السعودية بين بدعة المولد وسنة الكريسمس
بقلم: عبدالفتاح علي البنوس/ كاتب صحفي يمنيتدخل مدينة جده السعودية هذا العام ماراثون السباق والمنافسة مع مدينة دبي الإماراتية في الإحتفال بالعام الميلادي الجديد المعروف (بالكريسمس) بعد أن صارت شؤون بلاد الحرمين الشريفين بيد سلمان بن عبدالعزيز، وابنه محمد، وبعد أن اهتدى الأخير لرؤيته (الخارقة للعادة) المسماة (رؤية المملكة 2030 ) هذه الرؤية المتصهينة المتيهودة التي دشنها بقتل الصحفي جمال خاشقجي وإلغاء ما كان يسمى بهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، والتي كانت سيف الوهابية المسلط على رقاب الناس داخل البلاد، والتي عملت على دعشنة الإسلام والإساءة إلى قيم الوسطية والإعتدال التي يتميز بها، من خلال جملة من الممارسات التبديعية والغير منطقية والتي تعد من الحريات الشخصية التي لا قيود ولا وصاية عليها.
حيث جاء قرار استبدالها بهيئة جديدة تعنى بالترفيه أطلق عليها إسم الهيئة الوطنية للترفيه برئاسة المستشار تركي ال الشيخ، وبسرعة خاطفة، توارى حاخامات ما كان يسمى بهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر عن الأنظار، والبعض الآخر شرعنوا للترفيه، واعتبروه (طاعة لولي الأمر) وتحولوا من وعاظ إلى مرفهين (بكسر الفاء) يباركون هذا التحول، ويشيدون (بالقيادة الرشيدة) ونظرتها الثاقبة، ورؤيتها القيمة، لتتحول بلاد الحرمين إلى قبلة ووجهة للترفيه ومقبلاته، علماء الدفع المسبق، ابتلعوا ألسنتهم ولزم الكثير منهم الصمت، تجاه الإنفتاح الترفيهي الذي تشهده المملكة، والبعض فضل أن يكون له نصيب من هذا الترفيه، ليرضى عنه بن سلمان، وليحصل منه على شهادة الإنفتاح، لضمان حصوله على العطايا والمكرمات السلمانية التي تمنح للمسبحين بحمد سلمان وابنه، والمؤيدين لهما على طول الخط.
اليوم تستعد مدينة جدة ولأول مرة في تاريخ السعودية لإحياء إحتفالات عيد الميلاد (الكريسمس) في أجواء صاخبة، حيث رصدت هيئة الترفيه السعودية ميزانية ضخمة لهذه الإحتفالات في محاكاة لجارتها دبي، حيث من المتوقع أن تعلن السعودية الأول من يناير من العام 2020عطلة رسمية تماشيا مع مقتضيات الإنفتاح، والمفارقة العجيبة أن الإنفتاح السعودي المزعوم ما يزال يتعامل مع الإحتفال بالمولد النبوي على أنه بدعة منكرة، ويمارس في حق الطائفة الشيعية في المملكة صنوف القمع والمنع والتعسف، رافضة السماح لهم بممارسة طقوسهم ومعتقداتهم والتي يرون أنها مخالفة للكتاب والسنة والسلف الصالح حد تعبيرهم!!!
أليست مفارقة عجيبة أن ينفتح السعودي على الإسرائيلي ويذهب نحو التطبيع معه، ويفتح بلاد الحرمين أمام مختلف الثقافات والمعتقدات والأديان والأجناس والأعراق، في الوقت الذي لا نجد أي أثر لهذا الإنفتاح مع شيعة القطيف وعندما يتعلق الأمر بإحياء المولد النبوي وغيرها من المناسبات الدينية التي يحييها ويحتفل بها المسلمين الشيعة؟!! وكأن قيود وضغوط وهيئة الإنفتاح السعودي محصورة في هذا الجانب وضد هذه الطائفة الإسلامية التي يعمل آل سعود وأتباع محمد بن عبدالوهاب على محاربتهم والتنكيل بهم ، ويسعون نحو اجتثاثهم تحت عناوين ويافطات ومبررات طائفية مذهبية مقيتة ما أنزل الله بها من سلطان؟!!
بالمختصر المفيد الإنفتاح السعودي الذي يرعاه ويشرف عليه محمد بن سلمان يقود مملكة آل سعود نحو الهاوية ويسرع من سقوطها، فالخصوصية الدينية والدلالة الرمزية التي تمثلها بلاد الحرمين لا تنسجم مع تفاصيل الرؤية الترفيهية التي يتم تنفيذها، والتشدد والتزمت والتطرف والغلو الذي كانت عليه السعودية في ظل سلطة هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ما يزال خامدا في داخل الكثير من تلكم الأدوات التي كان النظام يستخدمها، وقد لا يتأقلم الكثير منهم مع الوضع الجديد، ولا أستبعد حصول حالة من التمرد على ذلك، وقد يتطور الأمر إلى حد القيام بأعمال عدائية تستهدف هذه الفعاليات الترفيهية، المهم أن السعودية باتت على فوهة بركان، ومن المعطيات الراهنة يبدو أن ثورة هذا البركان باتت قريبة جدا، وعليهم أن يستعدوا لمواجهتها وتحمل تداعياتها وآثارها المدمرة والتي قد تطيح بمملكتهم وتسقط عرشهم، وتمنح أبناء نجد والحجاز فرصة الخلاص من عبوديتهم وقهرهم واستبدادهم وتسلطهم وساميتهم وساديتهم المفرطة.
ارسال التعليق