أمن الدولة التي أنشئت في منتصف 2017 بمرسوم ملكي، وترجع للملك سلمان مباشرة، والتي برز دورها كجهاز قمعي شرس يتغطى بالملك مباشرة. وبينما تبين حيثيات بعض القضايا أن الوفاة كانت نتاج التعذيب الشديد بشكل مباشر، ترتفع الشكوك من أن الغموض الذي يلف القضايا الأخرى يرتبط بالتعذيب أيضا أو سوء المعاملة أو الإهمال الطبي.
شددت المنظمة على أنه لا وجود لبيئة قانونية مستقلة يمكن أن تساهم في اتخاذ إجراءات تنصف هؤلاء الضحايا وعائلاتهم، وتضمن عدم تكرار حالات الوفاة في المعتقلات، حيث انعدام استقلالية القضاء يمنع أي سبل للمحاسبة.
ونبهت المنظمة إلى أن هذه الانتهاكات تشكل مثالا واضحا على طبيعة الالتفاف الذي تمارسه مملكة آل سعود على التعهدات الدولية وخاصة اتفاقية مناهضة التعذيب، كما يؤكد تجاهلها لطلب زيارة المقرر الخاص للأمم المتحدة المعني بالتعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة، منذ 2006، الخوف من انكشاف واقع التعذيب الممنهج والمروع والذي يجري تحت علم الملك سلمان وابنه محمد.
ارسال التعليق