٥ سنوات على جريمة شهداء أبريل في السعودية
في الذكرى السنوية الخامسة لجريمة إعدام النظام السعودي 33 معتقلاً، يوم 23 أبريل 2019، من كفاءات البلاد ومن شباب الحراك السلمي في الأخساء والقطيف، بتهم زائفة انتزعت تحت التعذيب الشديد. أكد "لقاء" المعارضة في الجزيرة العربية أن النظام السعودي لا يزال يخفي أماكن جثامين أولئك الشهداء.
وفي بيان، طالب "لقاء" المعارضة بالكشف عن مصير شهداء 23 أبريل وبقية الشهداء الذين أعدموا بغير وجه حقّ. مشيراً إلى أن استمرار النظام السعودي في تعنته دليل على أن كل مزاعمه حول الإصلاح والتغيير والانفتاح هي بمنزلة الدعاية الفارغة التي لا تنطلي على ذوي الألباب.
عودة سريعة للإعدامات بعد العيد:
وفي سياق متصل، اعتبر المدير القانوني للمنظمة الأوروبية السعودية لحقوق الإنسان طه الحاجي أن ملف الحقوقي في "السعودية" ملف "أسود وطويل"، مؤكدا على أن كل الوعود التي أطلقتها السلطات السعودية على مدى السنوات الماضية، لم يتم التقيّد بها ولا تنفيذها. منوّها إلى أن عملية الإعدام في أبريل شملت أطياف مختلفة من المجتمع وبتهم مختلفة أقل ما يمكن وصفها بـ"التافهة" والتي لم تعدّ مستغربة، سيّما مع إصرار النظام على انتهاج سياسة تلفيق التهم. وذكر الحاجي أن بعض شهداء عملية الإعدام اتهموا بنشر المذهب الشيعي، أو اللقاء مع رجال دين في مكة، وآخرون اتهموا بتلقي إيميلات تحوي مشاهدا عن مظاهرة أمام وزارة التعليم في الرياض للمطالبة بالتوظيف.
وشدّد الحقوقي طه الحاجي على أن الشهداء واجهوا محاكمات غير عادلة، وانتزاع للاعترافات تحت وطأة التعذيب، وأن المدعي العام والنيابة العامة تكييف التهم وتضخيمها لإخراجها إلى العلن كأفعال خطيرة. ولفت إلى أن الخطر محدق اليوم بالمعتقلين السياسيين، سيما مع تنفيذ النظام السعودي ثلاثة عمليات إعدام عقب انتهاء شهر رمضان، ومصادقة محكمة الاستئناف والمحكمة العليا على الكثير من أحكام الإعدام.
وفي لقاء إعلامي له، تساءل الحاجي عن مصير جثامين المعتقلين، وعن احتمالات أن يقدم النظام على سرقة اعضائهم قبل دفنهم في أماكن مجهولة. وأشار إلى أن العديد من العوائل مازال لديها أمل ببقاء ذويها على قيد الحياة، رادا الأمر إلى امتناع النظام عن إخبار الأهالي بتنفيذ الحكم واعتماده الإعلان عبر وسائل الإعلام. ما دفع العديد من الأهالي، وفقا للحاجي، بالتشكيك والمرور بحالة من عدم اليقين وما خلّفها من اضطراب نفسي نتيجة عدم وجود أي دليل على تنفيذ حكم الإعدام.
وأوضح المحامي طه الحاجي، أن الحكم التعزيري الذي يصدر في أغلب قضايا معتقلي الرأي يدل على عدم وجود شخص أو طرف يطالب بالحق الخاص. لافتا إلى أن "هذا الأمر من أكثر العيوب والانتقادات التي توجه "للسعودية" باعتبار أن الأحكام التعزيرية تُبنى على تقدير القاضي، ما يعطي هامشا أوسع للمحاكم، سيّما محكمة الإرهاب المتخصصة بإصدار قرارات الإعدام السياسية وغير العادلة ولا المستقلة ".
وذكّر الباحث الحقوقي، بوعود محمد بن سلمان الكاذبة بضبط آلة القتل في "السعودية"، وحصرها بقضايا القصاص والحدود الشرعية، مستشهداً بوجود أكثر من 70 معتقلا مهددا بالإعدام، أغلبهم، بأحكام تعزيرية. وأشار الحاجي أنه منذ بداية العام الحالي، يغيب عن بيانات وزارة الداخلية تحديد طبيعة الحكم المنفذ بحق المعدومين ولا تفاصيل القضية.
كما أكد الحاجي على عدم شرعية الأحكام التعزيرية من جهة القوانين الدولية، لافتا إلى أن القضاء في الدول يستند على ما ينص عليه قانون العقوبات الخاص بكل دولة، إلّا في "السعودية"، حيث لا تُعرف التهمة ولا العقوبة المتوقعة، باعتبارها خاضعة لمزاج القاضي.
وبالنسبة إلى أحكام الإعدام الصادرة بحق القصر، لفت المحامي طه الحجي أـنه وفقا لنص القانون السعودي فإنه لا يجب فرض عقوبة تتجاوز الـ10 سنوات سجن على القاصر، وذلك في المادة 15 من قانون الأحداث الصادر في عام 2018. وأضاف "بالرغم من وجود هذا النص، لاتزال أحكام الإعدام بحق القصر تنفذ، منها 8 حالات تواجه خطر الإعدام في أي لحظة".
وختم الحاجي حديثه بالقول " قراءتنا للأحداث وتسلسلها يجعل من تقدير قرب ارتكاب النظام السعودي لمجزرة جديدة وقريبة، وهذا ما لا نتمناه".
الإعدام أداة سياسية:
من جهته، اعتبر الكاتب والمدافع عن حقوق الإنسان عادل السعيد أن النظام السعودي يستخدم الإعدام كأداة سياسية لقمع المعترضين وإرهاب المجتمع. مؤكدا أن النظام السعودي يستخدم هذه القوة بشكل موسع جدا، وقد يكون الأكثر تنفيذا للإعدام في العالم ".
وذكّر السعيد أن تنفيذ حكم الإعدام في "السعودية" يشمل المغردين، المتظاهرين، السياسيين، أصحاب الرأي المخالف للسلطة من رجال الدين مثل الشيخ حسن فرحان المالكي الذي يواجه حكم الإعدام منذ 7 سنوات ويتم تعطيل المحاكمة". وأعاد الباحث الحقوقي السبب في ذلك إلى أن النظام لا يرى بأن الظروف السياسية مهيأة لإصدار حكم الإعدام بحقه.
وأشار الباحث الحقوقي إلى وجود تساؤلات حقيقية حول الاجراءات التعسفية التي يتم اتخاذها بحق المعتقلين في السجون السعودية عموما، من ضمنهم المتهمين بارتكاب جرائم جسيمة من جرائم القتل وغيرها. ما يجعل، بحسب السعيد، التساؤل عن حقيقة ارتكاب هؤلاء للجرائم بالعودة إلى غياب الاجراءات العادلة التي تضمن العدالة في الحكم.
وأورد السعيد أن كل المعطيات التي وصلت إليه كباحث ومدافع حقوقي تؤكد عدم السماح للمعتقلين بالدفاع عن أنفسهم خلال المحاكمة بوجود المحامي، كل ما وصل لنا كناشطين وعاملين في المنظمات الحقوقية يؤكد تعرض المعتقلين إلى التعذيب الوحشي قبل إحالتهم إلى المحكمة، كما أنه لا يتم التحويل إلى المحكمة قبل مصادقة المعتقل على الأقوال التي انتزعت منه تحت وطأة التعذيب، وإذا لم تحدث المصادقة يتم إعادة المتهم إلى التعذيب للتصديق على أقواله، كالمعتقل مجتبى السويكس.
وأردف السعيد بالقول "السويكس أعدم قبل 5 سنوات، حيث قال أمام المحكمة بأنه أجبر على الاعترافات إلا أن قاضي التصديق هدده بأنه حال امتناعه عن التوقيع على تصديق أقواله سيتم إعادته إلى المباحث وبالتالي الخضوع للتعذيب".
وأضاف الكاتب الحقوقي " إن الذي حكم على 33 شخص بالإعدام يواجه اليوم تهما بالخيانة ومطالب بإعدامه."
وعلى صعيد متصل، تناول الباحث الحقوقي خلال مداخلته الإعلامية الأسباب التي قد تدفع النظام السعودي لتنفيذ إعدامات سريّة، وفقا لما نشرته عدد من المنظمات الحقوقية، منها الهروب من الأرقام المتصاعدة لعمليات الإعدام خلال السنوات الأخيرة. ولفت عادل السعيد إلى أن اهتمام "السعودية" بتقليص الرقم يقف وراءه إعلانها العمل على وقف عمليات الإعدام، سيما أنه منذ عامين تراجعت نسبة الإعدام بالتوازي مع ارتفاع منسوب الضغوط الدولية، إلّا أنها عادت لترتفع بعد أن شعر النظام بتراجع مستوى الضغوط .
أما بالنسبة للإعدامات المنفذة وغير المعلن عنها، فتوقع السعيد أنها تطال العمالة الأجنبية في "السعودية، باعتبارها لا تتعرض للضغوط الكبيرة، خصوصا الدول الآسيوية التي لا تهتم برعاياها. فتجد "السعودية" نفسها غير ملزمة بالكشف عن جميع عمليات الإعدام.
هذا وأكد عادل السعيد على دور المنظمات الحقوقية المحصور بتبيان ونشر التقارير التي تستعرض الحال الحقوقي، دون أن يكون لها قدرة على اتخاذ قرار عقابي بحق الأنظمة. وأضاف "على المجتمع وأصحاب الرأي المحاولة لإيجاد حلول غير تقليدية لأن الاستبداد لا يتوقف بالسكوت". مشيرا إلى أن السعودية في الملفات الأخرى تأخذ البلاد إلى كوارث على مستوى حرب اليمن والتطبيع مع إسرائيل وانعكاساته على المجتمع والمنطقة.
أداء النظام بعيد كل البعد عن تطبيق الشريعة:
بدوره اعتبر عضو الهيئة القيادية في "لقاء" المعارضة بالجزيرة العربية، الشيخ جاسم المحمد علي، أن سلوك النظام السعودي وأداؤه السياسي والاجتماعي يفصح عن تركيبة النظام القائمة على الظلم والاستعباد. وتابع "النظام السعودي منذ باكورة وجود وهو يتحرك على منطق العبودية بعيدا عن كونه مسؤولا من تثبيت العدالة والمساواة، فينظر لنفسه بأنه يملك الأرض ومن عليها.
وأكد الشيخ على عدم وجود حاجة للاستدلال على خروج النظام عن الشريعة الإسلامية، مستدلا بمستوى التعامل مع البنية البشرية والاجتماعية، التمييز الطائفي، طريقة التعامل مع ملف الحقوق والحريات والقضايا الدينية.
ولفت الشيخ المحمد علي إلى استهداف النظام السعودي التاريخي للمكون الشيعي في البلاد، من خلال حرمانه من أبسط الحقوق المتعلقة بإحياء المناسبات الدينية الخاصة، أو إقامة صلاة الجماعة في بعض المناطق.
ارسال التعليق