
معارك أبين...والفشل السعودي الاماراتي في إدارة الأزمة اليمنية
[فيصل التويجري]
حسب مصادر عسكرية وطبيه من جنوب اليمن فان جندياً من قوات "عبدربه منصور هادي" قتل وأصيب 10 آخرون بينهم ضابط برتبة "عقيد" وذلك جراء سقوط قذيفة على تجمع لقوات "الشرعية" في منطقة "الشيخ سالم" في محافظة "أبين". الحادثة وقعت وفق تلك المصادر في سياق تجدد المواجهات بعد منتصف ليل الجمعة بين قوات هادي ومليشيات المجلس الانتقالي الذي تدعمه الامارات. وأفادت المصادر المحلية اليمنية ايضاً بتحليق طائرة مسيرة فوق موقع الاشتباكات دون أن تتمكن من تحديد هوية هذه الطائرة. تجدد المواجهات بين قوات "الشرعية" والمجلس الانتقالي الجنوبي يأتي بعد نحو 6 أسابيع من توقيع اتفاق على آلية لتنفذ اتفاق الرياض رعاه التحالف السعودي الاماراتي. وكان وقف المواجهات بين قوات هادي والانتقالي البند الأول فيه.
وفي هذا السياق يمكننا القول أن عودة المواجهات بين قوات الحكومة الشرعية اليمنية وقوات المجلس الانتقالي المدعوم إماراتيا في أبين تعد فشلا للإدارة السعودية لاتفاق الرياض. كما ويضاف الى ذلك، ان الإمارات تسعى من خلال عودة الموجهات إلى دعم المجلس الانتقالي بسلاح نوعي للسيطرة على أكبر جزء من المناطق الجنوبية، حيث أن دخول الطيران المسير في المعارك الأخيرة دليل على أنه لا فائدة للاتفاق مع المجلس الانتقالي. كما أنه هناك سيناريو إماراتيا يهدف إلى انتزاع مكاسب جديدة للانتقالي خوفا من أي يفقدوا مكانهم على الأرض، ومن يقاتل اليوم في القوات "الشرعية" هم جنوبيون ويدافعون عن أرضهم بعيدا عن التهم التي يطلقها الانتقالي من وقت إلى آخر.
لمعركة أبين أهمية عسكرية كبيرة، وفقًا لحسابات طرفي المواجهة وهي على الشكل التالي:
بالنسبة لقوات "الشرعية" المدعومة من السعودية تعد المعارك الحالية وخاصة في ابين الخيار المتاح لاستعادة مدينة "عدن" من المجلس الانتقالي الجنوبي، بعد تملصه من تنفيذ "اتفاق الرياض"، سواء قصدت الحكومة، بذلك، إعمال القوة، أو التلويح بها لحمل المجلس الانتقالي على تنفيذ الاتفاق، وقد يكون الشق الأخير ما تتبناه السعودية، بوصفها المشرف على الاتفاق. كما أن أبين لديها ترابط جغرافي مع مناطق سيطرة "الشرعية" العسكرية في المهرة، وحضرموت، وشبوة، ومأرب، وكذلك الربط العملياتي بين أربع مناطق عسكرية، هي: المنطقة الأولى (سيئون-حضرموت الصحراء)، والثانية (المكلا-حضرموت الساحل، والمهرة، وجزيرة سقطرى)، والثالثة (مأرب، وشبوة). وبموجب السيطرة على أبين، ستصبح ثاني محافظة في المنطقة العسكرية الرابعة، بعد محافظة تعز.
أما بالنسبة للمجلس الانتقالي فان المعركة تعني له الكثير، حيث يسعى من خلالها الى تحقيق أعلى قدر من التماسك في وضعه الدفاعي، لمنع وقوع المزيد من مناطق أبين في قبضة "الشرعية"، وحرمانها من الوصول إلى عدن. ويأتي هذا الحرص تعزيزًا لوضعه العسكري، الذي فرضه في غربي أبين، وفي عدن، والضالع، ومناطق من لحج، في أغسطس/آب 2019، وتمكينًا لممارسته الإدارة الذاتية بالقوة؛ حيث تخضع معظم هذه المناطق لحالة طوارئ مفتوحة، منذ الإعلان عن الإدارة الذاتية، في 25 أبريل/نيسان 2020.
تُقرِّر معركة أبين، سواء توقفت عند حدودها الراهنة على الأرض، أو واصلت ذلك، مصير السلطة الشرعية، وزعاماتها، وأهدافها، وحلفائها، وكذلك مصير المجلس الانتقالي الجنوبي، وزعاماته، وأهدافه، وحلفائه المحليين وداعميه الإقليميين، لاسيما أن اتفاق الرياض لا يمثل سوى الحد الأدنى لطموح طرفيْه، فضلًا عن كونه غير قابل للتنفيذ؛ لأنه بُني على قناعات هشة فرضتها السعودية، وفقًا لأجندات تتعلق بالتقاسم المبكر لمكاسب الحرب، ولا تلبي جوهر أهداف طرفي الاتفاق.
في الختام يمكننا القول أن اليمن والتحالف السعودي الاماراتي يقف اليوم على نقطة زمنية مفصلية، إما اصلاح مسار العلاقات المختلة بين حكومة هادي والإمارات، أو أن العلاقات المختلة اليوم ستقود إلى أوضاع أسوأ في المستقبل؛ منها تحقيق الانفصال في اليمن، وتداعيات أخرى قد تقود التحالف السعودي الاماراتي إلى الفشل في تحقيق أي هدف من أهدافه الكثيرة.
ارسال التعليق