
"بلحاف" من منشأة للغاز إلى ثكنة عسكرية للتحالف السعودي
[فيصل التويجري]
من بين محافظات اليمن كانت شبوة مصدر أمل كبير بالنظر إلى ثروتها من الغاز الطبيعي فضلا عن تاريخها وموقعها الجغرافي الحيوي. ولعل هذه العوامل معاً هي ما جعل شبوة محط اهتمام كبير من الاحتلال السعودي والاماراتي. واستناداً الى محافظ شبوة، "محمد صالح بن علجون"، فان أبو ظبي والرياض حولتا منشأة بلحاف للغاز الى ثكنة عسكرية ناهيك عن اتهام لها بوقف تصدير الغاز لخمس سنوات وتسريح مئات من العاملين بمجال إنتاج الغاز. فما مدى وجاهة هذه الاتهامات وماذا بريد التحالف السعودي من محافظة شبوة وتحديداً من "منشأة بلحاف" لتسييل الغاز وتصديره.
منشأة بلحاف للغاز في محافظة الشبوة اليمنية قد تختزل قصتها خطط مصادرة مستقبل شعب برمته. كيف لا والتحالف يرفض إعادة تشغيلها رغم تأكيد الخبراء أن لا شيء تقني يمنع ذلك. وتحذيرهم أن العامل الرئيسي الذي قد يسمح لاستعادة اليمن لما يشبه الحياة الطبيعية هو قطاع الطاقة ومنشأة بلحاف هي قلبه النابض.
وبدأت مأساة بلحاف، عقب شن التحالف السعودي ما سمي بـ "عاصفة الحزم" عام 2015. ومن حينها أغلقت المؤسسة التي تسهم فيها شركات دولية أبرزها شركة توتال الفرنسية. ومن حينها حرم اليمنيون الذين يعيش أكثر من ثلثيهم حالة فقر مدقع من عائداتها. وقد تجاوزت طاقت انتاجها حينها 6 ملايين وسبعة مئة الف طن سنوياً من الغاز المهيأ للتصدير الى الأسواق الأسيوية والأمريكية.
لكن المنعطف الحقيقي حدث حين استولت عليها الامارات عام 2017. ومنذ ذلك الحين أعلن محافظ شبوة أكثر من مرة ان الحقبة الرئيسية من إعادة تشغيل المنشأة هي الامارات. مؤكداً انها حولت المنشأة الى ثكنة عسكرية ومنعت إعادة الإنتاج والتصدير. وطالب المحافظ بضرورة خروج الاماراتيين من المنشأة وجاء مطلبه صداً لما ينادي به اليمنيون لا في شبوة وحدها بل بمحافظات يمنية عديدة. فقد اتضحت صورة الممارسات اليمنية لديهم وبات جلياً ما يقولون إن أبو ظبي والرياض هما المعطل الرئيسي للاقتصاد اليمني بممارسات تثير استفهامات عديدة.
وتثبت هذه الأدلة أن الإمارات والسعودية ليست في اليمن كما تدعيان من اجل إعادة الشرعية الى السلطة في اليمن. وقد ذكرت جماعات حقوق الإنسان وجود تعذيب وانتهاكات أخرى داخل السجون المدعومة من السعودية الإمارات في جنوب اليمن، كما أشارت وكالة "أسوشيتد برس" في الشهر الماضي إلى استخدام الاعتداء الجنسي "لتحطيم نفسية السجناء وتجريدهم من إنسانيتهم"، كما وثقت منظمة العفو الدولية أيضا ممارسة "الاختفاء القسري". وهذه برأي التحالف وسيلة لسحق المعارضة في الجنوب، ولكن المراقبين الدوليين يرون أنها تؤكد أولوية الطموحات السعودية الإماراتية الإقليمية لا الاعتبارات الإنسانية. وقد أدت سياسات "الاستقرار" التي تنفذها كل من الامارات والسعودية إلى زيادة الفجوة الداخلية في اليمن بشكل كبير. وساعد دعم أبو ظبي للانفصاليين الجنوبيين وأمراء الحرب الآخرين على إثارة التوترات في بلد مفكك بالفعل، وفي يناير/كانون الثاني الماضي، اشتبكت المليشيات الجنوبية التي تدعمها أبو ظبي مع قوات هادي الحكومية في عدن.
وقال الناشطون أن التحالف المزعوم الذي جاء إلى اليمن تحت ذريعة دعم الشعب اليمني هو من أوقف المطارات والموانئ، ومنع تصدير الثروات بحجة الحرب مما تسبب بأزمة حقيقية للعملة اليمنية وأدى إلى الإنهيار الاقتصادي في اليمن. وكان لافتا أن مؤيد حكومة هادي المدعومة من السعودية والمحسوبين على الإمارات هم أبرز من انتقدوا التدخل السعودي الاماراتي في اليمن، مشيرين إلى أن الرياض وأبو ظبي تهدفان الى تقسيم اليمن وسرقة خيارته وتحويله إلى عصابات ومليشيات متناحرة.
في الختام ما هي مصلحة التحالف من تعطيل هكذا مشاريع مهمة؟ بل ما العلاقة بين الأهداف المعلنة لحرب التحالف السعودي على اليمن وهي إعادة ما يسمى بـ "الشرعية" وبين السيطرة على منشآت البلاد الحيوية. اذاً ثمة مؤشرات أن كيل اليمنين من تصرفات الاماراتيين والسعوديين في شبوة وسقطرى وغيرها في المحافظات اليمنية قد طفح. والى ذلك الحين لنا ملتقى آخر.
ارسال التعليق