
هل تنجح الکویت في رأب الصدع الخليجي_الخليجي
[هادي الاحسائي]
دخلت الأزمة الخليجية عامها الرابع ولايوجد أي أفق للحل بالرغم من جميع المساعي التي قادتها الكويت خلال فترة حكم أمير الكويت السابق الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح، واليوم يبدو أن حاكم الكويت الجديد نواف الأحمد الصباح يحاول الاستمرار على نفس النهج واكمال ملف المصالحة بين الأخوة الاعداء الخليجيين، ولكن هل تكفي النوايا والآمال لانهاء الأزمة المستمرة منذ أكثر من 3 سنوات؟.
الأزمة بدأت في عهد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في الخامس من حزيران من عام 2017، حيث أقدمت السعودية والامارات على حصار قطر بدعوى دعمها للارهاب وفرضت عليها 13 شرطاً لفك الحصار عنها واعادة العلاقات على ما كانت عليه. الصدمة كانت أن قطر رفضت شروط آل سعود ومضت في رفضها حتى اللحظة، حتى انها نفت دعمها للارهاب وكل التهم الموجهة اليها، وعلى هذا الأساس بقيت الأمور عالقة بين هذه الدول دون جدوى.
اليوم عادت القضية للواجهة، بعد أن كشفت صحيفة كويتية عن اتصالات تجري حالياً بشأن حل الأزمة الخليجية تقودها الكويت، مشيرة إلى وجود "آمال" في الأفق للوصول إلى حل يرضي جميع الأطراف. وقالت صحيفة "القبس" المحلية، مساء الأحد: إن "مصادر حكومية رفيعة" - لم تسمها - أكدت أن "مساعي الكويت لحل الخلاف الخليجي مستمرة ولم تتوقف"، كاشفة عن "اتصالات تجري حالياً من أجل لم الشمل، وبذل المزيد من المساعي الجديدة الهادفة للتوفيق بين وجهات النظر التي تعد السبب الرئيس في تأخر إنهاء الخلاف حتى الآن".
طبعاً في السابق كان هناك محاولات من قبل الكويت وسلطنة عمان لانهاء الخلاف لكن هذه المحاولات وصلت إلى طريق مسدود التعنت السعودي، وفي 20 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، قال رئيس الوزراء الكويتي صباح الخالد الصباح، إن بلاده ستواصل "المساعي الخيرة لإنهاء الخلاف الذي نشب بين الأشقاء (في المنطقة الخليجية) وأضعف قوتنا، وسنواصل دعم مجلس التعاون باعتباره محققًا لمصالحنا وتطلعات شعبنا".
لماذا لم تنجح المصالحة حتى اليوم؟
أولاً: آل سعود يعتقدون أنفسهم أنهم قادة المنطقة الخليجية، وأن لهم سلطة على جميع الدول الخليجية الأخرى، ربما هذا الأمر كان صحيحاً قبل أكثر من 5 عقود، ولكن اليوم الوضع اختلف تماماً، حيث أصبح لكل دولة من هذه الدول استقلاليتها والأهم من هذا أن طفرة النفط ساعدت هذه الدول على أن تحصل على كميات كبيرة من الأموال، الأمر الذي ساهم في إعادة بناء هذه الدول لذاتها، والاستفادة من الخبرات الأجنبية والمضي نحو الحداثة، كما هو الحال بالنسبة لقطر، التي لم تعد تقبل بأن يكون أحداً وصياً عليها أو أن تخضع لشروط آل سعود، لذلك قررت ان تغرد خارج السرب وألا ترضخ لأي املاءات من اي دولة أخرى، وهذا الأمر لم يرض آل سعود، لذلك قرروا حصارها فكانت النتيجة عكس ما كانوا يتمنون.
ثانياً: الحصار أجبر قطر إلى أن تعيد بناء علاقات استراتيجية جديدة مع دول اقليمية أخرى للخروج من العزلة التي فرضتها عليها الامارات والسعودية، وهذا ما دفعها للتقرب من تركيا وايران أكثر من اي وقت مضى، وكلتا الدولتين لم تبخلا على قطر بالمساعدة وفتح المجالات الجوية لها لكي تخرج من عزلتها، وبالفعل تمكنت الدوحة من كسر الحصار وتحدي آل سعود دون ان تتضرر مصالحها بأي شيء.
ثالثاً: في الحقيقة السعودية والامارات هما من تأثرا بحصار قطر، وخاصة الرياض، فقطر كانت سوق مفتوح للبضائع السعودية والمنتجات الغذائية والألبان والاجبان ناهيك عن الاستثمارات ومجالات أخرى، وأيضاً كان القطريون من كبار المستثمرين في الامارات والسعودية، وفي كلا الحالتين كانت الخسارة الاكبر للرياض وابو ظبي.
في الحقيقة ابدت الدوحة مرونة في التعاطي مع أزمتها، وتمكنت من الالتفاف عليها والخروج منها، ويبدو انها قادرة بالاستمرار على هذا النحو لفترة طويلة، ولكن هل يمكن للسعودية الاستمرار في حصار قطر؟.
رابعاً: آل سعود يعانون من أزمات داخلية وخارجية لم تشهدها المملكة منذ عدة عقود، وهم بحاجة لرفع الحصار عن قطر ولكن في الوقت نفسه لا يمكنهم ذلك، لأن تنازل ال سعود عن هذه القضية سيساهم لامحالة في تشويه مكانتها ولن يكون لها هيبة في المنطقة الخليجية بعد اليوم، لذلك تكسر على انفها بصلة كبيرة وتتحمل ورطتها في حصارها لقطر إلى اجل غير مسمى، على امل ان تساهم دولة كبرى في اخراجها من هذا الكمين الذي صنعته لنفسها، وعلى هذا الاساس ستبقى وساطة الكويت معلقة في ظل التعنت السعودي.
ارسال التعليق