
بن سلمان يلغي نظام الكفالة...محاولة تجميل وجهه قبل قمة العشرين
[فيصل التويجري]
أعلنت وزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية، الأربعاء الماضي، رسميا إطلاق مبادرة تحسين العلاقة التعاقدية والتي تتضمن عدد من السياسات والضوابط من بينها إقرار نظام عقد العمل بين صاحب العمل والعامل الوافد ليحل محل نظام الكفالة الذي جرى تطبيقه على مدار 72 عاما، وهو النظام الذي استحدثه البريطانيون أول مرة في شبه الجزيرة العربية، أيام الاستعمار البريطاني هناك، وبدأ العمل بهذا النظام كقانون رسمي قبل اكتشاف النفط عام 1928، لتنظيم عمل الغواصين الأجانب الباحثين عن اللؤلؤ في البحرين، إذ لم تكن هناك حدود أو جوازات سفر في المنطقة آنذاك.
وتعرضت السعودية بسبب هذا النظام القديم الى الكثير من الانتقادات من قبل المنظمات الحقوقية وتلك التي تدافع عن حقوق العمال والتي ترى فيه شكلا من أشكال العبودية الحديثة. فبسبب هذا النظام تعرض العمال في السعودية وفق تقارير حقوقية، إلى الانتهاكات والاستغلال وسوء المعاملة من جانب الكفيل، بما في ذلك العمل القسري والعمل لساعات طويلة وبأجور متدنية وأحيانًا بلا أجر والاتجار بالبشر، وظروف تُشبه ظروف الاسترقاق، حتى إن بعض أرباب العمل يصادرون جوازات سفر العمال ولا يدفعون أجورهم ويجبرونهم على العمل ضد إرادتهم، ومن يترك عمله دون موافقة رب العمل، يتهم بـ"الهروب" ويواجه السجن والترحيل. وأدى نظام الكفالة، وفق منظمة "هيومن رايتس ووتش" إلى وجود مئات آلاف العمال دون وثائق رسمية، حيث يمكن لأصحاب العمل إكراه الناس على بلوغ هذه الحالة، ويمكن أن يصبح العمال الذين يهربون من الإساءات دون وثائق.
ووفق مطلعين على القرار الجديد فان ما تسميه القنوات السعودية اليوم بـ"الإصلاح" قد يسمح لقرابة سبعة ملايين من العمال المهرة وشبه المهرة بتقرير مصيرهم والخروج من البلد أو تغيير الكفيل، دون موافقة الكفيل الأول. ولكن هناك شروط لهذه التعديلات. وهذا ما يدعوا الى الحذر من هكذا اصلاح. فبالرغم من ترويج وسائل إعلام محلية وإقليمية بأن هذه الإصلاحات تعتبر خطوة مهمة لإنهاء نظام الكفالة إلا أن هناك الكثيرين ممن يشككون في الخطوة، ويرون فيها مجرد عملية تجميلية لتحسين صورة المملكة، التي تستعد لاحتضان قمة العشرين في وقت لاحق من هذا الشهر، وهو أمر غير كافي، فغالبية الوافدين لن تشملهم الإصلاحات الجديدة.
فبحسب القرار الجديد فان العمال المشمولون بهذه التغييرات، كالعاملين في مجال البناء أو البيع بالتجزئة وكذلك في تقنية المعلومات، لن يكونوا بحاجة لموافقة رب العمل كي يغادروا السعودية، وهي النقطة التي ينظر إليها على أنها الأكثر سوءا في نظام العمل، ولكن يجب عليهم تقديم طلب للسلطات، والتي يمكن أن ترفض خروجهم إذا كانت في ذمتهم ديون أو غرامات. صحيح أن الهدف المعلن لهذه المبادرة دفع الاقتصاد السعودي وتحسين ظروف عمل الوافدين، لكن الهدف الأبرز غير المعلن هو تبييض صورة المملكة ومحاولة غسل سمعتها حقوقيًا، بعد الانتقادات الكبيرة التي تعرضت لها بسبب نظام الكفالة.
هذا بالنسبة للعمالة الأجنبية، اما بالنسبة للمواطن السعودي الذي تفرض عليه ضرائب جديدة يوماً بعد يوم وتخفض رواتبه، حان الوقت العمل نحو تحديد مصيرهم في الوقت الذي تواصل فيه القيادة نهب الدولة لصالح أفرادها وعلى مشاريع إقليمية تخدم فقط مصالحها الضيقة. كما إن تراجع خدمات الدولة وخفض الرواتب بالإضافة إلى ارتفاع أسعار المستهلك ومظاهر الفقر طويل المدى، ستكون شرارة لعصر جديد من السياسات المعارضة يتسبب فيه سوء الإدارة الكارثي للدولة في ظل قيادتها الحاليّة.
ارسال التعليق