السلطات السعودية "تحتضن" اجتماعاً حول غزة: البحث عن دورٍ مفقود
لن تَستكِن "السعودية" حتى تخرج من حرب غزة بمكاسب تسندها في أكذوبة مضيّها في تحقيق "رِبح"للقضية العربية، وتكون لها حصان طروادة في صفقتها مع ثنائي حروب المنطقة، الولايات المتحدة الأميركية وكيان الاحتلال الإسرائيلي.
وفي سياق سعيها هذا؛ من المُرتقب أن تضم "السعودية" اجتماعا بين مسؤولين عرب وغربيين، يوم غد الإثنين، لمناقشة "مستقبل غزة"، على هامش نسخة خاصة للمنتدى الاقتصادي العالمي، أملا منها باعتلاء أي إنجاز قد يحققه الاجتماع لصالح إنهاء الحرب.
وأعلن المتحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية ماثيو ميلر أن وزير الخارجية الأميركي سوف يكون حاضرا في الاجتماع، و"سيناقش الجهود المبذولة للتوصل إلى وقف إطلاق نار في غزة بما يضمن إطلاق سراح الرهائن، وكيف تقف حماس بين الشعب الفلسطيني ووقف إطلاق النار"، ما يضع الخطوط العريضة لشكل الاجتماع المرتقب.
وأما فيما يتعلق ببند إقامة "دولة للفلسطينيين"، فجاء في البيان أن بلينكن سيناقش "المضي قدما" نحو إقامة دولة فلسطينية.
ونقلت وكالة بلومبرغ عن مصدرين مطلعين، أن المحادثات المتوقع انعقادها، "قد يشارك فيها أيضاً وزير الخارجية البريطاني ديفيد كاميرون، بالإضافة إلى مسؤولين من الاتحاد الأوروبي والأردن ومصر وقطر والسلطة الفلسطينية"، مُستبعدة مشاركة شخصية إسرائيلية في الاجتماع.
ومن المنتظَر أن يشارك وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن أيضاً في المحادثات، إذ يعتزم زيارة السعودية للمشاركة في المنتدى الاقتصادي، وفق ما جاء بموقع "أكسيوس" الأمريكي.
والمناسبة التي سينعقد الاجتماع على هامشمها في السعودية سيكون يومَي 28 و29 أبريل/نيسان الجاري، هو الاجتماع الخاص للمنتدى الاقتصادي العالمي، تحت شعار "التعاون الدولي والنمو والطاقة من أجل التنمية"، وهو الاجتماع الأول من نوعه للمنتدى الاقتصادي العالمي، وذلك بحضور ومشاركة رؤساء الدول ومسؤولين من مختلف دول العالم.
فريدمان: على إسرائيل اختيار "الرياض" بدلاً من رفح:
وفي سياق آخر، كتب توماس فريدمان مقال رأي في نيويرك تايمز، اعتبر فيه أن تعنّت "إسرائيل" في خيار إطالة أمد الحرب على غزة وسلوكها مسار اجتياح رفح سوف ينعكس سلبا على فرص إتمام صفقة التطبيع مع "السعودية".
وصف فريدمان الموقف الإسرائيلي بالقول أن "على إسرائيل الاختيار إما رفح وإما السعودية". مجددا التأكيد على أن السعودية كانت من أشد المتحمسين لأن تثمرالحرب الإسرائيلية على غزة قضاء على "حماس"، ولكن اليوم مع عشرات آلاف الخسائر البشرية التي نتجت من العدوان الإسرائيلي على غزة، فإن هذا الخيار بات أصعب.
ووفق مقال فريدمان، ففي حال مضى كيان الإحتلال الإسرائيلي بخيار اجتياح رفح على أمل حصاد انتصار "بعيد المنال" بالقضاء على "حماس" فإنها سوف تخسر ما تبقّى لها من الدعم العالمي وستزيد من حالة النقمة عليها.
أشار الكاتب الأميركي إلى أن السعودية لا تزال تدعم خيار القضاء على حماس لكن أن لا يكون هناك تواجدا دائما للقوات الإسرائيلية على أرض غزة بشكل دائم.
ووفقا له، فإن الطريق الذي يمكن لإسرائيل أن تسلكه الآن هو وقف إطلاق النار والتركيز على إسراع إبرام اتفاقية تطبيع مع السعودية – وهو الطريق الذي لا يدعو إليه أي زعيم معارضة إسرائيلية رئيسية باعتباره الأولوية القصوى، ولكنه الطريق الذي ترسخه إدارة بايدن والسعوديون والمصريون والأردنيون والبحرينيون والمغاربة والإماراتيون.
وفي معرض عرضه لآراء أميركية رافضة غزة رفح، نقل عن أحد كبار المسؤولين الأميركيين قوله "دعونا نتذكر أن إسرائيل اعتقدت أن قادة حماس موجودون في خان يونس، فقامت بتدمير جزء كبير من تلك البلدة بحثًا عنهم ولم تجدهم وفعلوا الشيء نفسه مع مدينة غزة في الشمال فماذا حدث؟ بالتأكيد، قُتل الكثير من مقاتلي حماس هناك، لكن العديد من مقاتلي حماس الآخرين ذابوا للتو في الأنقاض وظهروا الآن من جديد - لدرجة أن وحدة تابعة لحماس تمكنت في 18 أبريل/نيسان من إطلاق صاروخ من بيت لاهيا في شمال غزة باتجاه مدينة عسقلان الإسرائيلية."
"أخبرني المسؤولون الأمريكيون أنه إذا شنت إسرائيل عملية عسكرية كبيرة في رفح، رغم اعتراضات الإدارة، فإن الرئيس بايدن سيفكر في تقييد مبيعات معينة من الأسلحة لإسرائيل" كتب فريدمان.
ويتابع نقله عن مسؤولين أميركيين، بأن هذا ليس لأن إدارة بايدن تريد تجنب المزيد من الضحايا المدنيين في غزة بسبب المخاوف الإنسانية، أو لأن ذلك من شأنه أن يزيد من تأجيج الرأي العام العالمي ضد إسرائيل ويجعل من الصعب على فريق بايدن الدفاع عن إسرائيل بل لأن الإدارة تعتقد أن الغزو الإسرائيلي واسع النطاق لرفح سوف يقوض احتمالات تبادل جديد للرهائن، وهو الأمر الذي يقول المسؤولون إن هناك الآن بصيص أمل جديد فيه، ويدمر ثلاثة مشاريع حيوية كانت تعمل عليها لتعزيز قدرات إسرائيل الأمنية على المدى الطويل.
يعدد هذه المشاريع الثلاثة المنتظر منها تعزيز قدرات الكيان الأمنية (نقل حرفي لما ورد في الصحيفة:
الأول يتلخص في إنشاء قوة حفظ سلام عربية قادرة على الحلول محل القوات الإسرائيلية في غزة، حتى تتمكن إسرائيل من الخروج ولا تظل عالقة في احتلال غزة والضفة الغربية إلى الأبد حيث تناقش دول عربية عدة إرسال قوات لحفظ السلام إلى غزة لتحل محل القوات الإسرائيلية، التي سيتعين عليها المغادرة – شريطة أن يكون هناك وقف دائم لإطلاق النار – وسيتأثر وجود القوات رسميًا بقرار مشترك من منظمة التحرير الفلسطينية وهي الهيئة الجامعة التي تضم معظم الفصائل الفلسطينية والسلطة الفلسطينية، ومن المرجح أيضًا أن تصر الدول العربية على بعض المساعدة اللوجستية العسكرية الأمريكية.
الثاني هو الاتفاق الدبلوماسي الأمني الأمريكي السعودي الإسرائيلي الفلسطيني الذي اقتربت الإدارة من وضع اللمسات الأخيرة على شروطه مع ولي العهد السعودي ويتالف من عدة مكونات، لكن المكونات الثلاثة الرئيسية بين الولايات المتحدة والسعودية هي: 1) اتفاقية دفاع مشترك بين الولايات المتحدة والسعودية من شأنها إزالة أي غموض بشأن ما ستفعله أمريكا إذا هاجمت إيران "المملكة" وسوف تهب الولايات المتحدة للدفاع عن الرياض، والعكس صحيح و 2) تسهيل وصول السعودية إلى الأسلحة الأمريكية الأكثر تقدمًا و 3) اتفاق نووي مدني خاضع لرقابة مشددة من شأنه أن يسمح للمملكة بإعادة معالجة رواسب اليورانيوم الخاصة بها لاستخدامها في مفاعلها النووي المدني.
في المقابل، سيعمل السعوديون على كبح الاستثمارات الصينية داخل السعودية وكذلك أي علاقات عسكرية وبناء أنظمتها الدفاعية من الجيل التالي بالكامل باستخدام الأسلحة الأمريكية، الأمر الذي سيكون بمثابة نعمة لمصنعي الدفاع الأمريكيين ويجعل الجيشين قابلين للتشغيل المتبادل تمامًا.
يرغب السعوديون، بما لديهم من طاقة رخيصة ومساحات مادية وفيرة، في استضافة بعض مراكز معالجة البيانات الضخمة التي تحتاجها شركات التكنولوجيا الأمريكية لاستغلال الذكاء الاصطناعي، في وقت أصبحت فيه تكاليف الطاقة المحلية والمساحات في الولايات المتحدة نادرة للغاية لدرجة أن أصبحت مراكز البيانات الجديدة أكثر صعوبة في البناء في بلادنا.
وأخيرًا، ستجمع الولايات المتحدة إسرائيل والسعودية والدول العربية المعتدلة الأخرى والحلفاء الأوروبيين الرئيسيين في بنية أمنية واحدة متكاملة لمواجهة التهديدات الصاروخية الإيرانية بالطريقة التي فعلتها على أساس مخصص عندما هاجمت إيران إسرائيل في 13 أبريل رداً على غارة إسرائيلية على بعض كبار القادة العسكريين الإيرانيين المشتبه في قيامهم بإدارة عمليات ضد إسرائيل، والذين كانوا يجتمعون في مجمع دبلوماسي إيراني في سوريا.
وهو التحالف الذي يصعب استمراره دون خروج إسرائيل من غزة والالتزام بالعمل نحو إقامة الدولة الفلسطينية. كما لا يمكن بأي حال من الأحوال أن تبدو الدول العربية وكأنها تحمي إسرائيل بشكل دائم من إيران إذا كانت إسرائيل تحتل غزة والضفة الغربية بشكل دائم، ويعلم المسؤولون الأمريكيون والسعوديون أيضًا أنه بدون مشاركة إسرائيل في الصفقة، فمن غير المرجح أن تمر المكونات الأمنية الأمريكية السعودية عبر الكونجرس.
يختم فريدمان مقاله بالقول أن "مصالح إسرائيل على المدى الطويل تكمن في الرياض، وليس في رفح" ليس أي منهما بالأمر المؤكد وكلاهما يأتي مع المخاطر وأنا أعلم أنه ليس من السهل على الإسرائيليين أن يزنوا هذه الأمور في حين أن العديد من المتظاهرين العالميين هذه الأيام يهاجمون إسرائيل بسبب سلوكها السيئ في غزة ويمنحون حماس تصريحاً مجانياً ولكن هذا هو ما يريده القادة: إثبات أن الطريق إلى الرياض له مردود أكبر بكثير في النهاية من الطريق إلى رفح، الذي سيكون طريقاً مسدوداً بكل معنى الكلمة.
هذا وكان معهد "بروكينغز" الأميركي تناول في تقرير له؛ واحدا من الشروط السعودية لإتمام صفقة التطبيع مع إسرائيل؛ المتمثل بعقد اتفاق نووي "مدني" مع الولايات المتحدة الأميركية كما طرح ما دون هذا الاتفاق من عقبات.
تتلخص عقبات إتمام اتفاق نووي "مدني" –وفق المعلن- بين السعودية وأميركا بالمعارضة الداخلية الأميركية بشكل أساسي، إلى جانب التخوف الأميركي من التصريحات السياسية السعودية العديدة التي سبق لها أن أقرّت استعدادها تطوير سلاح نووي في حال قامت إيران بذلك، ما يضع المساعدة الأميركية في بناء أولى أحجار المشروع النووي السعودي موضع ريبة ورفض للكثير من الأميركيين المتحفظين من أي اتفاقيات مع بلد كالسعودية سيئ السمعة.
كما أشار المعهد إلى إشكالية أن يؤثر الدعم الأمريكي لمنشأة التخصيب في السعودية سلبًا على نظام منع الانتشار العالمي حتى لو تم وضع حواجز كافية لمنع الانتشار لمنع إمكانية المساهمة في قدرة الأسلحة النووية السعودية بشكل فعال. ويتساءل المعهد " كيف يمكن للولايات المتحدة بعد أن قالت "نعم" للمملكة العربية السعودية، أن تقول "لا" لحليف معاهدة مثل كوريا الجنوبية، التي حاولت دون جدوى الحصول على موافقة الولايات المتحدة على التخصيب على أراضيها؟ كيف يمكن للولايات المتحدة أن تثني روسيا أو الصين أو غيرها عن عرض محطة تخصيب لعملائها لتحسين عروضهم لبيع مفاعلات نووية - وعن تقديم مثل هذا العرض دون الإصرار على أنواع القيود التي قد تصر الولايات المتحدة عليها لمنع التحويل؟ لبرنامج الأسلحة النووية؟".
ارسال التعليق