
ما علاقة اغلاق قضية خاشقجي في التطبيع السعودي الإسرائيلي
[فيصل التويجري]
بأحكام وصفتها بالنهائية وواجبة التنفيذ، أعلنت النيابة العامة السعودية اغلاق ملف اغتيال الصحفي المعارض جمال خاشقجي بشقيها الخاص والعام. احكام جاءت مختلفة عن أخرى كان القضاء السعودي قد أعلنها سابقاً أو قبل أن يعلن أبناء خاشقجي عن قتلة والدهم. هذه الاحكام فتحت باب التخمينات بشأن المصير الذي ينتظر المسار القضائي في قضية خاشقجي. مصير بات اليوم معلوماً، فالمحاكم السعودية التي أغلقت الأبواب امام أطوار أخرى للقضية، الا أنها فتحت بابها أمام التأويلات للأبعاد القانونية والسياسية للأحكام الصادرة وكذلك مستقبل هذه القضية في منابر تناولتها باهتمام كبير خارج المملكة.
"احكام قطعية"، تلك كلمات القضاء السعودي في قضية صدمت وحشيتها العالم، وكما في السابق، لم يفصح عن أسماء المدانين الثمانية بجريمة خاشقجي امام المحكمة الجزائية في الرياض. لكن مدة سجنهم وفق النيابة العامة السعودية، تتراوح بين 7 أعوام و 20 عاما. وهنا نذكّر أن الاحكام الابتدائية قد تضمنت حكم الإعدام بحق 5 مدانين. لكن الأحكام الجديدة جاءت مختلفة، بعدما وصف بتنازل شرعي لذوي القتيل، والمقصود هنا غفر أبناء الصحفي جمال خاشقجي في مايو الماضي عن قتلة أبيهم في قنصلية بلده في إسطنبول وتلك الخطوة عجلت فيما يبدو بمآلي محاكمة يصفها الكثير من الناشطين بالمسيسة والغير المقبولة.
كما تنتقد منظمات حقوقية دولية ما تقول افتقارها الى الشفافية. ومع ذلك تصر سلطات ال سعود على أنها أدت ما عليها لإحقاق العدالة. كما وتعتقد أنها أسدلت الستار على قضية مقتل خاشقجي بشقيها العام والخاص. ذلك مسار، وثمة مسارات أخرى للقضية. ومن ذلك تحقيق دولي قادته المحققة الأممية المعنية بحالات الإعدام خارج القضاء. والذي خلص الى أن جريمة القنصلية تمت بأوامر عليا. وهنا انتقدت اغينيس كلامار الأحكام الأولية الصادرة عن القضاء السعودي أواخر العام الماضي، خاصة أن القضاء السعودي لم يوجه أي تهمة للمستشار السابق في الديوان الملكي سعود القحطاني، ولا أيضاً الى أحمد العسير والذي يشغل منصب نائب رئيس الاستخبارات العامة في المملكة. كما أنها برأت ساحت القنصل السعودي في إسطنبول، محمد العتيبي. وقال النائب السعودي حينها أن القتل كان نتيجة عملية مارقة، لا صلة للمملكة السعودية في التخطيط لها. وأن 11 عشر شخصاً يحاكمون في القضية. في هذا السياق، كثيرون وبينهم الأمم المتحدة، ووكالات استخبارية ومسؤولون في أمريكا قد شككوا قبل صدور الأحكام في المسار القضائي السعودي. بل ثمة من يصر منهم على محاكمة دولية، غير أن أنقرة لا تزال تطالب الرياض بتسليمها المتهمين جميعاً لمحاكمتهم على أرضها. ولم يتحقق ذلك، غير أنه لم يحل دون انطلاق مسار قضائي موازن في تركيا. ففي يوليو الماضي بدأت جلسات محاكمة لـ 20 سعودياً غيابياً بتهمة قتل خاشقجي. بينهما اثنان من كبار مساعدي ولي العهد السعودي حيث يتهمها الادعاء التركي بالتخطيط والتحريض على القتل العمد وتشكيل فريق الاغتيال. وفي هذا السياق، أرجأت محكمة العقوبات المشددة في إسطنبول الجلسة الثانية الى 24 من نوفمبر المقبل.
اذاً المملكة اعترفت رسمياً بجريمة القتل، وبالرغم من أن الأحكام الأخيرة قد خلت من أي حكم اعدام بحق المجرمين والذي سوف يشوه بالتأكيد سمعة المملكة في الخارج ويسبّب لها إحراج كبير على الصعيد الدبلوماسي، الا ان ثمن السكوت على الجريمة من قبل حلفائها الدوليين وخاصة أمريكا سوف يكون غاليا.
ومن وجهة نظرنا فان ثم السكوت على هكذا جريمة مروعة لا يقابلها اي ثمن غير التطبيع العلني مع الكيان الاسرائيلي، وذلك ما كشفته صحيفة “هآرتس” الاسرائيلية، من ان ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، يسعى إلى ترميم مكانته لدى الإدارة الأمريكية بعد مقتل الصحافي جمال خاشقجي، وهو ما منح “إسرائيل” الفرصة لتلعب دور الوسيط بين العالم العربي وأمريكا، وبعد إعلان السعودية فتح مجالها الجوي أمام جميع الطائرات المدنية التي ستطير من وإلى أبوظبي، بما فيها "الإسرائيلية" رغم عدم ذكرها صراحة، أوضحت الصحيفة، في مقال نشرته للكاتب تسفي برئيل، أن “السعودية حذرة، وثمن تطبيعها الرسمي مع إسرائيل سيكون مرتبطا بالثمن السياسي الذي ستحصل عليه الرياض من واشنطن”.
ارسال التعليق