مع تزايد دعوات ترحيلهم.. ماهي قصة البرماويين في مملكة آل سعود؟
التغيير
دشّن كتاب وناشطون سعوديون هاشتاغا يحمل اسم "أنقذوا مكة من البرماوية"، طالبوا فيه سلطات بلادهم بترحيل أبناء جالية بورما أو ميانمار، كما يطلق عليها حاليا.
واتهم مشاركون في الهاشتاغ البرماويين بالعبث في أمن مكة المكرمة (تتركز أغلبيتهم فيها)، ومحاولة إحداث تغيير ديموغرافي فيها، وتنشئة أجيال على فكرة أن مكة ملك لهم، متداولين العبارة الشهيرة "مكّة حقّنا".
ورغم بدء آل سعود بشكل رسمي مشروعا لتصحيح أوضاع الجالية البرماوية، عام 2008، وإصدار أول إقامة رسمية لهم عام 2013، إلا أن معضلة مئات الآلاف منهم لا تزال قائمة.
وبينما يتهم مؤيدون للحكومة الجالية البرماوية بمحاولة بسط نفوذها في مكة المكرمة، يصرّ أبناء الجالية أن لا أجندات خفيّة لهم، وهدفهم الاندماج بمجتمع مكة.
وتجددت المطالب بعد تداول فيديوهات لعدم التزام عدد من البرماويين بتعليمات وزارة الصحة، لتجنب فيروس "كورونا".
الهجرة للسعودية
وصلت أول دفعة من المهاجرين البرماويين لمكة المكرمة عام 1949، في عهد عبد العزيز، هاربين من بطش الجماعات البوذية المتطرفة.
البرماويون، وهم امتداد للقومية الروهينغية المضطهدة حاليا في ميانمار، واصلوا التوافد على مملكة آل سعود، إلى غاية مطلع سبعينات القرن الماضي.
وقدّرت أمارة منطقة مكة المكرمة في العام 2015 تعداد الجالية البرماوية بربع مليون نسمة، منهم ما يقارب من 200 ألف في مكة وحدها.
فيما يتوزع البقية في جدة والمدينة المنورة، وتتواجد عائلات متفرقة في الطائف، ومناطق بوسط وشرق وجنوب المملكة.
ومع ازدياد تعداد الجالية، قالت صحيفة "عكاظ" الناطقة باسم مخابرات آل سعود في آذار/ مارس الماضي، إن حكومة آل سعود تكفلت في دفع رسوم إقامة 270 ألف برماوي.
إلا أن أرقاما غير رسمية تتحدث عن أن تعداد أبناء الجالية البرماوية يتجاوز نصف مليون نسمة، مع احتساب المخالفين لأنظمة الإقامة، وغير المسجلين بأي دائرة رسمية بالمملكة.
الجنسية
يتمتع عدد من البرماويين بحق المواطنة، إلا أنه لم تصدر أرقام رسمية من حكومة آل سعود عن عدد من تم منحهم الجنسية.
وإلى حين وقت قريب، كانت سفارتا باكستان وبنغلاديش في مملكة آل سعود تمنح جنسيات أو جوازات سفر مؤقتة للبرماويين الذين انقطعت صلتهم ببلدهم الأصلي بشكل كامل.
ومن بين أشهر الذين حصلوا على جنسية مملكة آل سعود من البرماويين، الشيخ محمد أيوب، الذي عمل لسنوات إماما للمسجد النبوي، وولد في مكة المكرمة عام 1952، وتوفي في 2016.
حفاظ على الهوية
يحتفظ البوروميون أو البرماويين بهويتهم، وعاداتهم وتقاليدهم، إذ يجيدون لغتهم الأم، رغم أن غالبية الموجودين حاليا لم يزوروا ميانمار من قبل.
وبسبب وجود غالبيتهم في أماكن سكنية متقاربة، لا يزال البرماويين يحافظون على تماسكهم، ويوجد لهم شيخ مسؤول عن الجالية بأكملها.
ويقيم أعضاء الجالية نشاطات متنوعة (دينية، اجتماعية، رياضية)، تحظى بتفاعل كبير بين البرماويين.
ونشط إعلاميون برماويون في مملكة آل سعود بشكل كبير في نقل معاناة الروهنغيين خلال السنوات الماضية.
عشوائيات
رغم مرور عقود على تواجدهم في مكة المكرمة، إلا أن أبناء الجالية البرماوية لا يزالون يقيمون في أحياء عشوائية، تفتقر لأدنى مقومات السلامة.
ويعد حي النكاسة، الذي لا يبعد أكثر من 3.5 كم عن الحرم المكي الشريف، من أكثر الأحياء الفقيرة اكتظاظا بالسكان.
ويعمل أبناء الجالية في حرف مهنية، مع وجود صعوبة في الالتحاق بوظائف حكومية وخاصة.
صحيفة "نيويورك تايمز"، قالت إن الخطر الأكبر لتفشي كورونا في مملكة آل سعود يكمن في عشوائيات مكة والمدينة.
وأوضحت أن البرماويين وغيرهم من غير النظاميين يخافون خطر الترحيل في حال طلبوا تقديم الرعاية الصحية بما يتعلق بكورونا.
وذكرت أن هذا الأمر دفع سلمان للاعتراف ضمنيا بوجود مشكلة حقيقية، عبر خطابه الأخير، الذي ذكر فيه أن سلطات آل سعود ستقدم العلاج للجميع، بغض النظر عن حالة إقامتهم.
ماذا قال خاشقجي عنهم؟
الكاتب الراحل جمال خاشقجي، كان من دعاة تجنيس البرماويين، ودعا لذلك في تغريدات عبر "تويتر"، ومقابلات تلفزيونية.
وقال خاشقجي في مقابلة عام 2013، إن من يعيش في مملكة آل سعود دون الحصول على جنسيتها، يجد صعوبة كبيرة في العمل، والتعليم، والصحة، وغير ذلك.
ولفت إلى أن وجود شيخ للبرماويين على تنسيق تام مع وزارة الداخلية يساعد في حل معضلتهم بشكل أكثر سلاسة.
جاليات أخرى
يقيم في مملكة آل سعود مئات الآلاف من الجاليات المشابهة بالوضع القانوني للبرماويين، وجلهم قدموا من دول أفريقية قبل عقود.
وتختلف الجاليات الأفريقية عن البرماوية، بحصول عدد أكبر منهم على جنسية مملكة آل سعود، وتوزعهم في أنحاء متفرقة من المملكة، مع بقاء تجمعات سكانية في جدة، ومكة، والرياض.
وينحدر الأفارقة في مملكة آل سعود من دول مختلفة، إلا أن نسبة كبيرة منهم ينتمون لقبائل "الهوسا (هوساوي)، الفلاتة، البرنو (برناوي)"، ويطلق عليهم بالمجمل مسمى "التكارنة"، وهم قادمون من (نيجيريا، النيجر، الصومال، تشاد، إثيوبيا، إرتيريا، مالي)، ودول أخرى.
وبرز عدد من أبناء هذه الجاليات في كرة القدم، ورياضات أخرى في مملكة آل سعود.
كما يتواجد في مملكة آل سعود جاليات أخرى ولدوا وترعرعوا هناك، مثل الجالية اليمنية، والبنغالية، والباكستانية.
ارسال التعليق