
الفرق بين الأحلام الإسرائيلية والأوهام الخليجية
[فيصل التويجري]
هذا ما كانت تحلم به تل أبيب وهو أن يلهج اسمها في الأغاني العربية والخليجية وأن يتمنى عرب زيارتها وأن يناشد هؤلاء حكامهم أن يدشنوا الطريق إليها. طريق يشوبه الكثير من المطبات. فصاحب القضية نفسه يرى أن لا سلام عادلاً يقفز فوق مصالحه وحقوقه. وهو يتحيّل الفرض كي يستردها، وبينما كان نتنياهو يحتفل مع الخائنين العرب كان هناك أناس يقصفون أسدود بصواريخ مؤكدين على وجودهم قائلين للمجتمعين هناك "نحن هنا".
وفي جديد التطبيع، نقول للمطبعين والمهرولين إليه أن ما تعدكم به كل من الولايات الأمريكية المتحدة والكيان الغاصب من اجل تطبيعكم كله وهم بوهم، أو حبر على ورق حيث كشفت صحيفتي جيروزاليم بوست والتايمز الإسرائيلية عن مسودة القرار المقدم إلى الكونغرس الأمريكي لأخذ رأي الكيان الصهيوني كمعيار لبيع الأسلحة والمقاتلات الأمريكية الصنع للشرق الأوسط: إن تمرير هذا القانون بمثابة منح إسرائيل "حق النقض الفيتو".
وفي حال إقرار هذا القانون، سيتطلب القانون من رؤساء الولايات المتحدة الأمريكية التشاور مع الكيان الصهيوني قبل الموافقة على بيع أي أسلحة أمريكية إلى أي دولة في الشرق الأوسط حتى لا تعرض تفوق تل أبيب العسكري للخطر. حيث يوجد الآن قانون في الكونغرس الأمريكي يسمى "التفوق العسكري النوعي" (QME)، والذي ضمن، بعد حرب 1973 بين الكيان الصهيوني والدول العربية، التفوق العسكري والجوي لإسرائيل في الشرق الأوسط في أي صفقة أسلحة أمريكية مع الحكومات، وحتى الدول العربية المتحالفة مع الولايات المتحدة الأمريكية. لكن في حين أنه بموجب القانون الحالي، حتى الآن، كان رأي الكونغرس بشأن الحفاظ على التفوق العسكري لإسرائيل هو المعيار للموافقة على صفقات الأسلحة الأمريكية مع الشرق الأوسط، لكن في القانون الجديد، سيكون رأي حكومة الكيان الصهيوني هو المعيار لذلك.
وفي هذا السياق كتب براد شنايدر عضو مجلس النواب الأمريكي الذي بدأ صياغة القانون، في بيان أنه من الضروري ضمان التفوق العسكري لإسرائيل عندما يتعلق الأمر ببيع الأسلحة الأمريكية إلى دول الشرق الأوسط.
وبصرف النظر عن شنايدر، يعمل آلان لوريا من فرجينيا وماكس روز من نيويورك وجوش غوتيه مر من نيوجيرسي وتيد دويتش وديبي واسرمان شولتز من فلوريدا على تمرير هذا القانون.
وأعربت صحيفتا جيروساليم بوست والتايمز الإسرائيليتان عن ثقتهما في أنه إضافة إلى النواب المذكورين، ومعظمهم من الديمقراطيين واليهود، يحظى إقرار القانون بتأييد الجمهوريين في الكونغرس أيضاً. كما يأتي تكثف التحالف بين الأحزاب حول مشروع القانون واستمرار دعمهم المطلق للكيان الصهيوني في حين إن الجمهوريين والديمقراطيين يختلفون حول مختلف القضايا الداخلية والخارجية، في كل من الكونغرس وعلى الساحة الرئاسية الأمريكية. هذا وقد دعمت لجنة العلاقات العامة الأمريكية الإسرائيلية "ايباك" مبادرة الكونغرس الجديدة لضمان الحفاظ على التفوق العسكري الإسرائيلي على دول الشرق الأوسط الأخرى.
وأمام هذه الوقائع يصر عرب الخليج على المضي قدما في التطبيع مهما كان الثمن. وخاصة السعودية التي امتنعت عن انتقاد الصفقة أو استضافة قمم تدين القرار، على الرغم من الطلبات الفلسطينية للقيام بذلك. وانتقد الفلسطينيون الاتفاقات ووصفوها بأنها "خيانة للقدس والمسجد الأقصى والقضية الفلسطينية"، لكن وسائل الإعلام السعودية التي تسيطر عليها الحكومة أشادت بها ووصفتها بأنها تاريخية وجيدة للسلام الإقليمي. كما وافقت المملكة على استخدام المجال الجوي السعودي للرحلات الجوية الإسرائيلية إلى الإمارات، وهو قرار أُعلن بعد يوم من لقاء جاريد كوشنر، صهر ترامب، بمحمد بن سلمان في الرياض. كما نُقل عن ابن سلمان في صحيفة ذي أتلانتيك خلال زيارته الأخيرة للولايات المتحدة في أبريل 2018 قائلاً إن "لإسرائيل اقتصاد كبير وثمة الكثيرة من المصالح التي نتشاركها معها".
ارسال التعليق