أسرلة الحج من بوابة الشركات الهندية
يبدو أن النظام السعودي ليس مسؤولاً عن الانتظار إلى حين نضوج تسوية التطبيع مع الكيان الصهيوني. هذا ما تؤكده الممارسات التي تتكدس تباعا لتفضح حالة التطابق في رؤية الكيانين المحتلين على مختلف الصعد.
وفي آخر المستجدات على هذا الصعيد، أوكلت "السعودية" دراسة طلبات المسلمين القاطنين في الدول الغربية والولايات المتحدة الأميركية الراغبين في أداء فريضة الحج إلى شركة هندية مرتبطة برئيس الوزارء الهندي ناريندا مودي، والمسؤول عن الإساءة للنبي الأكرم (ص). حيث تجمع الشركة علاقات مع الكيان الصهيوني.
وفي تقرير لموقع "ميدل إيست آي" البريطاني، كشف أن واحدا على الأقل من مستثمري الشركة التي تناط بها مهمة جمع ومعالجة طلبات المتقدمين للحج في البلدان الغربية، لديه علاقات وثيقة بالحكومة الهندية. حيث أعلنت "السلطات السعودية" في الأسبوع الماضي، أن من يرغبون في الحج من داخل أستراليا وأوروبا والولايات المتحدة، سوف يحتاجون للتقدم بطلبات تأشيرة الدخول عبر موقع "مطوف" الحكومي، وهي خطوة يدّعي النظام من خلالها أن الغاية منها اتخاذ إجراءات صارمة ضد ما أطلقت عليه وكالات السفر "الزائفة".
وبحسب الإجراءات الجديدة، فإن من يتم اختيارهم يكونون قد فازوا بأماكنهم عبر "يانصيب آلي"، يمكنهم من بعده أن يحجزوا ويشتروا النقل والسكن مباشرة من خلال الموقع الحكومي "السعودي".
وذكر الموقع أن "الحكومة السعودية" أصدرت بضع بيانات لتبيان السبب من وراء تطبيق القرار في وقت قريب من موسم حج هذا العام، ويكشف الموقع في التحقيق الذي أجراه، أن شخصا ممن يساعدون في ترتيب الاستثمارات بما قيمته ملايين الدولارات في ترافيزي، الشركة التي تتخذ من دبي مقرا لها، والتي تم التعاقد معها حصريا لمعالجة الطلبات الغربية عبر موقع مطوف، لديه ارتباطات وثيقة برئيس الوزراء الهندي نارندرا مودي وحزب باراتيا جاناتا (بي جيه بيه) الذي يرأسه.
وأضاف الموقع البريطاني أن "هذا الشخص هو براشانت براكاش، نائب الرئيس والشريك في شركة رأس المال المضارب أكسيل إنديا، الذي يشغل موقعا في المجلس الاستشاري الابتدائي الوطني في الهند منذ 2020، وفي عام 2021 أصبح مستشارا سياسيا واستراتيجيا لدى باسافاراج بوماي، الوزير الأول في حكومة كارناتاكا، التي يديرها حزب بي جيه بيه، وهو واحد من حلفاء مودي الأساسيين".
وطبقا لما تقوله أكسيل، بحسب الموقع، فإن براكاش هو الذي قاد مؤسسة رأس المال المضارب إلى الدخول في شراكة مع عمليتين أخريين، عندما قاموا جماعيا باستثمار سبعة ملايين دولار في ترافيزي في عام 2016، بينما كانت الشركة المملوكة للهند تقوم بإنشاء مؤسسة تابعة لها تدعى هوليديمي، ثم فيما بعد في عام 2018 شركة يديرها محمد إم إس بن محفوظ.
وفي عام 2018، كانت أكسيل جزءا من ائتلاف من خمسة شركاء استثمروا مبلغا إضافيا قدره 16 مليون دولار في ترافيزي، التي شارك في تأسيسها المواطنان الهنديان غيت بالا وريغفيجي براتاب.
ولفت موقع ميدل إيست آي إلى تواصله مع بالا، المدير التنفيذي لشركة ترافيزي، للتعليق على الخبر، إلا أنه لم يتلق إجابة منه حتى موعد نشرها للتقرير.وبحسب ما تقوله فوربس، فإن أومرامي هي الآن "واحدة من ثلاث شركات فقط مخولة من قبل وزارة الحج والعمرة لبيع منتجات العمرة لوكلاء السفر حول العالم. وكانت بحلول عام 2020 قد احتلت الموقع الخامس في قائمة فوربس لأكثر الشركات المبتدئة تمويلا في الشرق الأوسط.
"شائن وخطير":
وينقل الموقع عن العديد من النشطاء الهنود، إن المعلومات التي تم الكشف عنها تبعث على القلق. وفي تصريح لموقع ميدل إيست آي، قالت نبيهة خان، التي تقيم في العاصمة نيودلهي، " إن قرار السعودية إحالة إجراءات معالجة طلبات الحج إلى شركة يستثمر فيها أفراد لديهم ارتباط بحزب بي جيه بيه أمر، شائن وخطير".
وتابعت خان، إن حكومة كارناتاكا التي يترأسها حزب بي جيه بيه ضالعة حتى النخاع في السياسات المعادية للمسلمين، بما في ذلك القيود التي تفرض على الحجاب وعلى الأذان.
وأضافت: "ما فتئ المسلمون في كارناتاكا يتعرضون لعدوان مستمر في ظل حكومة حزب بي جيه بيه. كما رأينا الوزير الأول في كارناتاكا، باسافاراج بوماي، يشجع تدخل التيار اليميني في الزواج الذي يتم بين أفراد من أديان مختلفة، ويشجع الأذى الذي يسلط على المتزوجين من أديان مختلفة، حيث يصبح الرجال المسلمون بالذات ضحايا العنف المباشر."
وقالت: "كما أن البيانات الشخصية لأولئك المسلمين الذين يتقدمون للحصول على تأشيرات عبر الموقع، يمكن بسهولة أن تقع في الأيدي الخطأ."
وأضافت خان، "إنه لمن المؤسف أن تأتمن البلدان المسلمة على مثل تلك المعلومات الحساسة وعلى المال، أشخاصا يستخدمون أموالهم في التحريض على التنكيل بالمسلمين في الهند."
وقالت: "تجد السعودية من ناحية تندد بتصريحات زعماء حزب بي جيه بيه المثيرة للخلاف حول النبي محمد، ومن ناحية أخرى تجدهم يدخلون في صفقات تجارية مع مثل هذه المنظمات. فهل هم في واقع الأمر جهلاء أم إنهم فقط لا يكترثون بما يحصل للمسلمين، على الرغم من أن أجندة حزب بي جيه بي المعادية للمسلمين واضحة للعيان؟"
أما سيد عبده كشاف، الناشط المدافع عن الحقوق الاجتماعية والمدنية في حيدر آباد، فقال في تصريح لموقع ميدل إيست آي؛ إن تلك المزاعم تعني أن السعودية قامت فعليا "بدعوة أناس لا يحق لهم أصلا أن يوجدوا في موقع إسلامي غاية في القدسية."
وأشار موقع ميدل إيست آي إلى عدم تلقيه أي ردود على الاستفسارات التي تقدم بها، "لا من وزارة الحج والعمرة، ولا من القنصلية السعودية في مدينة نيويورك".
سلطوية رقمية:
في تصريح لموقع ميدل إيست آي، قالت سوشيترا فيجايان، المدير التنفيذي لمشروع بوليس في مدينة نيويورك؛ إن قطاع التكنولوجيا بات نموذجا للكيفية التي يمكن من خلالها للكراهية التي تستهدف المسلمين أن تتسرب عبر الحدود.
وذلك أن أكسيل تستثمر منذ وقت طويل في الشركات "الإسرائيلية" الناشئة، ويقال إن استثماراتها في ذلك القطاع "الإسرائيلي" تجاوزت 350 مليون دولار في الفترة من عام 2002 إلى عام 2016.
وقالت فيجايان؛ "إن أحد أبعاد السلطوية، الرأسمالية الرقابية، وكيف يغذي ذلك الطرق التي يصبح من خلالها كل شخص مدونا وموثقا بشكل كامل".
وأضافت: "أعتقد أن السلطوية الرقمية ترتبط بشكل وثيق بالرأسمالية الرقابية، والفكرة هي ممارسة الرقابة المستمرة على الناس، وتوثيق تحركاتهم ونشاطاتهم والتحكم بكل ما يفعلونه." وقالت: "لقد غدت عقيدة هندوتفا والكراهية المسعورة التي يبدونها ضد المسلمين وغيرهم ظاهرة عالمية، فالتعصب تجارة رائجة، وهناك أناس يتربحون من ذلك التعصب ومما ينجم عنه من ممارسة للعنف."
وأكد التقرير على التعاون المتسارع الذي تسجله العلاقات بين الهند والإمارات العربية المتحدة، نظرا لتعمق الروابط الجيوستراتيجية، بالإضافة إلى العلاقات الاقتصادية والتجارية. حيث وقع البلدان، في كانون الثاني/يناير، على مذكرة تفاهم لإطلاق "رواق المشاريع الناشئة بين الهند والإمارات"، وغايته التي صرح بها هي بناء أنظمة بيئية مواتية للمشاريع الناشئة بين البلدين.
بعد ذلك بشهرين، أعلنت أكسل أنها سوف تستثمر 650 مليون دولار في ميدان المشاريع الناشئة في الهند. ويوم الثلاثاء، أعلنت الولايات المتحدة أنها سوف تعقد قمة رباعية مع الهند وإسرائيل" والإمارات العربية المتحدة، وذلك في أثناء زيارة الرئيس جو بايدن إلى المنطقة الشهر المقبل.
هذا ووصف مسؤول في البيت الأبيض ذلك اللقاء بأنه "مشاركة فذة"، وقال إن الزعماء سوف يناقشون الأمن "ومساحات التعاون عبر القارات، حيث تمثل الإمارات العربية المتحدة وإسرائيل محطات مهمة للإبداع."
ومنذ أن أعلنت " السعودية" عن تغييراتها في إجراءات التقدم بطلبات الحج، حلت بحجاج العالم الغربي العديد من النوازل، وفقا للتقرير. واستطرد بالتفسير قائلا "يوم الجمعة، اشتكى المتقدمون بطلبات تأشيرة الحج من أنهم أمطروا بوابل من البريد المزعج بمجرد أن سجلوا طلباتهم عبر الموقع، مما أثار القلق في صفوفهم من تعرض خصوصياتهم وبياناتهم الشخصية للسطو، خاصة أن الشركة لا تذكر شيئا في موقعها عن ضمانات الحفاظ على سرية البيانات".
وتابع التقرير"يوم الاثنين، واجه موقع مطوف العديد من المصاعب التقنية مما أعاق تلقي الطلبات، ثم ما لبث أن انهار إثر دخول الملايين دفعة واحدة إلى الموقع".
ارسال التعليق