عاصفة الحزم مكنت القاعدة وداعش من التمدد
سلطت صحيفة واشنطن بوست الضوء على تحركات داعش في اليمن، مشيرة إلى أنه بعد نهاية التنظيم في سوريا باتت الأراضي اليمنية ساحة لتحركاته وأصبح ينافس تنظيم القاعدة هناك.
وتابعت الصحيفة أن مردَّ ذلك يعود للحرب التي تخوضها السعودية والإمارات في اليمن (منذ العام 2015) وأيضاً للدعم الذي قدمه ذلك التحالف لتنظيم القاعدة، وهو ما أغضب داعش وأدخله في صراع مع القاعدة بعد أن كانوا متحدين لقتال مليشيات الحوثيين المدعومين من إيران.
ولفتت إلى أن «داعش» والقاعدة باتا اليوم في سباق لبسط السيطرة والنفوذ على مناطق عديدة في اليمن، خاصة تلك التي تعتبر غير مسيطر عليها من أحد. وفي محافظة البيضاء اليمنية تتجدد الاشتباكات من وقت لآخر بين القاعدة وداعش ويرافقها حرب دعائية على مواقع التواصل الاجتماعي، حيث يسعى كلا الجانبين لكسب المزيد من الأتباع والمقاتلين. وتقول الصحيفة: في الأسابيع الأخيرة، تصاعدت حدة القتال عندما هاجم «داعش» مواقع للقاعدة بواسطة انتحاريين بينهم صومالي، فقتل وجرح 10 مقاتلين بمن فيهم قادة، لترد القاعدة بمهاجمة قواعد تابعة لداعش. وبعد هذا الهجوم عرضت مجموعة قبلية تابعة للقاعدة عرضاً لم يسبق له مثيل؛ إذ اعتزمت تقديم 20 ألف دولار لمن يدلي بمعلومات تؤدي للقبض على زعيم داعش المحلي أو قتله.
وتقول إليزابيث كيندال، الخبيرة في الشؤون اليمنية بجامعة أكسفورد، إن التنافس بين داعش والقاعدة في اليمن تحول لتنافس دموي، «ورغم انهيار الخلافة التي أعلنها داعش في سوريا والعراق، فإن فروع التنظيم تواصل شن الحرب ضد الحكومات والمنافسين من غرب أفريقيا إلى جنوب شرق آسيا في حين تواصل أيديولوجية التنظيم إلهام المزيد من الأتباع بالعنف». وتقول الصحيفة إن الطرفين في اليمن، القاعدة وداعش، يسعى كل منهما لكسب المزيد من الأتباع والمتعاطفين، وهو ما يمكن أن يعرقل جهود واشنطن وحلفائها لإبعاد «المتشددين » عن جزء استراتيجي من العالم، ويهدد بإبقاء الأراضي اليمنية في حالة اضطراب لسنوات، كما يقول المحللون وزعماء قبائل يمنية ومسؤولون.
ويرى محللون أن «الخلاف بين القاعدة وداعش في اليمن يتغذى على الطموحات الضيقة وليس الرغبة في مهاجمة الغرب، ما يسلط الضوء على تنامي الجماعات الإسلامية المتشددة». وقال أحمد فاضل، نائب حاكم محافظة البيضاء في مقابلة معه في ديسمبر الماضي: إن «كل واحد يحاول هزيمة الآخر وإظهار قوته على الأرض»، في حين يرى أيرل براون، المتحدث باسم وزارة الدفاع (البنتاغون)، أن «كلا الطرفين يستفيدان من المساحات غير الخاضعة للسيطرة في اليمن من أجل التخطيط لشن هجمات ضد الولايات المتحدة وحلفائها في جميع أنحاء العالم». وبحسب مقابلات أجرتها الصحيفة مع زعماء قبائل يمنية، فإن كلا التنظيمين يحاولان استقطاب مقاتلين أجانب من السعودية ومصر وباكستان ودول أخرى، كما أن العديد من المقاتلين الأجانب يحتلون مناصب قيادية في التنظيم. وتقول الصحيفة: حتى قبل عام، لم تكن كل من المجموعتين تستهدف الأخرى أبداً، مفضلتين تركيز جهودهما على محاربة الحوثي، وكان لهما قواعد متقاربة، ولكن ذلك تغير في يونيو الماضي.
وبدأت تحصل مشادات عند نقاط السيطرة، غير أن الأمر تطور بعد أن تسربت أنباء عن دعم التحالف السعودي الإماراتي لتنظيم القاعدة في جزيرة العرب. ويقول زعيم قبلي للصحيفة: إن السبب الرئيسي هو دعم التحالف السعودي الإماراتي للقاعدة لمحاولتهم فتح جبهات جديدة لقتال الحوثيين، لقد رصد السكان المحليون شاحنات أسلحة تدخل من مأرب المجاورة التي يسيطر عليها التحالف، وتوجهت لمواقع تابعة للقاعدة في جزيرة العرب،
عندما اكتشف مقاتلو داعش هذه الشحنات غضبوا وشعروا بالاستفزاز. وتقول إليزابيث كيندال، الخبيرة في الشؤون اليمنية: إن التنافس الإقليمي على السلطة دفع إلى وقوع المزيد من المواجهات بين داعش والقاعدة».
وقالت الصحيفة الأمريكية: تشير الإحصائيات إلى أن ثلثي هجمات القاعدة في شبه الجزيرة العربية موجه ضد داعش، وأقل من ربع تلك النسبة شنته مليشيات تابعة للإمارات تقاتل القاعدة في جزيرة العرب، في حين أن 15% فقط من الهجمات استهدف الحوثيين. ومع نهاية «داعش» في سوريا والعراق فإن التنظيم بات معنياً أكثر بالبحث عن مواقع جديدة، حيث كان اليمن الذي يشهد حرباً منذ العام 2015 مكاناً مناسباً لظهور التنظيم الذي لا يبدو أنه يجد ترحيباً من قبل السكان المحليين إذ ينظرون إليه على أنه وحشي ومتعجرف للغاية، كما تقول الصحيفة.
ويركز تنظيم القاعدة في جزيرة العرب في جهوده على القتال محلياً أكثر من القتال الخارجي وهو يحظى بدعم من السكان المحليين، ولكن الصحيفة تختم بالتساؤل إلى متى يمكن أن تبقى أجندات هذا التنظيم محلية؟
ارسال التعليق