الضربة الأمريكية ضد سوريا : فرحة إسرائيلية سعودية.. مصادفة أم أهداف مشتركة؟!
وحدت الضربة الأمريكية على سوريا فجر الجمعة مواقف العديد من الدول خلفها ومنها مواقف المملكة السعودية وإسرائيل، حيث تطابقت مواقفهما التي اتسمت بالترحيب والإشادة للخطوة الأمريكية ضد الجيش السوري الذي يواجه الجماعات الإرهابية على امتداد الأرض الوطنية السورية.
فقد أعلنت السلطات السعودية تأييدها للضربة الصاروخية التي وجهتها الولايات المتحدة الأمريكية ضد أهداف بسوريا واصفة قرار الرئيس دونالد ترامب بهذا الشأن بـ"الشجاع"، ونقلت وكالة الأنباء السعودية الرسمية(واس) عن مصدر بالخارجية السعودية إن المملكة تؤيد بشكل كامل العمليات العسكرية الأمريكية على أهداف عسكرية في سوريا، وأضاف المصدر أن النظام السوري يتحمل مسؤولية تعرض سوريا لهذه العمليات العسكرية...
تطابق المواقف الإسرائيلية والسعودية..
وتطابق الموقف السعودي مع الموقف الإسرائيلي بالتأييد الكامل للعملية الأمريكية، حيث أكد رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو دعم "بلاده" الكامل للضربة الأمريكية، معتبرا أنها "رسالة قوية" يجب أن تسمعها إيران وكوريا الشمالية أيضا.
هذه المواقف المتطابقة بين المملكة وكيان الاحتلال الإسرائيلي تثير الكثير من التساؤلات حول خلفيتها، فلماذا ترحب المملكة بضربة أمريكية توجه إلى دولة عربية شقيقة أيا كان الخلاف السياسي معها أو مع النظام الحاكم فيها؟ هل يجوز على دولة عربية يفترض أنها تلعب دورا هاما في هذا العالم العربي والإسلامي أن ترحب بهذا الشكل وتتعامل بهذه الطريقة مع قصف أجنبي لأراضي دولة عربية وإسلامية؟ وهل أسباب وخلفيات الموقف السعودي هي نفسها الدوافع الإسرائيلية أم لكل طرف أسبابه وغاياته؟
الحقيقة أن الموقف الإسرائيلي لا يثير الكثير من الجدل، بل بالعكس هو موقف متوقع وطبيعي من كيان قام على قتل العرب والمسلمين في فلسطين وغيرها من الدول العربية والإسلامية المجاورة ومنها سوريا التي طالما كانت تكل له إحدى العقد ويعمل على التخلص منها ومن دورها في دعم المقاومة في لبنان وفلسطين، ولذلك فالتخلص من النظام القائم اليوم في سوريا هو مصلحة إسرائيلية واضحة ومباشرة.
لماذا كل هذا الترحيب السعودي؟!
بينما ما لا يفهم هو الأسباب الحقيقة التي تقف وراء هذا الفرح السعودي لقصف سوريا، هل هو الفرح بإمكانية التخلص من العقدة السورية بالنسبة لإسرائيل أم أن الأمر يتعلق بالرغبة بالإطاحة بالنظام الحالي والمجيء بنظام يتشكل من الجماعات التي تقاتل في سوريا وتحمل الفكر التكفيري المعروف المصدر والمنبع، ومعروفة مصادر دعمها بالسلاح والمال.
وهنا الجدير ذكره أن الجيش الإسرائيلي أعلن أنه أُبلغ مسبقا بالضربة الأمريكية على سوريا، وأشار إلى أن الإبلاغ الأمريكي المسبق للجيش الإسرائيلي والأجهزة الأمنية بشن الضربة الصاروخية إنما هو دليل آخر على متانة العلاقات وعمق الأواصر التي تربط بين "إسرائيل" وحليفتها الكبيرة الولايات المتحدة.
وهذا يطرح السؤال، هل أُبلغت المملكة السعودية بالضربة الأمريكية قبل حصولها أم أن القيادة السعودية لا تعتبر حليفة بما يكفي للولايات المتحدة حتى يتم إبلاغها مسبقا بالخطوات الأمريكية في المنطقة؟ هل دورنا فقط هو التصفيق والتهليل لجرائم السيد الأمريكي في المنطقة؟ ومن غير المفهوم هل لهذه الدرجة يعتبر قرار ضرب سوريا مرحبا به في أروقة صناعة القرار في المملكة؟ ولماذا علينا أن نسارع للتصفيق من دون البحث أو امتلاك حق الاعتراض أو النقاش؟
تبرير.. ولكن!!
خاصة أن الموقف السعودي حاول التبرير والتعليل لكل هذا الترحيب عبر القول إن "هذا التأييد هو رد على استخدام النظام السوري للأسلحة الكيمائية ضد المدنيين الأبرياء أودت بحياة العشرات منهم بينهم أطفال ونساء والتي تأتي استمرارا للجرائم البشعة التي يرتكبها هذا النظام منذ سنوات ضد الشعب السوري الشقيق.."، ولكن لم يشرح الموقف السعودي المعلن كيف تأكد أن النظام السوري استخدم فعلا أسلحة كيميائية في خان شيخون؟ هل استند إلى أدلة ثابتة وموثقة لاتخاذ هذا الموقف أم أن الأمر لا يتجاوز بعض الأخبار والأنباء التي انتشرت في وسائل الإعلام ومصادرها معروفة؟ وهل المملكة تنظر بعين واحدة إلى الشعوب التي تقتل هنا وهناك؟ هل المملكة ترى فقط من يقتلهم الجيش السوري بينما لا ترى من يُقتل من قبل الجماعات المسلحة كداعش وجبهة النصرة وغيرهما؟ ألا ترى المملكة القتلى من المدنيين سوى في سوريا بينما لا يمكنها ذلك في العراق والبحرين واليمن؟ وهل الأسلحة التي تستخدم في اليمن من قبل التحالف الذي تقوده المملكة هي أسلحة مباحة ومقبولة من قبل الأطفال والنساء في اليمن؟
الواقع أن الأجدر بالمملكة السعودية أن لا تقبل بالاعتداء على أي دولة عربية وإسلامية بدل أن ترحب وتشيد بمثل هذه الاعتداءات لأن من سيُقتل بفعل هذه الجرائم هم من العرب والمسلمين الذين يجب على المملكة أن تحتضنهم وتدعهم وتساهم في حمايتهم، وإن أي فعل يصب في خانة الترحيب يشكل غطاء إسلاميا وعربيا لأي احتلال جديد قد تشهده المنطقة وهذا ما سبق أن حصل مع العراق عندما تم اجتياحه من قبل الجيش الأمريكي لأسباب تبين أنها زائفة، حيث رفعت وقتها شعارات حول الأسلحة الكيميائية وأسلحة الدمار الشامل ليظهر أن نظام صدام حسين لا يمتلك أي نوع من هذه الأسلحة وأن الهدف كان هو السيطرة على خيرات العراق وتدمير المنطقة.
التاريخ لن يرحم..
لذلك على الدول الخليجية وفي مقدمتها المملكة السعودية تحمل المسؤولية التاريخية ولعب دور الحامي والراعي لباقي الدول الشقيقة، لأن التاريخ لن يرحم وسيصف ما يحصل اليوم بالتواطؤ على قتل الشعب السوري كما حصل سابقا مع العراق وإيران ومصر ولبنان والأردن واليمن وفلسطين التي تبقى الجرح النازف في ضمير هذه الأمة من دون أن نرى المواقف الشجاعة للدفاع عنها، بل بالعكس فإن من يسارع اليوم للإشادة بضرب سوريا يهرول لعقد "مصالحة تاريخية" مع "إسرائيل"، فهل تكون المواقف السعودية والإسرائيلية من باب المصادفة أم لها تفسيرات أخرى؟!
وللإشارة فقط، كتب الناشط السعودي علي آل غراش على مواقع التواصل إن "الولايات المتحدة الأمريكية ضربت بصواريخ توماهوك مطار الشعيرات في سوريا الذي منه انطلقت الصواريخ التي أسقطت الطائرة الصهيونية الإسرائيلية".
بقلم : مالك ضاهر
ارسال التعليق