السلطات #السعودية تدخل صفقة “بي جي أيه” لتبيض جرائمها
تهيئ صفقة الإعلان المفاجئ عن دمج دوري “رابطة لاعبي الغولف المحترفين” (’بي جي أيه‘) مع “ليف غولف”، وهو دوري منفصل يملكه “صندوق الاستثمارات العامة” في السعودية لغسل الانتهاكات.
وأكدت هيومن رايتش ووتش أن الصفقة المذكورة تُبيّن الحاجة الملحة إلى وجود معايير حقوقية وإيلاء العناية الواجبة بحقوق الإنسان في كافة أنواع الرياضة.
قال روي مكلروي، أحد أبرز لاعبي بي جي أيه من إيرلندا الشمالية الذي اعترض على الدوري السعودي للغولف: “رأيت ما حدث في رياضات أخرى، رأيت ما حدث في قطاعات تجارية أخرى، وبكل صراحة لقد سلّمت بحقيقة أن الأمر نفسه سيحدث [مع الغولف]. من الصعب مجاراة أشخاص يملكون أموالا أكثر من أي أحد آخر”.
يصح هذا الأمر تحديدا عندما يتعلق الأمر بالسعودية، واحدة من أبرز دول العالم في مجال “الغسيل الرياضي”، الاستراتيجية التي تعتمدها البلدان الاستبدادية لتلميع سمعتها عبر شراء التشويق والاستقطاب الذين يحيطان بالبطولات الرياضية العالمية، وهي الاستراتيجية نفسها التي تتبعها الصين وروسيا.
أُعلِن عن دمج ليف غولف وبي جي أيه خلف أبواب مغلقة، ما يُشكل تراجعا عن الموقف الذي أعلنته بي جي أيه قبل سنة، بأنها لن تكون شريكة مع [بلد] يعتبر من مرتكبي الانتهاكات الحقوقية الجسيمة.
يتذكر لاعبو الغولف الذين اعترضوا على الدمج القتل الوحشي لجمال خاشقجي، الصحفي في “واشنطن بوست، في 2018. غير أن انتهاكات السعودية لحقوق الإنسان لم تنتهِ هنا.
في مارس/آذار 2022، نفذت السلطات أكبر عملية إعدام جماعي بحق 81 شخصا في يوم واحد. لا يزال المسؤولون السعوديون يعتقلون المعارضين السلميين والمثقفين والنشطاء الحقوقيين.
مع أن السلطات أطلقت في 2021 سراح بعض الناشطات الحقوقيات اللاتي اعتُقلن وعُذِّبن في 2018، فهي تستمر في إخضاعهن لأحكام سجن مع وقف التنفيذ وحظر سفر.
صارت السلطات أيضا تصدر أحكاما شديدة القسوة للانتقاد المعتدل. في 9 أغسطس/آب 2022، أصدرت محكمتان في قضيتين منفصلتين، حكما على طالبة الدكتوراه سلمى الشهاب بالسجن 34 عاما على ما يبدو بسبب نشاطها على “تويتر” فقط، وحكما على نورة بنت سعيد القحطاني بالسجن 45 عاما لـ “استخدام الإنترنت لضرب النسيج الاجتماعي [للبلد]”.
يستمر المسؤولون السعوديون، رغم بعض الإصلاحات، بفرض “ولاية الرجل”، التي أصبحت مكرسة في القانون، والطلب من النساء الحصول على إذن من أحد الأقرباء الذكور للزواج، أو مغادرة السجن، أو الحصول على بعض أشكال الرعاية الصحية الجنسية والإنجابية.
وأكدت المنظمة الدولية الاستراتيجية التي تعتمدها السعودية بغسل سجلها الشنيع في حقوق الإنسان عبر الاستحواذ الافتراضي على غولف المحترفين قد يكون الفوز الأكبر لها حتى اليوم، ويمهد الطريق لاستضافة العديد من الفعاليات والدوريات الرياضية التي تحظى بشعبية كبيرة، مثل “كأس العالم لكرة القدم” و”دورة الألعاب الأولمبية”.
صندوق الاستثمارات العامة في السعودية هو هيئة تسيطر عليها الحكومة ومتورطة في انتهاكات حقوقية جسيمة.
والصندوق الذي يديره محمد بن سلمان، رئيس الوزراء السعودي وولي العهد، يملك حصة مسيطرة في ليف غولف، تصل إلى 93%.
سبق أن اشترى الصندوق نادي “نيوكاسل يونايتد” الإنجليزي لكرة القدم، وهو يموّل صندوقا ضخما لاستقطاب أبرز لاعبي كرة القدم في العالم حتى ينضموا إلى كريستيانو رونالدو في الدوري الوطني السعودي.
استخدمت السعودية أيضا ثروتها النفطية لشراء حقوق رعاية “الفورمولا 1″، وبطولات الملاكمة الوزن الثقيل، و”كأس العالم للأندية لكرة القدم 2023″، ولديها طموحات لاستضافة “كأس العالم لكرة القدم فيفا 2030”.
لا شك أن بي جي أيه لم تستشر اللاعبين ولا الجماهير أو الفئات الأخرى المتأثرة بهذا القرار حسبما تنص عليه “مبادئ الأمم المتحدة التوجيهية بشأن الأعمال التجارية وحقوق الإنسان”، التي تشمل هيئات مثل بي جي أيه.
اشتكى العديد من الرياضيين المتأثرين من أنهم علموا بإبرام الصفقة على مواقع التواصل الاجتماعي.
وحسبما قال ماكنزي هيوز، لاعب الغولف الكندي المحترف: “لا يوجد ما يُشبه أن نعلم على تويتر بأننا سنندمج مع دوري قلنا إننا لن نندمج معه بأي حال من الأحوال”.
ليس لدى بي جي أيه أي معايير خاصة بحقوق الإنسان أو تدقيق في خلفية هيئات مثل صندوق الاستثمارات العامة. هناك حاجة مُلحة إلى العناية الواجبة والعمليات الشفافة في عمليات الشراء والدمج التي لديها بوضوح تبعات على حقوق الإنسان.
أوضحت بي جي أيه، في ملفاتها القانونية التي كانت تعارض في الأصل دوري ليف غولف، أن مسؤوليها التنفيذيين يعون ارتباط الدوري بانتهاكات حقوق الإنسان وأن ذلك يُضر بلعبة الغولف.
جاء في مذكرة دوري بي جي أيه: “صلات ليف غولف المباشرة بالحكومة السعودية تُرخي بظلال قاتمة على فعاليات الدوري ولاعبيه.
الجماهير وأعضاء المجتمع اعترضوا أيضا على فعاليات ليف، بما في ذلك منظمات تسعى إلى إحلال العدالة لضحايا هجمات 11 سبتمبر/أيلول والعائلات التي تضررت منها.
سيعاني الدوري من أضرارا بسمعته لا يمكن إصلاحها إذا أُجبر على إفساح المجال أمام لاعبين مرتبطين بـ ليف وربط العلامة التجارية لدوري بي جي إيه بمساعي الحكومة السعودية لتلميع سمعتها السيئة عبر الرياضة”.
فجأة انهمرت الأموال السعودية على الرياضات العالمية، وصارت المزيد من الفعاليات تُجرى في بلدان هي من أخطر منتهكي حقوق الإنسان.
قد لا يمتلك اللاعبون الخيار في مَن يملك رياضتهم، وليس لهم تأثير حول مكان إجراء الدوريات – لكن لديهم الحق في التعبير بحرية وبإمكانهم الاعتراض علنا على انتهاكات السعودية لحقوق الإنسان، واحتجازها وتعذيبها للمدافعين الحقوقيين ونشطاء حقوق المرأة.
صرح لويس هاملتون، بطل العالم سبع مرات في سباقات الفورمولا 1، للإعلام العام الماضي أنه “غير مرتاح” لعلاقة الفورمولا 1 مع السعودية: “لا نقرر أين نذهب، وأعتقد أن واجبنا يقضي بأن نلتزم ونحاول ما نستطيع” للتوعية بانتهاكات حقوق الإنسان.
وقد خاض هاملتون السباق معتمرا خوذة عليها علم قوس القزح وتحدث متضامنا مع مجتمع الميم الذي يفتقر إلى حماية حقوق الإنسان، قبل فوزه في أول سباق لـ”جائزة السعودية الكبرى للفورمولا 1″.
الغولف حلقة مهمة في استراتيجية “رؤية السعودية 2030” للهيمنة على الفعاليات الرياضية الكبيرة أو استضافتها مما يقلص من الضغط العام للتصدي للانتهاكات الحقوقية والقمع في البلاد.
وأكدت هيومن رايتس ووتش أن على مشجعي ولاعبي الغولف أن يستخدموا قوتهم ونفوذهم وصوتهم لتحسين أوضاع حقوق الإنسان.
وشددت على أنه بإمكان صندوق الاستثمارات العامة الذي تُسيطر عليه الحكومة السعودية أن يشتري دوري بي جي أيه لكنه لن يستطيع شراء صمت اللاعبين.
ارسال التعليق