قراءة متأنّية في آخر القرارات السعودية: هل نشهد انتقالا تدريجيا من سلطة “أبناء عبد العزيز″ إلى أبناء الملك سلمان؟
ترفض مؤسسة العرش السعودية تماما كل الاتهامات والتحليلات التي تتنبأ بمستقبل التعيينات الأخيرة على اعتبار انها تسهم في تقوية ابناء الملك سلمان على حساب ابناء اعمامهم من العائلة ذاتها، وتصرّ على التأكيد على ان عائلات ابناء الملك عبد العزيز (36 ابنا من الذكور) ممثلة في مؤسسات الدولة.
طبعا، بغض النظر عن الحديث عن ابناء الملك سلمان او ابناء اخوته، فالتعيينات الاخيرة بصورة عامة زادت من تعزيز مكانة آل سعود في الحكم وفي مختلف مفاصل الدولة.
بالنسبة للمؤسسة المذكورة فلا معنى لأن يكون ابناء الملك سلمان يستلمون زمام الأمور في مناصب من وزن “ولي ولي العهد ووزير الدفاع″ (الذي يتقلده الأمير محمد بن سلمان)، و”وزير الطاقة” (الذي تقلده بالمرسوم الملكي الاخير الامير عبد العزيز بن سلمان)، وسفير المملكة لدى واشنطن (الذي تقلده ايضا بالمرسوم الاخير الامير خالد بن سلمان)، إلى جانب تعيين حفيد الملك سلمان “أحمد بن فهد بن سلمان” نائبا للمنطقة الشرقية. وللملك سلمان 13 ابناً منهم اثنين متوفين (الامير فهد والامير احمد).
أبناء الملك سلمان الاخرين، يتقلد احدهم (الامير فيصل بن سلمان) إمارة المدينة المنورة، ويشغل آخر (الامير سلطان بن سلمان) منصب رئيس الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني في المملكة العربية السعودية.
ووفق معلومات “رأي اليوم” فإن التعيينات والقرارات الاخيرة ليست الا “دفعة” من التعيينات الموجودة على جدول الاعمال الملكي السعودي وان الايام القادمة ستشهد المزيد من التعيينات، كما المزيد من القرارات الاقتصادية.
مراقبون اعتبروا ان التعيينات الاخيرة ما هي الا مقدمة لإحكام ابناء الملك سلمان سيطرتهم على مؤسسات الدولة، مفسّرين ان التعيينات تذهب بكل الاحوال لتقليص صلاحيات ابناء الامير نايف بن عبد العزيز (الاخ غير الشقيق للملك سلمان وله 4 أبناء). ويرى هؤلاء ان استحداث مجلس للأمن الوطني مرتبط بالديوان الملكي، ما هو الا تقليص لصلاحيات ولي العهد السعودي ووزير الداخلية الامير محمد بن نايف لحساب ولي ولي العهد الامير محمد بن سلمان، كما ان تعيين الامير احمد بن فهد بن سلمان نائبا لامير المنطقة الشرقية (التي تعد مخزناً نفطيّا بالنسبة للمملكة)، ما هو الا بداية لتقليص صلاحيات الامير سعود بن نايف أمير المنطقة ثم الاطاحة به لاحقا.
كل التفاصيل المذكورة، يراها المقربون من مؤسسة العرش لا تزيد على كونها تحليلات صحفية، مشددين على كفاءة كل ممن تولّوا وسيتولون المناصب في المملكة السعودية، ويؤكدون ان الهدف لم يكن أبناء الملك سلمان، قدرما هو التجديد في الدماء التي تشغل المناصب وتعزيز مكانة الشباب من ابناء الاسرة الحاكمة.
أما الامير الشاب جدا- نسبة الى المعهود من عمر امراء السعودية ممن يتولون المناصب- خالد بن سلمان (29 عاما)، والذي تم تعيينه بصورة مفاجئة كسفير للمملكة في العاصمة الامريكية، فتؤكد مصادر “رأي اليوم” انه جرى اعداده للمهمة مسبقا- رغم كونه طيارا حربيا ميدانيا- وان اختياره تم بناء على علاقاته الجيدة في مسؤولين في الولايات المتحدة والتي نشأت أثناء دراسته فيها.
توقيت التعيينات بالنسبة للمقربين من الحكم لا يزيد على كونه دوريا مع قرب انتهاء الربع الاول من العام والذي من المفترض له ان يحمل المزيد من تقييمات الاداء البشري كما حمل تقييمات الاداء الاقتصادي التي اعلنها المختصون.
على الصعيد الداخلي الاقتصادي، تؤكد معلومات “رأي اليوم” أن القرار الاخير بإعادة البدلات والمزايا للعاملين في مؤسسات الدولة، جاءت كخطوة استباقية تماما لرفع الاسعار وزيادة الضرائب المزمع اكتمال تنفيذه في ديسمبر- كانون اول المقبل، الامر الذي سيطال مختلف السلع والخدمات وبصورة ملحوظة جدا.
الضريبة المضافة والتي قيمتها 5% ستكون على مختلف السلع بينما سترتفع المعاملات المتعلقة بالاستقدام والسفر، تزامنا مع البدء بالسعودة الكاملة في بعض الاماكن كالمولات. ما سبق يمكن له ان يفسر جزءا من اسباب “التراجع″ عن الغاء المزايا والبدلات، إلى جانب ضعف القوة الشرائية التي تحدثت عنها “رأي اليوم” في تقرير سابق، والتي قد يشكل بقاؤها على حالها عقبة امام النمو الاقتصادي مع اقتراب شهر رمضان.
على صعيد الازمة اليمنية، يلتقط المراقبون الاشارة المتعلقة بصرف رواتب شهرين للمقاتلين فيها على انها تحفيز وتشجيع للاستمرار في الحرب من جهة، ومن جهة ثانية هي مؤشر لغياب الحل السياسي تماما من الافق امام المملكة السعودية، ما يزيد من احتمالات الية الحسم التي من المتفق عليه ان تكون قبل نهاية العام الجاري وفق ما ابلغت به مصادر مطلعة “رأي اليوم” بمجريات الحديث بين الرئيس الامريكي دونالد ترامب وولي ولي العهد السعودي الامير محمد بن سلمان.
احتمالات العنف المضاعف في اليمن تزداد مع تغيير قائد القوات البرية السعودي وتعيين جنرال ميداني خبير من وزن فهد بن تركي، يتوقع ان يكون مسؤولا عن الحسم في صنعاء ويعزز الجنوب السعودي بكل الوسائل والطرق، قبل انتهاء المهلة المتفق عليها مع الامريكان.
بكل الاحوال، مصادر “رأي اليوم” تؤكد ان في جعبة الملك سلمان المزيد من المفاجآت التي من المفترض ان تظهر خلال الايام المقبلة، كما تشير كل التوقعات الى ان عصرا جديدا من شكل الحكم السعودي يبدأ، وهنا الحديث عن تقليص الاسرة الحاكمة وحصر اهميتها في ابناء الملك الحالي، ما – ان صحّ- قد يسبب تصدعات وحساسيات حقيقية في داخل الاسرة بدأ البعض يرصدها بينما ينفيها المقربون.
بقلم : فرح مرقه
ارسال التعليق