2000 يوم من الحرب: لا منتصر ولا مهزوم سوى اليمن المدمر
التغيير
تغزو حملة إلكترونية مواقع التواصل الاجتماعية اليمنية، مع مرور أكثر من 2000 يوم من الحرب على اليمن تحت ذريعة مواجهة أنصار الله.
وتقترب الحرب من اختتام عامها السادس، دون انتصار ولا هزيمة، عدا تدمير اليمن وممتلكاتها واقتصادها، وسرقة خيراتها النفطية والسيطرة على موانها الاستراتيجية.
ويغرد نشطاء يمنيون بصور الخراب والدمار الذي حلّ في بلادهم بفعل الضربات الجوية للتحالف، التي بدأت في 25 مارس/ آذار 2015.
ورغم مرور هذه الفترة الطويلة جدا، إلا أن الوضع الميداني والعسكري ما زال مشتعلا، إثر اشتداد المعارك منذ أسابيع في جبهات عديدة، أبرزها محافظة مأرب الغنية بالنفط.
وانطلقت عمليات التحالف بطلب من الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي، الذي نفاه أنصار الله من العاصمة صنعاء (شمال)، بعد أن استولوا عليها بقوة السلاح في 21 سبتمبر/ أيلول 2014.
وبدأت عمليات التحالف بعد أن سيطر أنصار الله والقوات الموالية لهم على معظم مناطق الشمال اليمني، وانطلقوا إلى محافظات جنوبية سيطروا عليها في 2015، بينها مدينة عدن، التي تم تحريرها بإسناد التحالف في يوليو/ تموز 2015.
مع انطلاق عمليات التحالف استبشر بعض من اليمنيين المعارضين لأنصار الله ، واعتقد كثيرون أنه سيتم كبح جماح “أنصار الله” خلال أسابيع، لكنهم مصابون حاليا بخيبة أمل كبيرة، مع اقتراب اكتمال ست سنوات من دون وجود أفق لحسم عسكري ولا حل سياسي ينهي مأساة البلد العربي الفقير.
واستعاد التحالف العربي والقوات الحكومية المسنودة منه محافظات ومناطق جنوب وشمال البلاد، مقابل إخفاق وتراجع في جبهات أخرى لصالح أنصار الله.
مثلا، استعادت القوات الحكومية السيطرة على محافظات كان أنصار الله بسطوا نفوذهم المسلح عليها، ومنها عدن وشبوة وأبين (جنوب).
كما سيطرت القوات المدعومة من التحالف على أغلبية محافظات لحج والضالع وتعز (جنوب غرب)، فيما لا زالت مناطق مهمة في قبضة أنصار الله بهذه المحافظات الثلاث.
وحققت القوات الموالية للتحالف تقدما ميدانيا في محافظتي الحُديدة وحجة (غرب)، وسيطرت على بعض مديرياتها.
وفي شمالي اليمن، حيث الكثافة السكانية الكبيرة، لم يتغير الوضع الميداني كثيرا منذ بدء الحرب، فأنصار الله استمروا في السيطرة على معظم محافظات الشمال، بما فيها صنعاء، إضافة إلى محافظات إب وذمار وعمران وريمة وغيرها.
واستمرت الحكومة اليمنية في السيطرة على مدينة مأرب الحيوية، التي لم يدخلها أنصار الله منذ بدء الحرب.
لكن مع دخول عام 2020 تعرضت القوات الحكومية لانتكاسات ميدانية كبيرة في مواجهات ضد أنصار الله.
فرغم أن “هدف” تحالف العدوان هو إعادة السلطات الشرعية إلى صنعاء، إلا أنه بعد مرور سنوات من تدخله تعقد الهدف أكثر، بعد أن سيطر أنصار الله ، في يناير/ كانون الثاني الماضي، على غالبية جبهة نهم الجبلية.
وجبهة نهم الجبلية هي البوابة الشرقية لصنعاء، واتخذها الجيش اليمني منطلقا عسكريا لدخول العاصمة، وخسر فيها آلاف القتلى والجرحى.
وفي مارس/ آذار الماضي، تقدم أنصار الله في محافظة الجوف (شمال)، وسيطروا على مركزها مدينة الحزم، كما سيطروا لاحقا على جبهة قانية الاستراتيجية بمحافظة البيضاء (وسط)، وهي إحدى بوابات مأرب، آخر معقل للحكومة في الشمال.
وما تزال المعارك تدور، منذ أسابيع، في مناطق تتبع مأرب إداريا، غير أن كلا الطرفين لم يحققا أي تقدم مهم في المحافظة منذ اشتداد المواجهات مؤخرا.
وشن التحالف عددا كبيرا من الغارات الجوية على مناطق يمنية، بعضها تسبب بمقتل مدنيين، فيما قتلت أخرى جنودا في القوات التي يدعمها التحالف.
وفي مارس/ آذار الماضي، أعلن أنصار الله، عبر متحدثها العسكري يحيى سريع، أن التحالف شن أكثر من 257 ألف غارة جوية على اليمن، منذ بدء تدخله.
فيما أفاد أنصار الله أنها أطلقت أكثر من 410 صواريخ باليستية على أهداف عسكرية حيوية ومنشآت في المملكة.
وقال التحالف، منتصف يونيو/ حزيران الماضي، إن مجموع الصواريخ البالستية التي تم إطلاقها باتجاه المملكة وتم اعتراضها، بلغ 313، مع اعتراض وتدمير 357 طائرة من دون طيار.
ولعل أبرز غارة جوية نفذها التحالف هي تلك التي قتلت صالح الصماد، رئيس المجلس السياسي الأعلى لأنصار الله في أبريل/ نيسان 2018، حينما تم استهداف سيارته مع مرافقين له في الحُديدة.
أما أبرز هجمات أنصار الله على المملكة ، فكانت منتصف سبتمبر/ أيلول 2019، عندما هاجموا بطائرات مسيرة منشأتين لإنتاج النفط تابعتين لشركة “أرامكو”.
وأدت الهجمات إلى توقف مؤقت لنحو 5.7 ملايين برميل يوميا من إمدادات الخام، أو حوالي 50 بالمئة من إنتاج “أرامكو”، إضافة إلى ملياري قدم مكعبة من الغاز المصاحب.
ولا تزال تتوالى اتهامات موجهة إلى التحالف بأنه حرف مسار أهدافه المتمثلة بتحرير اليمن وإعادة السلطات، وأنه لجأ مؤخرا إلى ما يُسمى “تحرير المحرر”، أي التوسع عسكريا في مناطق لا يتواجد فيها أنصار الله شرقي البلاد.
ويوجه يمنيون، بينهم مسؤولون حكوميون، انتقادات متكررة إلى المملكة والإمارات، حيث أرسلتا قواتا إلى مناطق بعيدة عن نفوذ أنصار الله ، خصوصا في محافظتي سقطرى والمهرة (شرق)، مما أثار سخط كثيرين شددوا على ضرورة تحرير المناطق الواقعة تحت سيطرة أنصار الله، وليس التوجه شرقا لتحقيق “مطامع توسعية”.
ودعمت الإمارات قوات “المجلس الانتقالي الجنوبي” في السيطرة على أرخبيل سقطرى في المحيط الهندي في يونيو/ حزيران الماضي، في وقت يتواجد فيه ألف جندي من قوات آل سعود هناك.
وتقول تقارير محلية ودولية إن الإمارات تسعى إلى إنشاء قاعدة عسكرية في هذا الأرخبيل اليمني الحيوي، فيما تلتزم أبو ظبي الصمت، وسبق أن أعربت عن حرصها على مصلحة اليمن واليمنيين.
وفي المهرة، ثاني أكبر المحافظات مساحة، ما زالت قوات آل سعود تتواجد هناك، وسط اتهامات من رجال قبائل باتوا يطلقون على تواجد التحالف “احتلالا”، مع اعتصام احتجاجي متكرر منذ عامين، يطالب بإخراج القوات ودعم السلطات الشرعية في المحافظة.
وتستمر الحرب اليمنية، وسط آمال بإنهائها، وجهود دبلوماسية أممية ودولية للتوصل إلى حل سياسي، فيما يبدو أن الجانب الميداني- العسكري أصبح أكثر تعقيدا.
وحتى اليوم، لا يوجد منتصر ولا مهزوم، فكلا الطرفين تعرضا لإنهاك شديد واستنزاف هائل للمقاتلين.
ويدفع المواطن اليمني البسيط ضريبة الحرب في أسوأ أزمة إنسانية بالعالم، حيث بات الملايين على حافة المجاعة، إذا يعتمد 80 بالمئة من السكان، البالغ عددهم نحو 30 مليون نسمة، على المساعدات الإنسانية للبقاء أحياء.
وتقدر الأمم المتحدة مقتل 112 ألف شخص، منهم 12 ألف مدني، لكن الواقع يشير إلى أن الضحايا المدنيين أكثر من ذلك بكثير.
وتستمر الجهود الأممية لإقناع الأطراف اليمنية بحل سياسي، لكن لا يوجد مؤشر حقيقي على اقتناعهم بذلك، في ظل تباين كبير في وجهات النظر وانعدام للثقة، ما يجعل من الصعب إنهاء هذه الحرب قريبا.
ارسال التعليق