جيش الشغب السعودي يفتل عضلاته لإرهاب الحجيج
خدمة حجاج بيت الله الحرام في المفهوم السعودي لا تُترجم في حسن الضيافة وتهيئة المرافق الخدمية وضمان أمن وسهولة التنقل والحركة إلى وبين المشاعر المقدسة لأداء المناسك العبادية، ولا في ضمان المناخ الصحي ومتطلبات العلاج والطوارئ. فالنظام السعودية يقدم فلسفته الخاصة والفريدة في خدمة حجاج بيت الله الحرام، عبر التلويح بقدراته الأمنية والعسكرية، وإمكاناته في الرصد والتعقب ومراقبة سلوك الحجيج، والقدرة على اعتقالهم وتغييبهم في سجونه متى شاء وأراد!
مَنْ يطالع الصور المنتشرة على المواقع والصحف السعودية حول جهوزية "قوات الأمن" لتأمين الحج، يتأكد من أن النظام السعودي يعيش "أزمة ثقة" ويحسب أن النظام في طور الإعلان عن جهوزية قواته لخوض حرب أو الدفاع عن هجوم خارجي.
وثّق مقطع فيديو نشرته قناة "الإخبارية" لقطات جديدة من "استعراض قوات أمن الحج جاهزيتها وكفاءتها العالية لخدمة حجاج بيت الله الحرام هذا العام".
حيث أقيم في مكة المكرمة، عرض عسكري لما يعرف بقوات "أمن الحج" بحضور "وزير الداخلية" عبد العزيز بن سعود بن نايف، الذي يشغل أيضا منصب رئيس لجنة الحج العليا. ونشرت وكالة الأنباء السعودية "واس" صورا من العرض العسكري، الذي حضره أيضا "رئيس شؤون الحرمين، وإمام الحرم المكي، عبد الرحمن السديس."
وأوضحت "واس" أن المشاركين في العرض العسكري، هم من يحملون على عاتقهم تنفيذ الخطة العامة لموسم الحج 1439.
وادعى سعيد القحطاني أن القوات: "باشرت مهامها في مكة المكرمة، والمشاعر المقدسة، والمدينة المنورة، وفي كل المنافذ، وعلى كل الطرق المؤدية إلى مناطق الحج، وشعارهم الذي يفتخرون به أن خدمة ضيوف الرحمن مهمة مقدسة، وشرف عظيم يستمدونه من عقيدتهم الدينية الصادقة، وتنفيذهم لتوجيهات قائدهم الأعلى خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، ومتابعة صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع، وبإشراف مباشر من سمو وزير الداخلية".
وأكد القحطاني "جاهزية قوات الأمن لأداء مهامها للمحافظة على أمن وسلامة حجاج بيت الله الحرام وتيسير أدائهم للمناسك بالتعاون والتنسيق المستمر مع جميع الوزارات والمصالح الحكومية والأهلية المعنية".
ما ورد يعكس شيء من "الهبل" ممزوج بالخيبة العميقة من مليارات تصرف على الجهوزية العسكرية ولا يمكن أن تلقى مكانا آمنا لعرضها إلا بهذا الشكل لتحقيق غرضين إثنين: الأول، الترويج لوهم القوة والثاني، احتمالات إقدام هذه القوات على رصد أي انتهاكات بمفهومها الطائفي والتعرض للحجاج كما جرت عليه العادة.
أين هم"أبطال القوات المسلحة" من ساحات المعارك على الحدود البرية مع اليمن، أم أن النظام السعودي أسترخص أرواح "المرتزقة" وأغراهم بالمال، بعد أن ثبتت عودة مقاتليه جثثا واستحالة توليهم المهمة المناطة بهم.
وكان لافتا مشاركة النساء في الاستعراض، في رسالة يراد لها الترويج عن "وجه المملكة الجديد" المزعوم.
وفي هذا الإطار، علّق الناشط الحجازي سلطان العبدلي على كلمة اللواء بالقول " أمن الحج خط أحمر ! طيب..فهمنا،لكن ايش معنى تسييس؟ اجتماعات مثلا؟ أو مظاهرات أو مسيرات أو محاضرات أو هتافات؟ ايش بالزبط؟ بس لاتفوتكم حركة يد اللواء وهو يهدد،توضح جلياً الحزم والعزم والطفرات والشمَّات الحج 1444 روحوا بس لولا هذه البقعة الحجازية الطاهرة لبقيتم تتبعون اليرابيع في طويق ولكن يوشك الحبل أنْ ينقطع والجرح أنْ يندمل والنائم أنْ يستيقظ والغافي أنْ يصحو والغافل أنْ ينتبه.. "
وأكد في تغريدة أخرى أن " أكبر مسيس للحج هو النظام السعودي وإلا فماذا يجري ويقال على محراب مكة و المدينة ؟ من تمجيد لجكام ال سعود؟ وهذا التخذير من مباحث الخزر يظهر جليا رعب النظام من الحج لاجتماع ملايين المسلمين، ومع هذا سيظلُّ الحجاز شامخا والدعوة لـ تحرير الحجاز فرض على المسلمين"
وفي سياق متصل، أكد موقع ميدل بيست مونيتور (Middle East Monitor) أنّ محمد بن سلمان يستخدم الحج سلاحًا لمعاقبة المعارضين والصحفيين الذين ينتقدون إساءة استخدام النظام السعودي للسلطة.
ولفت الموقع في مقال إلى أنّ النظام السعودي يسمح لمنتقديه بالدخول للمملكة لأداء الحج أو العمرة، ثم يقوم باعتقالهم وإخفائهم قسرًا أو تسليمهم لأنظمة قمعية أخرى.
وبحسب الموقع، فقد اتهمت مجموعة من المنظمات الإنسانية والناشطين البارزين النظام السعودي بتسليح الحج والعمرة، لمعاقبة المعارضين السياسيين أو صحفيون مثلي ينتقدون إساءة استخدام النظام للسلطة.
وأوضح أن بيانًا مُوقَّعًا من قبل منظمات إنسانية، أشار إلى أن النشطاء المسلمين والسياسيين والعلماء من جميع أنحاء العالم غير قادرين على أداء مناسك الحج والعمرة على النحو الذي تتطلبه عقيدتهم.
كما كشف البيان، كيف يتم إغراء الآخرين لدخول السعودية ليتم إخفاؤهم قسرًا أو تسليمهم لأنظمة قمعية أخرى تنتهك حرياتهم، لافتًا إلى أنّه من واجب كل مسلم أداء فريضة الحج ولا ينبغي أن تتمكن أي دولة قومية في المملكة من منعهم.
وقال الموقع: إنّه "من المثير للسخرية أن تكون المملكة السعودية اليوم، آخر مكان يمكنك التمتع فيه بحقوقك كمسلم، موطن محمد بن سلمان، الذي يُنظر إليه بصفته ولي العهد والحاكم الفعلي للمملكة على أنه (خادم الحرمين الشريفين)".
ونقل عن الموقّعين على البيان دعوتهم "جميع علماء العالم الإسلامي والمؤسسات العلمية ومنظمات حقوق الإنسان وجميع المسلمين في العالم، لتذكير الحكومة السعودية بواجبها تجاه الأماكن المقدسة وزوارها، وإبلاغهم صراحةً بأن تمكين جميع المسلمين من زيارتها، وضمان سلامتهم حق مشروع وواجب مفروض يجب القيام به على أكمل وجه وبدون تمييز أو تحيز سياسي".
واعتبر الموقع أنّه "من المرجح أن يتجاهل بن سلمان هذه الحملة، كما فعل مع دعوات مماثلة، لطبيعته منذ توليه الحكم في الرياض" مشيرًا إلى أنّه "الحكومات الغربية التي تتشدق بحقوق الإنسان، قد تغض الطرف عن محنة ضحايا الظلم في المملكة السعودية، مقابل تدفق النفط وصفقات الأسلحة الضخمة".
الحج ليس آمنا:
إلى ذلك، اعتقلت قوات الأمن عالم الدين البحراني الشيخ جميل الباقري من مكة أثناء تأديته مناسك الحج، بسبب قراءته لدعاء الفرج.
يذكر أنه خلال العام الحالي جرى اعتقال ثلاث معتمرين خلال 10 أيام فقط، حيث اعتقلت القوات السعودية السيد نذير عباس تقوي، الأمين العام لمجلس العلماء الشيعة الباكستاني، ومسؤول بارز في حزب الإسلام السياسي في مكة المكرمة، وهو يؤدي مناسك العمرة، الجمعة في العاشر من فبراير/شباط الماضي.
وفيما لم تكشف بعد أسباب الاعتقال، لفتت بعض التغريدات في أن السبب هو راية رفعها السيد تقوي في باحة المسجد الحرام تحمل إسم الخليفة علي بن أبي طالب (كرم الله وجه)، مطالبين بالافراج الفوري وغير المشروط عنه، كما دعوا السلطات الباكستانية لضمان إطلاق سراح رجل الدين.
إلى ذلك، كانت القوات السعودية قد اعتقلت المعتمرة اليمنية مروة الصبري والحكم عليها بالسجن عاما كاملا. وتعرضت مروة عبدربه الصبري (29 عاماً) للاعتقال قبل أيام أثناء توجـهها إلى الحرم المكي لأداء مناسك العمرة، قبل أن تتعرض لإهانة من شرطية على بوابة الحرم قالت لها “اليمنيين ما أنتم طيبين”، إلا أنها ردت على تلك الإهانة بالقول: “أنتم يا السعوديون دمـرتم بلدنا”.
إلى ذلك عبر الآلاف من الناشطين والمواطنين في مواقع التواصل الاجتماعي عن غضبهم جراء توظيف النظام السعودي رد فعل المعتمرة اليمنية؛ من أجل التنكيل بها وتلفيق تهمة وجود قنابل لديها، الأمر الذي يبرر لها الحكم عليها بالسجن عاماً كاملاً، مشيرين إلى أن مثل هذه الأحكام تعد انتهاكاً بحق الأماكن الإسلامية المقدسة في المملكة، وتشويهاً بحق الزائرين لهذه الأماكن.
وفي السياق نفسه، اعتقل النظام السعودي المعتمر الليبي حمزة البوسيفي في الحرم المكي، وهو صانع محتوى ثقافي أثناء أدائه المناسك لتصويره فيديو من داخل الحرم.
الأمر نفسه واجهه المعتقل اللبناني حيدر سليم، أثناء تأديته فريضة الحج العام الماضي.
سبب تصويره لمقطع فيديو يظهر فيه وهو يدعو لظهور الامام الحجة خلال ادائه الطواف حول الكعبة. ومن الجدير الإشارة ان سليم لم يعمد إلى نشر الفيديو على صفحته بل ارسله إلى أحد الاقرباء، والذي بدوره تداوله حتى انتشر على مواقع التواصل الاجتماعي.
وكان سليم قد تعرض لعملية اعتقال أقل ما يقال عنها بأنها استعراضية وعنيفة من داخل الفندق، حيث اقتحم عناصر من مباحث أمن الدولة الفندق الذي يقيم فيه واقتادوه إلى جهة مجهولة، قبل أن يتبيّن أنه أوقفَ بتهمة “إثارة النعرات الطائفية”، بعدما نجح “وسطاء عراقيون” في تأمين اتصال بينه وبين عائلته. “المكرمة” التي مُنحت لسليم مُنعت عن بقية الموقوفين الذين انقطع الاتصال بهم منذ “اختفائهم”.
إلى ذلك، ما زال مصير الناشطة والإعلامية المصرية رانيا العسال مجهولا، سيما وأن آخر ما شاركته على مواقع التواصل الاجتماعي مقطعا مصورا لبوابة الحرم المكي الشريف في مكة المكرمة أثناء تأديتها مناسك العمرة.
وفي أحد المنشورات لها التي سبقت اختفائها، غرّدت “لماذا يسموا ابواب الكعبة باسماء ملوكهم هل احد من اسرة بنى سعود بنى الكعبة ولا حتى شارك فى هدم الاصنام حولها ولا حتى تحريرها اكيد جدهم الاكبر هو من بلغ ابرهة عن مكان الكعبة” ليرد عليها حساب مجرد مواطن السعودي بالقول ” نسأل الله أن يفقهك في الإسلام يا إبنه الفرس يا جاهلة الدين والدنيا… لا يوجد للكعبة إلا باب واحد . ولم يسمى بأسماء أي ملك أو أمير من أسرة آل سعود”
والعسال معروفة بمواقفها المؤيدة لمحور المقاومة، والرافضة للعدوان السعودي على اليمن. إن الانفتاح الذي يتطلع إليه المسلمون بخصوص موسم الحجّ يتعلّق بهدف كبير وهو تأمين قدْر أعلى من العدالة والمساواة والحرية والأمان، وهذا يبدأ من تغيير منهجية تفكير أولائك الذين يسيطرون على إدارة الحجّ، وتغيير خطابهم الديني التكفيري الذي يستخدم منبر عرفة واجتماع قلوب المسلمين، لبثّ السموم الطائفية والمذهبية والسياسية، والتفرقة والخلاف.
الانفتاح الذي يسعى إليه المسلمون، لا يشبه الانفتاح الآتي على جناح هيشة الترفيه، التي حوّلت الجزيرة العربية الى مرتع للفساد الديني والأخلاقي، ومركزاً متقدماً للتطبيع مع الصهاينة المحتلين، حتى وصل الأمر إلى تكليف محمد العيسى، المطبّع والداعم لقوانين نزع الحجاب، إماماً للمسلمين وخطيباً بهم في عرفة.
ارسال التعليق