هل هذه آخر جريمة يستهدف بها "بن سلمان" المواطن
[جمال حسن]
حتى شهر الفضيلة وضيافة الرحمن لم تشفع للمواطن المغلوب على أمره أن ينجي بجلدته من ظلم وإجرام محمد بن سلمان ووالده المصاب بالزهايمر العضال، أصحاب النفوس الضعيفة العفنة وهيستريا جنون العظمة؛ حتى باتت لقمة العيش حسرة على القاصي والداني ولم يعد أحداً من أبناء شعب الحجاز يرقد وهو مرتاح البال ولو للحظة واحدة.
أصدر الديوان الملكي قبل أيام قراراً جديداً يستهدف بها ما تبقى من فتات لقمة عيش المواطن دون رحمة أو شفقة، بخفض الرواتب في القطاع العام الى 40 % من كامل الأجر الفعلي لمدة 6 أشهر مع إمكانية إنهاء العقود مع الموظفين والعمال متى ما شاءت السلطة أو أرباب العمل حيث غالبيتهم المطلقة من الأمراء.
وزير المالية محمد الجدعان أعترف بعضمة لسانه وبكل وقاحة أن هذه الإجراءات مؤلمة جداً للمواطن (ما يعني انها لن تستهدف رواتب الأمراء وأصحاب المعالي وترف القصور الملكية)، مضيفاً: أن جميع الخيارات للتعامل مع الأزمة المالية مفتوحة؛ في إشارة منه أن هذه الإجراءات ستشمل حتى الذين يستفيدون من "حافز" أيضاً.
هو إستهداف مباشر ليس لجيب وحساب المواطن فحسب بل للقمة عيشه التي يحصل عليها بشق الأنفس، وإيقاف مقطوعة الضمان وتخفيض رواتبهم الى جانب رفع معدل ونسبة الضرائب وقطع الدعوم الحكومية حتى للمواد الإستهلاكية والأدوية كما أعتدنا من قبل، ما سيؤدي الى رفع كبير غير منضبط في الأسعار واستغلال بشع في صيدلياتنا، ووزير المالية يشدد على ضرورة "شد الأحزمة"، فهل بقى لنا خصر أو ظهر لنشد عليه الحزام؟!.
المواطن السعودي هو الضحية الأكبر سواء بشكل مباشر أو غير مباشر في كل قرار ملكي، إقتصادي كان أم سياسي، إجتماعي أم ثقافي أو حقوقي، في الوقت ذاته تطلعنا وسائل اعلام أمريكية عن شراء سلطات ال سعود حصة كبيرة في شركة حفلات أمريكية في ظل الأزمة المالية والكورونا والنفط والتقشف المدقع القاتل على أبناء بلد الذهب الأسود.
الجدعان لم ولن يكشف عن تكاليف القصور الملكية في ظل التحديات والأزمة المالية القاتلة التي تعيشها البلاد، لسبب السياسة السلمانية الطائشة الفاشلة والتي أدت الى إنخفاض الإيرادات الحكومية الى مستويات يصعب التعامل معها ما يستدعي الى إستهداف جيب ولقمة عيش المواطن والبقاء على ترف وتبذير القصور الملكية بذريعة "حماية إقتصاد المملكة" والتقليل من الأضرار الكبيرة التي ستلحق بنا.
وزير المالية وبكل وقاحة يبرر هذه الإجراءات القاتلة للمواطن بأنها تصب في مجال "حماية المواطن والاقتصاد" للحد من تفاقم الأزمة وتبعاتها. معللاً ذلك لثلاث صدمات منها الإنخفاض غير المسبوق في الطلب على النفط والإنخفاض الحاد لأسعاره، ذلك المصدر الأساس لإيرادات الدولة، متجاهلاً بالعمد السبب الرئيسي لهذا الإنخفاض الحاد الذي تسببه نجل سلمان بإشباعه سوق الطاقة العالمية من النفط السعودي بأدنى سعر في صراع مع الدب الروسي والذي فشل فيه فشلاً ذريعاً كما في جميع سياساته الطائشة.
وأشار الى أن الصدمة الثانية هي الإجراءات الوقائية الضرورية المتخذة للحفاظ على أرواح المواطنين والمقيمين وسلامتهم ومنع إنتشار الجائحة، في كذبة اخرى حيث الفيروس يجتاح جميع مناحي بلاد الحجاز دون رحمة والسلطات تسعى الى إخفاء الحقيقة والتعمد بعدم إعلانها الأرقام الحقيقية للمصابين والمتوفين جراء تعمد الحكومة في ذلك.
وصرح المتحدث باسم وزارة الصحة محمد العبد العالي، خلال مؤتمر صحفي، برصد 1645 إصابة مؤكدة جديدة بفيروس كورونا ليرتفع العدد الإجمالي للمصابين في البلاد الى 28656 شخصا، منهم 19% من السعوديين و81% من غير السعوديين. لافتاً الى أن 13% من الحالات الجديدة سجلت لدى الإناث و87% لدى الذكور.
وأدعى "الجدعان"، في مقابلة مع وكالة "بلومبرغ" الأمريكية، إن الإجراءات المعلنة لتوفير 100 مليار ريال (نحو 26 مليار دولار)، تهدف لوضع المالية العامة في حالة تتيح لها مساندة الاقتصاد.. لاحتواء تفشي فيروس "كورونا"، مدعياً كذباً وبهتاناً أن إجراءات زيادة ضريبة القيمة المضافة حتى 15% بدءا من يوليو/تموز المقبل، وذلك إلغاء بدل غلاء المعيشة بدءا من شهر يونيو/ حزيرن القادم سوف لن ينعكس على "حساب المواطن"!!
وبلغ أثر ما تم إقراره من إجراءات 100 مليار ريال تقريبا، شملت: إلغاء أو تمديد أو تأجيل لبعض بنود النفقات التشغيلية والرأسمالية لعدد من الجهات الحكومية وخفض اعتمادات عدد من مبادرات برامج تحقيق الرؤية والمشاريع الكبرى للعام المالي (1441 / 1442 هـ ) (2020م).
في هذا الاطار قال خبير بريطاني في شؤون دول مجلس التعاون، إن السعودية تعيش في مأزق غير مسبوق بسبب وضعها الاقتصادي المتردي نتيجة لانخفاض أسعار النفط، وتورطها في مستنقع الحرب في اليمن، وأزماتها الداخلية المتلاحقة، فيما نقلت مصادر عربية أن ولي العهد محمد بن سلمان طلب في اتصال هاتفي مع رئيس الوزراء العراقي الجديد مصطفى الكاظمي "وساطة بغداد" لتهدئة الأوضاع بين السعودية وايران.
وكشفت سوق البورصة السعودي عن تراجع كبير في المؤشر العام للأسهم في المعاملات المبكرة بعد أن اعلان الرياض زيادة ضريبة القيمة المضافة الى ثلاثة أمثالها وتعلق بدل غلاء المعيشة لموظفي الدولة، حيث إنخفض المؤشر نحو 2.8 %، وشملت الخسائر سائر الأسواق الرئيسية الخليجية أيضا، حيث هبطت دبي 2.3 %.
كما خسرت الشركة للصناعة الأساسية "سابك" أكثر من ربع مليار دولار خلال الربع الأول من العام الحالي، مدفوعة بتراجع الإيرادات المتأتية من المبيعات. وقالت "سابك": إن صافي خسارتها بنهاية آذار/مارس الماضي، بلغ 950 مليون ريال (253.3 مليون دولار)، مقارنة مع ربح بقيمة 3.41 مليار ريال (909 ملايين دولار) في الربع الأول 2019.
السياسات الخاطئة والفاشلة خلال العهد السلماني جعلت من مملكة البترول الأولى عالمياً ودولة توفر أموالاً طائلة من عائدات العمرة والحج الى أحد أكبر المقترضين في العالم العربي والاقليمي، فالوقائع تؤكد أن الرياض تتأهب للحصول على قروض قياسية تقدّر بنحو 59 مليار دولار هذا العام، ما سيؤدي الى قفزة تاريخية ومستويات قياسية ستبلغ أكثر من ربع مليار دولار نهاية العام الجاري؛ ما هي إلا عبء كبير وثقيل آخر سيبقى على كاهل المواطن المسكين طوال العقود القادمة.
وأرتفع الدين العام السعودي 6.7 % الى 723.5 مليار ريال (192.9 مليار دولار) في نهاية الربع الأول من العام الجاري، مقارنة بنهاية 2019. حيث أظهرت بيانات الميزانية إرتفاع حجم الدين العام مع نهاية عام 2019 إلى 678 مليار ريال (180.8 مليار دولار)؛ وحسب تقديرات رسمية ستصل نسبة إجمالي الدين العام في نهاية 2020 الى 26 % من الناتج المحلي الإجمالي!!.
وتوقع "ستاندرد تشارترد"، في تقرير صدر الأسبوع الماضي، إنكماش حاد في الناتج المحلي الإجمالي للسعودية 4.5% في 2020، نتيجة خفض إنتاج النفط، في تدهور كبير قياساً بتوقعات سابقة بنمو نسبته 5 %. كما عدلت وكالة "موديز" للتصنيف الائتماني مؤخراً النظرة المستقبلية للسعودية من مستقرة إلى سلبية، وأكدت تصنيفها السيادي عند A1.
وقالت مجموعة "متسوبيشي يو إف جي" المالية (إم يو إف جي) اليابانية إن مستويات كبيرة من العجز المالي قد تضغط على التصنيف الائتماني للسعودية وتزيد تكلفة الاقتراض، في حين تكبدت السندات الدولارية للمملكة خسائراً متأثرة بعد تحذيرات وزير المالية محمد الجدعان. وكانت الرياض قد رفعت سقف الاستدانة الى 50% من الناتج الإجمالي بدلا من 30% في مارس/آذار الماضي، وباعت سندات دولية حجمها 12 مليار دولار هذا العام.
ارسال التعليق