
بعد أبو ظبي... الرياض ترتمي في حضن إيران
[فيصل التويجري]
بقلم: فيصل التويجريبموازات توقيف طهران سفينة أخرى وفيما يبدو استراتيجية جديدة تتجه اليها ايران في اطار صراعها المفتوح مع الولايات المتحدة الأمريكية في مياه الخليج، أعلنت طهران استعدادها في المشاركة بقوة إقليمية لحماية أمن الخليج بعدما قالت انها إشارات إيجابية تلقتها من الرياض وبعد توقيعها قبل يومين اتفاقاً أمنيا مع أبو ظبي التي أكدت أن كل خطواتها تجاه ايران جاءت بعد التنسيق مع حليفتها السعودية وعلى الجانب الآخر تؤكد واشنطن التي تواجه صعوبة في بناء تحالف دولي لحماية الملاحة في الخليج كما تقول، تؤكد عزمها على المضي قدماً في محاولة اقناع الدول المعنية للانخراط في هذا التحالف انطلاقاً من ضرورة توفير ما سمته بقوة ردع في مياه الخليج.
هي مرة أخرى يقول فيها الإيرانيون للعالم أنهم يستطيعون أن يعطلوا ويمنعوا، أو على الأقل أن يفاوضوا بطريقة خشنة في مياه الخليج. يوقفون أخيرا سفينة أجنبية كانت بالقرب من جزيرة فارسي بتهمة تهريب الوقود. وذاك استعراض للقوة أكثر مما هو إنفاذ للقانون يقولون إنهم اعتقلوا طاقم السفينة بأمر قضائي ما يعني حرص طهران على تصدير الصورة "فنحن قادرون لكننا ملتزمون بالقوانين"، ويحدث هذا بينما عين طهران على مضيق هرمز حيث للبريطانيين مدمرتان حربيتان وللأمريكيين ما هو أكثر في الخليج. هنا يريد الأوروبيون والأميركيون إنشاء قوة بحرية لحراسة السفن التجارية، لكن ذلك كما قال بعض أركان الإدارة الأمريكية يتطلب وقتا وهو ما كرره وزير الخارجية الأميركي قائلا إنه واثق من بناء تحالف بحري في الخليج لضمان تدفق الطاقة وخفض التوتر فيه، ويربط بومبيو بناء هذا التحالف من مصالح جميع دول العالم واقتصادها ويريد مساهمات الدول الأخرى مثل كوريا الجنوبية واليابان فيه، بينما ثمة من يقول جهرا وهو الرئيس ترامب نفسه بأن للحماية ثمنا فلم لا يدفعون.
بالنسبة لإيران فإن ثمة ما يغيب في الخطاب الأميركي والبريطاني خصوصا وهو التفاوض أو البحث عن حل وسط ويتمثل إيرانيا في إبداء حسن النية في الإفراج عن ناقلة الإيرانية المحتجزة في مضيق جبل طارق، أي تكريس معادلة ناقلة مقابل أخرى يتبع ذلك تفاوض ينهي إحكام الحصار على طهران والعقوبات عليها وهو ما يقول كثيرون إن واشنطن لن تفعله.
هنا تحرص إيران على قصر صراعها ظاهريا على الأقل على واشنطن ولندن، أما دول المنطقة وتحديدا السعوديون والإماراتيون فوضعهم مختلف والسعي إنما هو للتشارك والتعاون معهم بشأن ترتيبات أمنية في المنطقة وذاك ربما ما سعت إليه طهران بالاتفاق الأمني الأخير الذي قالت إنها أبرمته مع أبو ظبي. أهي محاولة للتبريد في منطقة ملتهبة أم أنها محاولة لشق التحالف بين الأميركيين من جهة وحلفائهم الخليجيين في أبو ظبي والرياض من جهة أخرى.
وفي هذا السياق، يعتبر محللون أن رسالة إيران واضحة وهي إحكام السيطرة على أمن الخليج بالتعاون مع الفرقاء في المنطقة. فيما كشفت مصادر من طهران عن زيارة وفد سعودي لإيران، فضلا عن مؤشرات إيجابية من الرياض من ضمنها تبادل بعض الرسائل والاجتماعات بين وزير الأوقاف السعودي ورئيس منظمة الحج الإيرانية، وهذا ان دل على شيء فانه يدل على أن السعودية أيقنت أنه لا يمكن الاعتماد على أميركا في أزماتها، خاصة أن الأخيرة لا ترى في السعودية سوى "الابتزاز" الذي أتعب اقتصاد الرياض، بينما إيران يمكن أن تتفاهم معها وتحافظ على أموالها وأمنها بدل إنهاك اقتصادها من طرف أميركا.
أيا يكن الأمر فإن ثمة ما يحدث ويتصاعد في مياههم تنقل النفط لكنها لا تستطيع تحمل الصراع عليه، وتريد واشنطن إنشاء قوة خاصة بها بالإضافة إلى ما قال بومبيو إنه تحالف دولي لحماية السفن، وذلك فإذا حدث فيعني فائضة عسكرة في المنطقة التفاوض من خلال السلاح والفرقاطات تفاوض الخشن قد يتحول إلى استخدام فعلي للقوة لا تحمد عقباه. وسواء حدث هذا بسبب خطأ في الحسابات أو لتحسين شروط التفاوض فإن السيطرة عليه قد تصبح مستحيلة ما يعني تحوله إلى حرب هذا يريد خطرا الرجل ينفي وإن كان يلوح وطهران تنفي وإن كانت تبعث الرسائل وتلك لعبة خطرة يقول البعض إنها مخاتلة أيضا وتهدف لكسب الوقت بالنسبة للجانبين لاستكمال أدوات القوة للتفاوض بنيرانها إذا تعذرت التسويات في آخر لحظة أو فشل التوصل إليها.
ارسال التعليق