سقوط ترامب يعني نهاية محمد بن سلمان وضياع حلم المُلك.. "فايننشال تايمز": ابن زايد أمن نفسه بالتطبيع بينما “المنبوذ” ابن سلمان وضعه صعب
التغيير
سلطت صحيفة “فايننشال تايمز” في تقرير مطول لها الضوء على المرحلة القادمة في الخليج، والتي ستشهد تغيرات جذرية في حالة خسارة دونالد ترامب للانتخابات المقبلة خاصة في ظل موقف جو بايدن الصريح والمعادي لسياسات المملكة والإمارات.
ويقول التقرير الذي أعده أندرو إنغلاند وكاترينا مانسون، إن “القادة الأقوياء” في الشرق الأوسط يفكرون في مرحلة ما بعد ترامب، فالقادة الذين استثمروا كثيرا في الرئيس دونالد ترامب أصبحوا مجبرين على التفكير في إمكانية فوز المرشح الديمقراطي جوزيف بايدن.
مخاوف في الرياض من عودة عهد أوباما
ورحبت بترامب عند فوزه ودعمته الدول الحليفة تقليديا للولايات المتحدة في المنطقة وهي المملكة والإمارات وإسرائيل، وكانت كلها تتطلع بشدة لتغير في توجه السياسة الخارجية الأمريكية بعد سنوات من إدارة باراك أوباما التي وقعت اتفاقية نووية مع إيران في عام 2015.
وهناك إمكانية لفوز ترامب مرة ثانية في انتخابات نوفمبر، مع أن عدد من المحللين يستبعدون فوزه نظرا لتراجعه في استطلاعات الرأي خلف منافسه بايدن.
وهذا المنظور جعل قادة دول المنطقة، خاصة في الخليج يفكرون في إمكانية فوز بادين ودخوله البيت الأبيض بشكل يعيد تفكيك العلاقة التي أقامها ترامب ويضع خطوطا جديدة للعلاقات مع الخليج.
وبالنسبة محمد بن سلمان وولي عهد أبو ظبي محمد بن زايد اللذين استثمرا كثيرا في علاقتهما الشخصية مع ترامب، ففوز بايدن يعني مرحلة من عدم اليقين والعلاقات غير المريحة مع واشنطن. وتساءل البعض إن كان بايدن سيدير ظهره لهذه الدول بعد العلاقات القريبة مع ترامب ومعاقبتها.
وفي الرياض هناك مخاوف من عودة “عهد أوباما” وتسييس العلاقات مع المملكة. وقال مسؤول محلي: “هناك إمكانية حقيقية لرد قوي ضد المملكة، وموقف مضاد لترامب”. ولا تخشى هذه الدول من إمكانية عودة بايدن للاتفاقية النووية التي خرج منها ترامب في 2018، ولكن تفكيك العلاقة التي وثقها ترامب في رحلته إلى الرياض في حالة فوز الديمقراطيين بالكونغرس.
وقال مسؤول سابق في إدارة أوباما: “يحبذ بايدن إعادة النظر وتشكيل مدخل جديد قدر الإمكان نحو الخليج”. وبعد مرحلة من التصرف الحر في ظل إدارة ترامب، تخشى الدول العربية من مخاطر التدقيق الشديد على تصرفاتها في مجال حقوق الإنسان والتدخلات الخارجية التي تقوم بها وعدم الاستماع إلى مواقفها الصقورية من إيران.
“مبس” سيعاني أوضاعا صعبة للغاية
وقالت المديرة السابقة لمجلس الأمن القومي كريستين فونتينروز للصحيفة بحسب ترجمة “التغيير”: “سيجد كل بلد أقام قادته علاقات مع الإدارة الحالية أنفسهم خارج الإهتمام لو وصل بايدن إلى الحكم” و”أعتقد أن هذه ستكون مصر وتركيا وبالتأكيد المملكة والإمارات”.
وأضافت: “ستحاول إدارة برئاسة بايدن تحديد صفقات السلاح وسنرى زيارات رسمية قليلة”. وسيجد محمد بن سلمان المعروف بـ(م ب س) صعوبة في التقرب من بايدن كما يقول المحلل السابق في سي آي إيه، بروس ريدل: “ستتم معاملة م ب س كمنبوذ كما وصفه بايدن”، في إشارة لتصريحات المرشح الديمقراطي التي قال فيها إنه سيجعل آل سعود منبوذين كما هو حالهم”.
وكانت الرياض وأبو ظبي من أكبر المتحمسين لسياسة ترامب المضادة لإيران. وأقام القادة فيهما علاقات مع جارد كوشنر، صهر ومستشار ترامب ولكن القادة في الكونغرس وجهوا انتقادات لهما بسبب الحرب في اليمن وحصار قطر.
ونال محمد بن سلمان نقدا أشد بسبب جريمة قتل الصحافي جمال خاشقجي الذي قالت سي آي إيه وتحقيق أممي إن الجريمة لم تكن لتتم بدون موافقة منه نفسه.
ابن زايد أمن نفسه بالتطبيع
ومع ذلك هناك ثقة إماراتية للحفاظ على موقع أبو ظبي المؤثر في واشنطن حتى بعد خسارة ترامب نظرا لتعمق العلاقات الأمنية والعسكرية بين البلدين.
وقال المعلق الإماراتي عبد الخالق عبد الله: “سيكون بايدن سيئا للبعض ولكن ليس الإماراتيين”. و”أصبحت الإمارات أطوال بعشرة أقدام عما كانت عليه قبل توقيع الاتفاقية مع إسرائيل”.
وقال أنور قرقاش، وزير الدولة للشؤون الخارجية، إن الإتفاق مع إسرائيل يفتح “عصرا جديدا” في علاقات دول الخليج والولايات المتحدة. وأضاف: “ستتطور علاقاتنا الإستراتيجية مع الولايات المتحدة أكثر”. ولو كان الإماراتيون واثقين من التكيف مع مرحلة بايدن، إلا أن هناك قلقا في المملكة، فلم يدعم زعيم غربي مثلما دعم ترامب محمد بن سلمان في جريمة قتل خاشقجي.
وأخبر بوب وودورد مؤلف الكتاب الجديد عن رئاسته أنه “حمى مؤخرة” بن سلمان وأجبر الكونغرس “على تركه لحاله”. وقال المسؤول المحلي: “لأن علاقتنا كانت جيدة مع ترامب في مجال سياسات الشرق الأوسط -رغم وجود خلافات- فنحن قلقون خاصة بعد حالة الإستقطاب في السياسة الأمريكية، وأصبحنا الكرة التي يلعب فيها الطرفان”.
سياسات بايدن في حالة نجاحه كارثة للمملكة والإمارات
وكان بايدن واضحا أنه لن ينقل السفارة من القدس، ولكن نتنياهو سيكون شخص أخر هدف للعلاقات الباردة مع الرئيس الديمقراطي نظرا لمواقفه من أوباما التي خربت علاقاته مع الديمقراطيين.
وقال ناتان ساكس من معهد بروكينغز: “هناك ضرر دائم وطويل في دعم الديمقراطيين لإسرائيل ولن تستطيع حل هذا سريعا وقد يكون نتنياهو لطيفا مع بايدن، لكنه بالنسبة للكثير من الديمقراطيين يدعم عدوهم” و”السؤال المهم عن مدى تأثر إسرائيل بالموقف حتى بعد رحيل نتنياهو وما يعنيه للسياسة الأمريكية، ذلك أن إسرائيل تحظى بشعبية في أمريكا”.
ويحذر المستشارون لبايدن أنه سيكون بطيئا في التحرك على ملف الشرق الأوسط. وقالوا إن المنطقة ستكون منطقة ذات أهمية قليلة للإدارة مقارنة مع تركيزه على فيروس كورونا وآسيا وأوروبا والأمريكيتين.
وعارض بايدن التدخل في ليبيا عام 2011 وزيادة عدد القوات في أفغانستان ولكنه فشل في إقناع الرئيس أوباما، ومع ذلك يقول مستشارو بايدن إن ما ستقدمه إدارة ديمقراطية محتملة هي سياسة متناسقة تختلف عن تقلب إدارة أخرى لترامب.
وأضاف كاهل أن “كلا من المملكة والإمارات براغماتية بدرجة تستطيع فهم ضرورة تحويل سياساتها” و”لو أرادتا التعاون معنا فعليهما عمل هذا ولكن بناء على الشروط المقبولة لدينا” و”لم يحصل هذا فهناك مخاطر خسارتهما دعم الحزبين”.
وفي الوقت الذي رحبت دول الخليج بموقف ترامب من إيران إلا أنها شعرت بالقلق من عدم تحركه لضرب إيران عندما أسقطت طائرة أمريكية مسيرة وهاجمت المنشآت في المملكة ، كما عبرت عن قلقها لمنحه الضوء الأخضر لتركيا كي تجتاح شمال- شرق سوريا. كما أن علاقات دول الخليج المتزايدة مع الصين يعني أنها في وسط التوتر بين ترامب وبيجين.
ارسال التعليق