جلب المنافع أولى من درء المفاسد
بقلم: نزار حسين راشدبعكس القاعدة المعروفة في الفقه الإسلامي، ولافتقاده للمرجعية الأخلاقية،يعكس الرئيس ترمب اتجاه البوصلة،ويقدم جلب المنافع على درء المفاسد،بسب اصطفافه المجاني خلف نتنياهو،الذي يعمل بدوره وفق قاعدة أكثر غلواً وفساداً،وهي توظيف المفاسد!
فلم يكد الرئيس ترمب يحكم أضلاع المثلث بتثبيته السعودية كضلع ثالث لمثلث السعودية إسرائيل أمريكا،حتى أقدم على نقل سفارته إلى القدس،بعد أن حصل على البركة،من بلاد الحرمين،إلى أن أوقعه حليفه في حفرة عميقة لم يزل يناضل للخروج منها والحفاظ على أضلاع المثلث من التفكك،فهذا المثلث مثل نجمة داوود،ثمين ومقدس،بالنسبة لإنجيلي صهيوني كترمب وصهره اليهودي كوشنر وابنته إيفانكا التي تهودت وحصلت بدورها على بركة خادم الحرمين وولي عهده حين رافقت زوجها في رحلة الحج الشهيرة إلى بلاد الحرمين!
وإذن يا سادة فإن ترمب يكذب حين يلوح بالدولارات ويختبيء خلف الشعارات الإقتصادية،ببساطة لأن استثمارات السعودية ونفقات سلاحها ليست أكثر من قطرة في بحر الإقتصاد الأمريكي!
وإذن فليس من السهل على ترمب أن يرى حلمه الكبير ينهار فجأة تحت عينيه دون أن يحاول إنقاذه بكل ما أوتي!
ولكن ما هي دوافع ترمب ؟وهل تكفي العلاقة الحميمة مع إسرائيل لتفسير ذلك؟
الإجابة على هذا السؤال تتعلق بشخصية الرئيس الأمريكي وطريقة تفكيره،فترمب يعتقد أن وضع حجر أساس في الهيكل اليهودي هي مهمة مقدسة تاريخية،تجعله يسجل إنجازا تاريخيا ذو بعد ديني،لم يسبقه أحد إليه،فما بالك إذا جرّ معه أقدس بقعة إسلامية للمساهمة في هذا المشروع؟حينئذ سيكتسب إنجازه مشروعية لم يكتسبها أي مشروع سياسي من قبل، ولذا فهو حريص على أن يدخل من بوابة الدين ولهذا رتب الأمور لصعود ابن سلمان الذي أبدى استعداده ليكون طرفاً في الصفقة ،مقابل صعوده إلى العرش والذي هو بالنسبة إليه حدث تاريخي،كما هو الحال بالنسبة لمشروع ترمب!
ولكن ترمب الآن صوت مفرد ومحاصر و هو يوظف عصا الرئاسة ليهش المتألبين عليه،ويدفعهم عنه إلى مسافة آمنة توفر له فسحة لتصريف الأمور!
ولكن الأصوات تتعالى، والحصار يضيق ولا أعتقد أن ترمب مهما بلغت براعته في القفز سيقفز فوق هذه الحفرة الواسعة ليصل إلى طرفها الآخر!
فهل يا ترى سيقف على حافتها مترددا أم أن هوسه في استكمال إنجازه سيدفعه إلى محاولة القفز فوق الحفرة حتى لو سقط فيها؟
ارسال التعليق