تبرئة قتلة خاشقجي.. هكذا تدعم دور الرياض وأبوظبي المشبوه بالمنطقة
نشرت صحيفة “يني شفق” التركية مقالا للكاتب إبراهيم قراغول، تحدث فيه عن الأحكام القضائية التي أصدرتها السلطات السعودية بحق مرتبي جريمة قتل الصحفي جمال خاشقجي، وتبرئة عدد من الشخصيات المتهمة المقربة من ولي العهد السعودي محمد بن سلمان.
وقال الكاتب في مقاله: إن السعودية ممثلة بولي العهد السعودي محمد بن سلمان، والإمارات بولي عهدها محمد بن زايد يمارسون “أقذر” الأدوار في المنطقة، ولهم في كل زقاق وزاوية عمل “خبيث”، مبينا أن همهم الأوحد هو حشر تركيا في الزاوية وإسقاط الرئيس أردوغان وهو ما لن يكون.
“وصمة عار”
وأضاف أن “النيابة العامة في السعودية أصدرت حكما بالإعدام على خمسة أشخاص من أصل 11 اتهموا بارتكاب جريمة قتل خاشقجي، رغم أن الجريمة ارتكب بواسطة رجال مخلصين لولي العهد السعودي محمد بن سلمان، وبناء على إشرافه وطلبه شخصيا حيث طلب منهم التخلص من الصحفي المعارض بأكثر الطرق وحشية، وفي قنصلية السعودية بإسطنبول ما أعطى رسائل محرجة إلى تركيا وكانت مقصودة فيما يبدو”.
القضية بحسب الكاتب كانت وهمية، بل والمحاكمة كانت صورية، وقرارات الإعدام هي كذلك، حتى أن جثة الضحية لم يتم الحديث بشأنها ولا أين مصيرها أو مآلها، ومن أجل إنقاذ ولي العهد اتخذت هذه القرارات وعلى هذه الشاكلة، في محاولات أكيدة من أجل تعتيم الأدلة، وإزالة المشتبه في ولائهم والقضاء على الشخصيات التي من المحتمل أن تتحدث في المستقبل.
وأعرب الكاتب عن دهشته من أن “سعود القحطاني المتهم رقم (1) بجريمة القتل، لم يتم إدانته، ولا حتى بشهر واحد، بل تمت تبرئته، وكذا الأمر انسحب على القنصل السعودي محمد العتيبي، والذي أثبت بحسب النيابة العامة السعودية أنه كان في مكان آخر لحظة تنفيذ الجريمة، فيما تم إطلاق سراح أحمد عسيري نائب رئيس المخابرات (المفترض أنه تم فصله) الذي خطط لعملية القتل”.
وأشار إلى أن الرجال الثلاثة هؤلاء هم من نفذوا الجريمة وأشرفوا عليها بشكل مباشر، وأنهم احتجزوا تحت حماية مشددة وبإشراف ولي العهد السعودي شخصيا، لأن دورهم لم ينته بعد، فهم تولوا تنفيذ العديد من العمليات، ويبدو أنهم سيتولون المزيد منها أيضا.
وتساءل: ماذا عن أولئك الخمسة الذين تم إصدار الحكم بإعدامهم؟ هل سيتم تنفيذ الحكم بحقهم أم إعادة تهيئتهم بهويات جديدة؟ وأجاب الكاتب: أن هذه الشخصيات، إذا كانت يخشى منها الحديث فسوف يتم القضاء عليها، وسيبرر ذلك لاحقا ولي العهد.
كما تساءل الكاتب أيضا: هل هذا الأمر يعد ممكنا؟ هل ينجو ابن سلمان من فعلته لبقية حياته؟. وأجاب: في الحقيقة ورغم ملايين الدولارات التي أنفقتها شركات العلاقات العامة لتحسين صورته جراء هذه الجريمة “المخجلة” لن يستطيع ابن سلمان التخلص من “وصمة العار” التي سببها لنفسه جراء ذلك، رغم أنه كل أجهزة الدولة الآن من استخبارات، وأجهزة الاتصالات المختلفة تحاول تصوير الجريمة على أنها جريمة قتل عادية.
وتابع: إنهم يحاولون منع جريمة قتل الملعقة من الكشف عن المنظمات الإرهابية الإقليمية وشبكة الاستخبارات وعمليات القتل والعمليات السرية التي يقودها الثلاثي محمد بن سلمان ومحمد بن زيد ومحمد دحلان، لكن ذلك لن يكون ممكنا أبدا، وذلك؛ لأن العمل القذر للثلاثة لا يقتصر على قتل خاشقجي، فقط الجريمة هذه كشفت، و”كشفت معها عوراتهم واحدة تلو الأخرى”.
“قضايا قذرة”
وشدد الكاتب على أنه إذا تم تغطية هذه الجريمة، فسيتم إغلاق العشرات من “القضايا القذرة” للغاية في الشرق الأوسط ومع ذلك فهذا الأمر لا يجب إخفاؤه، فهم بعملياتهم هذه، تحولت الجغرافيا لبحيرة من الدم، وهاذان الرجلان ابن زايد وابن سلمان يتسترون بشبكة من المعلومات والمصادر المموهة، التي يجب أن تكشف ويرفع عنها الغطاء.
وأردف: ليعمل هؤلاء ما يحلوا لهم، ويحاولوا إغلاق ملف قضية خاشقجي بهذه المحاكمة الصورية وقرارات الإعدام بحق الخمسة المجهولين، فمن سيقوم بالتحقيق مع محمد بن سلمان، وكذلك من سيقوم بالتحقيق مع مديره محمد بن زايد، أم أن ذلك بعيد المنال؟. أي محكمة سوف تحاكم “بارون الإرهاب” والذي له في كل شق وزاوية جريمة حرب، وزرع بذور الفتنة والشقاق، واختر ما شئت من هذه الأماكن، سواء في الأردن، أو مصر، والخليج، وحتى تركيا، عمليات سرية، شراء للمعارضة بالأموال، تسليح المنظمات الإرهابية مثل بي كاكا وداعش وأخيرا وليس بآخر حفتر في ليبيا.
وبحسب رأي الكاتب، فقد تحولت دبي إلى “مركز إرهاب عالمي”، ولا ننسى ما حدث وقت أن كانت أمريكا تحتل أفغانستان والعراق، حيث تحولت الإمارات، بل وتولت عمليات التحقيق والتعذيب مع المعتقلين القادمين من كلا البلدين، لتغدو المنطقة مزدحمة بالسجون السرية سيئة الصيت والسمعة، ودون إمكانية تحديد عددها أو الظروف التي تعمل من خلالها.
ولفت إلى أنه قد يأتي يوم ويحاسب أولئك على كل ما اقترفوه، قد يكون ذلك عن طريق المحكمة الجنائية الدولية، وقد يكون عن طريق وسيلة أخرى، لكن لو فتحت قضية واحدة ولنقل “اليمن” فستكفي لإدانتهم بكل أنواع الجرائم والتهم، فيما الملف الليبي سيعمل على دفنه، كما أن شبكات الإرهاب والمخابرات كافية لتدميره.
ورأى الكاتب أن “خيانة الأمة العربية، وجعل الوطن العربي مادة على مائدة المساومة وأخذ وإجراء المناقصات الإقليمية للهجمات العالمية على المسلمين، كافية لتدميره”.
ونوه إلى أن هذين الأميرين، وبطريقة معروفة، تخوض حربا لا هوادة فيها مع تركيا، بداية من البصرة وخليجها، وحتى البحر الأحمر، ومن البحر الأبيض المتوسط ووصلا لبحر إيجة، حتى وصل الأمر إلى إفريقيا وروسيا والسودان وليبيا، لقد وظفوا كل إمكاناتهم من أجل تلك الحرب فقط.
وشدد على أن موقف تركيا، واضح، أيا كان عدوها، سواء كانت دولة أو منظمة إرهابية أو بالشراكة بينهم، بالمال والسلاح، والعلاقات، لن تقف أنقرة موقف المتفرج الصامت، لقد بلغ منهم الكره أن يتصرفوا بطريقة هيستيرية، وبات الرأي عندهم هو ما تقوله أمريكا وإسرائيل، ويفعلون ما تمليه عليهم فرنسا وبريطانيا، يعيشون النزاع مع تركيا في كل زاوية وركن.
حشر بالزاوية
وأكد أن هذه الحرب لم تبدأ بالأساس بعد مقتل خاشقجي، ولن تنته بعده، فتركيا مدركة تماما لوجود شبكة جديدة من العلاقات في المنطقة وهدفها واحد إسقاط الرئيس أردوغان وحشر تركيا في الزاوية، ويتم تطبيق خطط أخطر بكثير من مجرد قتل معارض على أرض دبلوماسية، داخل الأراضي التركية.
وأردف الكاتب: أن هذين الرجلين يعملان على جر كل البلاد العربية لحرب مع تركيا، لقد كانا من أكثر الممولين لإرهاب “بي كاكا” على الحدود التركية السورية، ولذلك خاضوا حربا على أرض سوريا مع تركيا بأدواتهم، وحاليا يتكرر السيناريو في البحر المتوسط، حيث يخطط لحرب يخوض غمارها كل من مصر وإسرائيل ضد تركيا بغية خنقها، وفي كل هذا لن تجد إذا ما أمعنت النظر تجاه كل هذه المؤامرات سوى ولي العهد السعودي ونظيره الإماراتي.
ووصف الكاتب كل من ولي العهد السعودي ونظيره الإماراتي بأنهما، “لورانس القرن الحادي والعشرين” الذي وضعوه أمامنا في هذا النضال العظيم ودورهم في التاريخ محصور بذلك، وقتلهم لخاشقجي جزء من هذا الدور”.
وختم إبراهيم قراغول مقاله بالقول: إن هناك تحديا تاريخيا، وهذا التحدي مرتبط بدور تركيا سياسيا وجغرافيا، ولا يمكن لحفنة من الورثة أو أذرع الغرب في المنطقة أن يؤثروا في دورنا القوي، وبغض النظر عن قوتهم ستعمل تركيا على تجاوزها جمعيا، وهم يعلمون ذلك تماما وهذا هو منبع الخوف في الأساس.
وكان الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، قد قال: إن “مستقبل تركيا في تلك الأطراف كلها بدءا من سوريا والبحر المتوسط وحتى ليبيا، وليس فقط حدود البلاد المعتادة وإذا بقينا عند هذه الحدود سوف ننتهي، وبدون التواصل مع ليبيا، لن يكون لنا حضور ولا وجود داخل البحر المتوسط وعند غياب البحر المتوسط فإن بلاد الأناضول، تختفي، وبدون الدفاع عن حقوقنا ووجودنا في سوريا لا يمكن الدفاع عنها في كهرمان مرعش أو حتى سيواس شمالا”.
ارسال التعليق