لماذا لا ترغب الامارات بمصالحة قطر؟
[هادي الاحسائي]
دخلت الأزمة الخليجية عامها الرابع ولم يتم الوصول إلى حل جذري حتى اللحظة، وإنما اقتصر الأمر على محاولات جزئية قادتها الولايات المتحدة الأمريكية ودولة الكويت لإنهاء الخلاف الخليجي ووضع حد لحصار قطر، واستطاعت الادارة الأمريكية بتوجيهات من الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الوصول إلى حل جزئي في مطلع العام 2020 ولكنها فشلت حينها، لتعيد المحاولة من جديد في مطلع الشهر الفائت ولكنها فشلت مجدداً ما أثار حفيظة المسؤولين الامريكيين ليوجهوا أصابع الاتهام بكل صراحة نحو الامارات عبر شبكة "فوكس نيوز" الأمريكية.
الولايات المتحدة الأمريكية من حيث الظاهر تبدو أنها غير مستفيدة من الخلاف الخليجي_الخليجي وتريد وضع حد لهذا الخلاف بأي ثمن، لكن الإمارات تعرقل هذه الحلول وتضع لها حد أيضاً بأي ثمن، والسؤال ما سر الخلاف بين الامارات والولايات المتحدة الأمريكية حول المصالحة الخليجية؟.
الخلاف من وجهة نظر الولايات المتحدة الأمريكية
أولاً: الولايات المتحدة الأمريكية لها مصالحها الخاصة في الشرق الأوسط وهذه المصالح تمر عبر الدول الخليجية، ناهيك عن وجود العديد من القواعد العسكرية الأمريكية في منطقة الخليج، وبالتالي ليس من صالح واشنطن أن يكون هناك خلاف بين هذه الدول حتى لا تتأثر قواعدها الجوية وحركة جنودها من وإلى هذه القواعد، لذلك نجد الولايات المتحدة تحرص قبل كل شيء على انهاء الحظر الجوي لأن هذا الأمر يسهّل تنقلات الدبلوماسيين الأمريكيين في الدوحة وكذلك القوات الأمريكية المتمركزة في قاعدة العديد الجوية بقطر.
الهدف الثاني لفك الحظر الجوي هو ممارسة اكبر ضغط ممكن على ايران، خاصة بعد ان فشلت الادارة الأمريكية في ارضاخ ايران، ولم تستطع في الوقت نفسه انهاء حصار قطر وتعاملاتها الاقتصادية مع ايران وفتح الاخيرة المجال الجوي امام الطائرات القطرية الأمر الذي يدر على يران بحسب فوكس نيوز 133 مليون دولار، وفيما كان الهدف من "حصار قطر" خنق الدوحة، إلا أنه دفع الدولة الخليجية الصغيرة والمهمة إستراتيجياً نحو الاعتماد على جيران وآخرين مثل إيران وتركيا والهند لتوفير الغذاء وحاجاتها الضرورية الأخرى.
ثانياً: الامارات أضاعت على الرئيس الأمريكي دونالد ترامب فرصة ذهبية بتحقيق نصر دبلوماسي قبل الانتخابات الأمريكية القادمة، ويبدو ان الظروف جميعها ليست لصالح ترامب في الآونة الأخيرة، فلم ينجح في احتواء فيروس كورونا حتى انه سخر من الفيروس في بداية انتشاره لتكون النتيجة شل الحياة لاقتصادية نتيجة هذا الفيروس في جميع الولايات الأمريكية، ليتبع ذلك مظاهرات لم تهدأ ولا تزال تداعيتها مستمرة حتى اللحظة بعد قتل اسمر البشرة جوروج فلويد على يد الشرطة الأمريكية في تصرف عنصري واضح، سيؤثر لا محالة على شعبية ترامب التي تراجعت كثيرا واصبح جو بايدن الأوفر حظاً الآن.
في ملفات الشرق الأوسط فشل ترامب ايضا، حيث لم يتمكن من اخراج السعودية من وحل اليمن ولم يتمكن ايضا من وضع حد لحصار قطر ولم ينجح في ارضاخ المقاومة في العراق ولبنان ولم يتمكن من فرض "صفقة القرن" بالقوة على الشعب الفلسطيني، ولم ينجح في حصار ايران، ولم يُسقط النظام في سوريا، فشل يتبعه فشل يتبع فشل لترديه الامارات بالضربة القاضية.
الخلاف من وجهة نظر الامارات
أولاً: نعتقد بأن الامارات ليس من صالحها أن تعود المياه لمجاريها بين دول مجلس التعاون الخليجي، لأن الامارات تعيش أيامها الذهبية بالنسبة للتوسع في منطقة الشرق الأوسط، ابتداءا من اليمن والسودان مرورا بمصر وليبيا وحتى سوريا التي كانت تعاديها اعادت فتح سفارتها بها، وبالتالي تجد الامارات نفسها اليوم في افضل حالاتها لتتوسع أكثر وتحظى بمكانة اقليمية أكبر من حجمها الحالي.
ثانياً: السعودية اليوم في أسوء حالاتها لذلك وتعيش أزمات داخلية وخارجية غير مسبوقة وهذا يساعد ابو ظبي على تمرير صفقاتها التي تريدها وتكسب المزيد من القوة، خاصة وان الجميع يجمع على تاثير محمد بن زايد على محمد بن سلمان ورضوخ الاخير له، وهذا ما اتضح في محاولات واشنطن الاخيرة لانهاء حصار قطر، حيث نقلت "فوكس نيوز"، في 9 تموز/ يوليو، عن مصادر مطلعة أن إدارة ترامب، التي زادت ضغوطها على دول المنطقة لإنهاء ما يعرف بـ"حصار قطر" مطلع العام الجاري، لاحظت منعطفاً إيجابياً في محادثات المصالحة قبل نحو شهرين بعدما أبدت الرياض استعداداً لقبول عناصر من الحل الذي تقوده واشنطن.
وأشارت إلى أن ترامب كلف كبار مسؤوليه، منذ ذلك الحين، صياغة "صفقة مقبولة" لجميع الأطراف. وبيّنت مصادر "فوكس نيوز" أنه بعد سلسلة من المناقشات الرفيعة المستوى بين كبار المسؤولين في كل من السعودية وقطر والإمارات والولايات المتحدة، جرى التوصل إلى اتفاق لإنهاء الحصار في الأسبوع الماضي، إلا ان الامارات عرقلت الامر لافتةً إلى حرمانها بذلك إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب من "انتصار دبلوماسي مهم" في الشرق الأوسط.
ثالثاً: قطر تعد منافس قوي للامارات في المنطقة وفي الفترة الاخيرة حصلت على مكانة أكبر مما كانت عليه في السابق، وهذا الامر اقلق الامارات الساعية للحصول على قيادة الشرق، بالاضافة الى ان الامارات تريد افشال تحضيرات كاس العالم في قطر تحت اي ظرف، خاصة وان هذا الحدث العالمي سيحبب العالم بقطر ويحسن صورتها في العالم اجمع وبالتالي ستصبح الامارات في موقف اقل قوة.
ارسال التعليق