النظام السعودي الديكتاتوري يسيطر على وسائل التواصل
في مقال لها في صحيفة “واشنطن بوست” الأمريكية كشفت الناشطة منال الشريف عن الكيفية التي يحاول بها النظام السعودي السيطرة على وسائل التواصل الاجتماعي ومن بينها تويتر، حيث يتم تعقب أي ناشط يحاول أن ينتقد. وفي بداية المقال الذي حمل عنوان “أنا ناشطة سعودية و(تويتر) عرّض حياتي للخطر” أشارت الشريف، إلى أن المخابرات السعودية اعتقلتها منتصف ليلة في مايو 2011، عندما كان ابنها، عمره 5 أعوام نائماً، وربما اختفيت ولم يجدوا لي أثراً لولا الشاهد الجريء، عمر الجهني” عرّض حياته للخطر ونشر تغريدة عن تفاصيل اعتقالي. وتلفت الشريف، وهي مؤلفة كتاب “الجرأة على القيادة: صحوة امرأة سعودية”، إلى أن “تويتر”، منصّة التواصل الاجتماعي التي أنقذت حياتها تعرّضها الآن للخطر، مشيرة للأحداث التي جاءت بعد أسابيع من مقتل خاشقجي في القنصلية السعودية كشفت عن أن حياة الناشطين والصحافيين في خطر. وتقول الكاتبة: “بعد سنوات من إنقاذ (تويتر) حياتي، قرّرت أن أحذف حسابي على (تويتر)، رغم أن لدي أكثر من 295 ألف متابع، وقد فككت علاقتي معهم وللأبد”.
وتقول الشريف: “عشت في ظل نظام ملكي مطلق وشمولي، تسيطر الدولة على الهواء الذي نتنفسه، وفتحت وسائل التواصل فرصة غير مسبوقة لننفث مشاعرنا، ورغم محاولات الدولة جهدها لمراقبة التكنولوجيا الجديدة، بما فيها الإنترنت، فإنها لم تستطع عمل الأمر ذاته مع وسائل التواصل، فكانت هذه المنابر خارج سيطرتهم لعدد من السنوات”. وتشير الناشطة إلى أن “تويتر” أصبح رمزاً للحرية في السعودية، لكن عندما اكتشفت الأنظمة الشمولية إمكانيات وقوة هذه المنابر بدأت باستخدامها، وصارت تستخدم أسلحة الرقابة الشاملة، والتلاعب في الحوار، وفرض نسختها من الأحداث، وكشف الباحثون عن الطريقة التي قام بها النظام السعودي بتشكيل وتكييف الخطاب على (تويتر) من خلال شراء (ترولز وبوتس)، في وقت قامت فيه بتهديد وملاحقة وسجن من رأت أنهم مؤثرون ولا يتحدّثون بشكل جيد عن الحكومة”.
وتؤكد الكاتبة أن “(تويتر) أصبح حافلاً بتهديدات القتل والتحرش والاستفزازات والأخبار المزيفة ضد من يرفعون أصواتهم بالعالم العربي، ولم تقم شركة (تويتر) بتشريع قوانين تجعل المنبر مساحة آمنة للناشطين، لكنني واصلت التعبير عن آرائي لاعتقادي أن هذه الحكومات هي التي يجب أن تخاف وليس نحن”. وتفيد الشريف بأن “الأمور تغيّرت العام الماضي عندما شن النظام السعودي حملة قمع ضد المؤثرين على وسائل التواصل، ويعتقد أن مدير وحدة الأمن الإلكتروني والبرمجة والمستشار السابق لولي العهد بن سلمان، سعود القحطاني، كان مسؤولاً عن الجيش الإلكتروني، الذي يسميه الناشطون (الذباب الإلكتروني)، ونشر القحطاني قائمة سوداء العام الماضي بعد حصار السعودية لدولة قطر، وحث مستخدمي (تويتر) على الكشف عن أي حساب متعاطف مع قطر، واضطر عدد من الناشطين لحذف حساباتهم أو التوقف عن التغريدات”. وتقول: “اكتشفنا لاحقاً أن بعضهم سجنوا بذريعة مكافحة الإرهاب، واحدهم عصام الزامل، وهو رجل الأعمال والاقتصادي الذي انتقد بيع حصص من شركة النفط (أرامكو)، ويتهم الآن بالإرهاب”.
وتشير الشريف إلى أن “من لم يعتقل فقد تم الاتصال به عبر الهاتف، وطلب منه التوقيع على تعهّد بألا يُرسل التغريدات، وفي ذلك الشهر تلقيت مكالمتين على حسابي في أستراليا من عضو في الأمن العام وطلب مني الشيء ذاته، ورفضت الصمت، وواصلت التغريد حول الموضوعات السعودية، وفي الفترة ذاتها بدأ الناشطون بالاطلاع على أن الأمن العام يقوم بتحضير حالات ضد مستخدمي (تويتر)، وبدأ الكثير منهم بحذف تغريداتهم”.
وتستدرك الكاتبة بأن “الخطر لم يتوقف، وبحسب (نيويورك تايمز) فإن المخابرات السعودية اخترقت باسم علي الزبارة، وتوفي لاحقاً تركي الجاسر، الذي يُعتقد أنه صاحب حساب بعد تعرّضه للتعذيب واعتقاله في 15 مارس”.
وتقول الشريف: “بدا السعوديون مرتاحين فيما كان العالم يشعر بالرعب لاختفاء خاشقجي، وعندما خضعت السعودية للضغط واعترفت بمقتل جمال بنهاية أكتوبر كانت المرتبة الثالثة في التريند هي هاشتاج (أنا عربي ومحمد بن سلمان يمثلني)، وفي ذلك اليوم بدا لي أننا خسرنا منابر التواصل لصالح الديكتاتوريين، وأن “(تويتر)، أصبح مصيدة يستخدمها الديكتاتوريون لقمع الناشطين وإسكاتهم، ورغم أن (تويتر) استجاب وعلق 70 مليون حساب، إلا أن هذا لا يكفي”. وطالبت الشريف في ختام مقالها صانعي وسائل التواصل بـ”خلق منابر لا مركزية، لا تخزّن وتبيع المعلومات، وتقوم على الاستخدام العادل، وتقدم معلومات أصلية لا مزيّفة، ولا تسمح للأقوياء والأثرياء بالتلاعب والسيطرة على الحوار؛ لأن حرية التعبير تحمي الحريات كلها، ومن واجبنا حمايتها”.
ارسال التعليق