لماذا يهاجم مجلس الشورى السعودي "هيئة الأمر بالمعروف"
تعتبر هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، والتي يطلق عليها البعض الشرطة الدينية، أحد الأذرع الدينية القوية للسعوديّة، لكنّها الهيئة الحكومية الأكثر جدلاً منذ تأسيسها في العام 1940 وحتى يومنا هذا.
كثيرة هي الإنتقادات التي تتعرّض لها هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في السعودية. آخرها صدرت عن لجنة الشؤون الإسلامية والقضائية في مجلس الشورى التي وصفت التقرير السنوي للرئاسة العامة لهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بالنمطي، منتقداً تركيز الهيئة على الكم وحجم القضايا التي وردت في تقريرها من دون توضيح وتحليل أو مقارنة بالنسب بين الأعوام، أو التوعية التي قامت بها إزاء ذلك.
لم يكن الإنتقاد الأخير سوى فصلاً جديداً في فصول الخلافات بين "الشورى" و"الهيئة" التي تأسست عام 1940، وتمّ الحد من صلاحيّاتها التنفيذية في التنظيم الجديد الذي صدر في 11 أبريل 2016، أبرزها منع الهيئة من المطاردة واستجواب الأشخاص والاكتفاء بمعاملتهم باللين.
تقرير الهيئة في العام الماضي 2015 شابه الخلاف نفسه، فقد طرح أعضاء مجلس الشورى السعودي، حينها، تساؤلات حول الرقم الذي أعلن عنه تقرير الهيئة والذي تضمّن ضبط ما يزيد على 400 ألف قضية خلال عام واحد، 76 في المائة من القضايا، التي ضبطها الجهاز ، تتعلق بوقوعات خاصة بالعبادة، كالتخلف عن أداء الصلاة أو استمرار البيع عند دخول وقتها. وقد طالب حينها أحد أعضاء الشورى، الدكتور سعد مارق، الهيئة بعدم تعدّيي صلاحيّاتها وذلك في معرض إشارته إلى بعض أنشطتها قائلاً: إن مثل هذه الأنشطة تدخل من ضمن اختصاصات وزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد، مطالبا الهيئة بالتركيز على الصلاحيات التي خولها نظامها القيام بها، وقد رأى حينها أنه من الأفضل أن يعاد دراسة نظام هيئة الأمر بالمعروف، وبالفعل هذا ما حصل، لكنّ الخلاف لازال قائماً.
كثيرة هي المشاكل التي تعاني منها الهيئة، منها ما اعترفت به كالعجز في مراكز الإدارة، ومنها ما صدر عن مجلس "الشورى" الذي يتّهم الهيئة بالتركيز على الكم في تقاريرها دون معالجة هذه الحوادث، إلا أن النصيب الأكبر من هذه الإنتقادات صدرت عن المجتمع السعودي نفسه سنذكرها تباعاً.
أنقل لكم من الإعلام السعودي: هل ضاق المجتمع ذرعا ًبهيئة الأمر بالمعروف؟، هل الطريق إلى الجنة لا يمر إلا عبر سحق الآخرين بعد إرعابهم بالسلطة والدين معاً؟! طالب الإعلامي السعودي قينان الغامدي بإلغاء هيئة الأمر بالمعروف و سماه "جهاز نشاز".
لم تقتصر المطالبات على الإعلاميين، بل يمتلك الرأي العام السعودي الذي اهتزّ لعشرات المرّات، إن لم يكن المئات، رأياً مشابهاً وربّما أكثر قسوة، ففي حين أطلق عدد من الشباب السعودي وسوماً على موقع تويتر، منها #نطالب_بإلغاء_الهيئة، يقول المواطن السعودي أحمد المناقش (23 عام) ويعمل مدرّس في الرياض: كنت أتناول طعامي في أحد مطاعم المدينة بصحبة زوجتي في مدينة الرياض. و فجأة ظهر شخص عرف نفسه بأنه عضو في هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، واتهمني بأن المرأة الموجودة معي ليست زوجتي. ولأن ذلك حدث منذ ست سنوات، وهو الوقت الذي لم يكن يصدر للنساء بطاقات شخصية بل دفتر عائلة دون صور. لكنه تراجع وابتعد عنا بعد أن أظهرت حدة في ردودي.
ويتابع قائلاً: ذلك التجاوز وغيره من التجاوزات التي نادرا ما يسلم منها السعوديون يجعلني أؤمن بأنه من الضروري حل هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
أسباب الخلاف
قد يختلف البعض في الداخل السعودي حول وضع الهيئة لناحية الحل أو الإصلاح، إلا أن ما هو واضح للجميع الخلاف القائم بين مجلس الشورى وهيئة الأمر بالمعروف ، لأسباب عدّة نذكر منها:
أولاً: تُتهم السلطة الدينية المقرّبة من بعض أطياف العائلة الحاكمة بتجاوز صلاحيّتها، وقد وجّه لها مجلس الشورى في أوقات عدّة هذه التهم، كما أنّ بعض التقارير تفيد بأن وزارة الداخلية السعودية فرضت قيودا على عمل الشرطة الدينية عقب الجدل الذي أثارته حوادث تسببت فيها الهيئة، منها وفيات في سجون تابعة لها.
ثانياً: يتّهم المحامي السعودي والقاضي السابق عبد العزيز القاسم" بتعامل القضاء بنعومة مع أخطاء الهيئة"، وذلك في معرض إشارته لعدم تجريم رجال الهيئة أمام القضاء في أي من القضايا التي رفعت عليهم على مدى تاريخ هذه المؤسسة. مفتي السعودية السابق الشيخ محمد بن إبراهيم آل الشيخ يرفض مساواة أعضاء الهيئة بغيرهم من رجال الأمن والضبط الجنائي بخصوص الوقوف كمتهمين أمام المحاكم، ويقول: "أعضاء الهيئات لا يقبل فيهم طعن ولا تطلب عليهم التزكية". ولا يزال المفتي الحالي عبد العزيز يسير على الخطى نفسها.
ثالثاً: يرى أعضاء الشورى أن الهيئة فوق قوانينهم، فرغم مطالبة المجلس العام الماضي لرئاسة العامة لهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بوضع منهج عمل ضمن دليل إرشادي للعاملين في الميدان، يحدد المنكرات التي تتطلب التدخل في اعضائها، إلا أن الهيئة لم تستجب، الأمر الذي دفع مجلس الشورى السعودي لتجديد مطالباته.
ارسال التعليق