التغيير

استبعد الموقع الإلكتروني لإذاعة "مونت كارلو" حدوث انفراجة قريبة بين المملكة وإيران، رغم انخراطهما، مؤخرا، في مباحثات مباشرة بالعراق، معتبرا أن المحادثات بين الرياض وطهران لن تضمن بالضرورة إخراج المملكة من مستنقع الحرب في اليمن.

ووصف الموقع، في تقرير، الحوار الذي يستضيفه العراق، بأنه "أول جهد جدي لنزع فتيل التوترات منذ قطع العلاقات بين المملكة وإيران في 2016 إثر مهاجمة بعثات دبلوماسية للمملكة في إيران على خلفية إعدام رجل دين معارض في المملكة".

وأضاف أن الرياض تسعى للحصول على دعم من طهران يساهم في إنهاء انخراطها العسكري المكلف الذي دام 6 سنوات في اليمن المجاور حيث يشن أنصار الله حملة للسيطرة على مأرب، آخر معقل للحكومة في الشمال، ويصعّدون ضرباتهم بالصواريخ والطائرات المسيرة على المملكة.

وبالتزامن مع الجهود المبذولة في بغداد، التقى وفد أمريكي بقيادة المبعوث الخاص "تيم ليندركينج" والسيناتور "كريس ميرفي"، خلال الأسبوع الماضي، بمبعوث الأمم المتحدة "مارتن جريفيث" في سلطنة عُمان كجزء من مسعى دبلوماسي لوقف إطلاق النار في اليمن.

وينقل التقرير عن الباحث في معهد "مركز كارنيجي للشرق الأوسط"، "أحمد ناجي"، قوله: "هناك صلة مباشرة بين المحادثات المملكة وإيران وما يحدث في مسقط بالنظر إلى نفوذ الإيرانيين على ساحة حرب اليمن".

ويضيف: "السؤال الرئيسي هنا هو: هل يمكن لهذه الجولة من المفاوضات أن تضع حداً لحرب اليمن التي طال أمدها أو أن تؤدي إلى وقف إطلاق نار مؤقت فقط؟".

ويتابع: "كل الجهود تهدف إلى محاولة تهدئة الصراع بين آل سعود و أنصار الله، لكن هناك طبقات عدة من الصراع.. وسيتطلّب الأمر آليات طويلة المدى ومتعددة المسارات تبدو غائبة"، حتى الآن.

وتأتي التحركات في وقت يضغط فيه الرئيس الأمريكي "جو بايدن" لإحياء الاتفاق النووي الإيراني المبرم عام 2015 والذي خرج منه سلفه "دونالد ترامب".

ويذكّر التقرير بأن المملكة سعت للحصول على مقعد على طاولة المفاوضات، لكن إيران تحفظت بسبب مخاوف من أن تحاول المملكة تخريب الصفقة.

وقال مسؤول غربي لـ"فرانس برس" إن المملكة تأمل على الأقل في "مقعد في غرفة مجاورة للغرفة".

وبحسب الباحثة في معهد المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية "تشينزيا بيانكو"، فإنه "لا يوجد شيء أكبر في الحوار الإيراني مع المملكة "، مضيفة: "اليمن مقابل الاتفاق" النووي.

وقال مصدر مقرّب من مركز الحكم في المملكة إنّ توقعات المملكة من حوارها مع إيران محدودة، مستبعدا حدوث اختراق سريع بعد سنوات من التنافس المرير.

فقد دعمت المملكة وإيران طرفي نقيض في العديد من الصراعات الإقليمية، من سوريا إلى اليمن، وتعتبر الرياض أنصار الله تهديدا رئيسيا، لا سيما بعد هجمات عدة على منشآتها النفطية.

ويرى محللون أن الجهد الدبلوماسي المتجدد يؤكد القناعة في الرياض بأن سياسة "الضغوط القصوى" التي انتهجها "ترامب"، والتي تهدف إلى الضغط من أجل الحصول على تنازلات من إيران، لم تؤت ثمارها.

كما تراجعت علاقات الرياض مع واشنطن بعد العلاقات الوثيقة جدًا في عهد "ترامب"، إذ يسعى "بايدن" للضغط على المملكة في مسائل متعلقة بحقوق الإنسان.

وتتحرّك المملكة لخفض درجة التوتر على جبهات عدة في جميع أنحاء الشرق الأوسط، بما في ذلك التصالح مع قطر بعد قطيعة دامت 3 سنوات، وعلى الصعيد الداخلي الاستثمار لتمويل مشاريعها العملاقة الطموحة وتنويع مواردها بدل الاعتماد على النفط.

لكن هدفها الرئيسي هو إخراج نفسها من الصراع الدائر في اليمن والذي خلّف عشرات الآلاف من القتلى وتسبّب بأزمة إنسانية كبرى.

ويحذر بعض المراقبين من الآمال الخاطئة بأن المحادثات مع إيران ستساعد المملكة في تحقيق هذا الهدف.

وتقول الباحثة في "معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى"، "إيلانا ديلوزير" لـ"فرانس برس": "يفضّل أنصار الله أن يكون لهم وسيطهم الخاص مع المملكة ولن يرغبوا بأن يأخذ مكانهم احد في ذلك".

وتضيف: "حتى إذا انتهى الأمر بحصول المملكة على بعض التأثير على خيارات إيران في ما يتعلق باليمن، فلن يتمكن الإيرانيون من التأثير على المحادثات بين المملكة و أنصار الله بالكامل".