التغيير

أبرز مسئول تركي أن حملة مقاطعة منتجات بلاده التي يتم الدعوة لها على نطاق متزايد في المملكة مدعومة رسميا في إشارة إلى نظام آل سعود.

وقال مستشار الرئيس التركي ياسين أقطاي إن الأخبار المتوالية بشأن حملة الضغط، التي يقودها رجال الأعمال والمسؤولون في قطاع التجارة إلى جانب بعض الشركات من أجل مقاطعة المنتجات التركية تأتي بالتزامن مع حملة أخرى على منصات التواصل الاجتماعي تحت وسم “مقاطعة المنتجات التركية” مدعومة رسميا.

وأكد أقطاي، في مقال له نشرته وسائل إعلام مختلفة، أن حملة المقاطعة مدعومة بشكل شبه رسمي، وإن كانت السلطات في المملكة لم تعلن عن ذلك؛ لأنها حملة غير قانونية.

وأشار إلى أن من يقود هذه الحملة على منصات التواصل الاجتماعي هو رئيس غرف التجارة في المملكة عجلان بن عبد العزيز العجلان، مع بعض المقربين من العائلة المالكة.

وقد دعا العجلان، الذي يترأس أيضا غرفة تجارة الرياض، في 3 أكتوبر/تشرين الأول على حسابه إلى “مقاطعة تركيا في مجالات الاستيراد والسياحة والاستثمار”.

وقال: ظاهريا، تبدو هذه الحملة صادرة عن المواطنين في المملكة وغيرهم، الذي يريدون مقاطعة المنتجات التركية؛ لكنها في الحقيقة ليست كذلك بل مدعومة رسميا.

وأشار إلى أن الشعب العربي سبق أن عبر عن تأييده لتركيا من خلال نشر وسم “دعم المنتجات التركية”، التي لقيت انتشارا واسعا أكثر من حملة المقاطعة المزعومة.

وأضاف أقطاي: لا يمكن أن تندرج تحركات العجلان في إطار حرية التعبير من دون أن تكون موجّهة من مركز صنع القرار في المملكة، ويرجع استمرار السلطات في الرياض بنفي الإقرار بتورطها في حملة “منع المنتجات التركية” إلى أن هذه التحركات غير قانونية بموجب الأحكام الملزمة في اتفاقيات التجارة الدولية واتفاقيات التجارة الحرة.

وأشار إلى أن المنتجات التركية تحظى بشعبية كبيرة بين الجماهير العربية لعدة أسباب، أولها جودتها العالية دون أدنى شك، وأي حملة حكومية لمقاطعة منتجات بهذه الجودة سيكون مآلها الفشل.

ولفت إلى أن معايير الجودة التي تتمتع بها المنتجات التركية اليوم إلى جانب أبعادها الجمالية الجذابة تجعلها منافسا قويا لمنتجات أوروبية الصنع، وهذا يعني أن أي محاولات منع استهلاك المنتجات التركية ستنجح في البداية في الحد من إقبال الجماهير عليها؛ لكن ذلك لن يدوم طويلا.

وذكر أقطاي أن سياسة تركيا لنصرة المظلومين في شتى بقاع الأرض من فلسطين، وسوريا، مرورا بقطر، وصولا إلى الصومال وليبيا ساهمت في جعلها تنال دعم الشعوب العربية.

واستدل بكلمات أحد المواطنين الذي كتب ردا على حملة المقاطعة “لم تقاطع المملكة منتجات فرنسا التي لم يتوان رئيس جمهوريتها عن التطاول على النبي (صلى الله عليه وسلم)، أو منتجات الصين التي تقتل مسلمي الإيغور، أو منتجات الولايات المتحدة وإسرائيل التي تعتدي على القدس وتحتل فلسطين؛ لكنها في المقابل تقاطع منتجات تركيا الدولة الوحيدة التي تدافع عن المسلمين وتذود عنهم، لماذا؟”.

وتطرق إلى الكثير من الانتقادات على منصات التواصل الاجتماعي، من دون أن يدرك بعض القادة العرب أنهم باتخاذ مثل هذه الخطوات -ظنا منهم أنهم سيزعزعون مكانة تركيا في قلوب الشعوب- هم في الواقع يُذلون أنفسهم، ويحطون من شأنهم في نظر شعوبهم.

واستدرك: بالحديث عن حملة المقاطعة التي تتزعمها المملكة ، فإنه من الأجدر أيضا التطرق إلى عقلية مريضة أخرى تحرك مثل هذه التحركات (وضع أنفسهم مكان الله الرزاق). إن الله هو الذي منّ عليهم بهذه الثروة، وجعلها لهم بمثابة اختبار؛ لكن في المقابل أصابهم الغرور والغطرسة متناسين أن رازقهم قادر على استعادة ما رزق متى شاء.

وكتب: لقد سبق أن اتبع كفار قريش هذا الأسلوب لثني الرسول ﷺ ومن أسلم معه عن طريق الحق، ومن كان مطلعا ولو قليلا على السيرة النبوية يعرف نتيجة هذه المحاولات.

وأكد المستشار التركي أن أصحاب هذه العقلية، الذين يجهلون أن الله هو من بيده الأرزاق، هم نفسهم الذين قاموا منذ فترة قريبة بالتضييق على قطر ومقاطعتها. إنه وَهم قوة المال، الذي يجعلهم يظنون أن بإمكانهم ترويض من يريدون، وفعل ما يشاؤون وشراء ذمم الناس.

ورأي أنه من الواضح أن المملكة ما زالت حانقة على تركيا بشأن قضية اغتيال الصحفي جمال خاشقجي. وفي الحقيقة، إنهم يقفون عقبة أمام تحقيق العدالة والكشف عن المذنبين، الذين قتلوا روحا بريئة على الأراضي التركية، فهل سبب حنقهم وغضبهم هو سعي تركيا لتحقيق العدالة؟.

وتساءل: هل ينتظرون من تركيا أن تغض الطرف عن هذه الجريمة الوحشية، التي ارتكبت في حق شخص بريء على أراضيها؟ أم ينتظرون منها أن تكف عن ملاحقة الجاني؟

وشدد على أن تركيا تسعى لإظهار الحق وإقامة العدل، ولا يعد حقدهم على تركيا، أو سعيهم لمعاقبتها لسعيها إلى تطبيق العدالة، أو اعتبار أنفسهم أصحاب الرزق من خلال قطع السبيل أمام المنتجات التركية سوى الجهل بعينه.

وجدد أن تركيا ستحرص على إظهار الحق، وإن كان على نفسها، وتحقيق العدالة. إننا نواجه هذه التحديات يوميا، ورغم كل العقبات وحملات المقاطعة التي تشن ضدها ما تزال تركيا شامخة واقتصادها من أكثر الاقتصادات استدامة.

وختم مستشار الرئيس التركي: يمكن أن ننظر للأمر كهبة وعظة ربانية، إذ اكتشفت تركيا في البحر الأسود أكبر احتياطي للغاز على مر التاريخ. هذه جميعها رسائل لمن يعي ويعقل، وطوبى لمن يفهم الرسالة ويدرك أن الله وحده هو الرزاق.