ازدواجية الإعلام الخليجي في التعامل مع القضايا الإنسانية.. المغرب واليمن
ضجت المواقع الاخبارية والقنوات التلفزونية بالتفاعل مع الطفل المغربي ريان الذي علق داخل بئر بعمق 32 متراً، في القرية الزراعية “إغران” التابعة لمنطقة تمروت بإقليم شفشاون، شمالي المغرب. وانصب اهتمام الملايين حول العالم، منذ يوم الثلاثاء، على متابعة عمليات الإنقاذ بينما استمرت محاولات الحفر حتى نجحوا بانتشاله مساء السبت ولكن الموسف أنه تم إعلان وفاته بعد ذلك بوقت قصير.
كان التعاطف العربي والعالمي مع الطفل المغربي ريان كبيراً جداً عاكساً الفطرة السليمة توجب على الانسان التعاطف والتاثر وهي حالة أخلاقية راقية فـ "الأطفال أحباب الله" و حياة أي طفل في العالم تستحق أن يبذل الغالي والنفيس لإنقاذها من الموت، وإننا نشهد اليوم الكثير وربما الالاف من الأطفال في اليمن عالقون بشكل أو بآخر في مآسي لا تختلف كثيراً عن قصة الطفل ريان بل اكثر مأساوية منها، الان يطرح سؤال على العالم بأسرِه هل سمعتم بأطفال اليمن؟
كان من بين وسائل الإعلام التي تفاعلت بشدة مع الحدث وسائل الإعلام السعودية وهنا يتساءل المرء هل رأت وسائل الأعلام السعودية مآساي أطفال اليمن ولماذا لا تذكرها أصلاً ولم تتفاعل معها بقليل مما تفاعلت مع قضية الطفل ريان.
هذه الازدواجية التي يتعامل بها الإعلام السعودي في تناول الأحداث تبين أن قنوات النظام السعودي الإعلامية توظف القضايا الإنسانية لاهدافها السياسية، ففي نفس الوقت الذي يعيش فيه ملايين الأطفال اليمنيين أوضاعاً مأساويةً نتيجة لغارات التحالف السعودي على اليمن، استغلت السعودية هذا الحدث لتلميع صورتها امام العالم من خلال قنواتها الإعلامية و عبر سفارتها بالمغرب حيث قدمت تعازيها لذوي الطفل المغربي ريان، فهل يا تُرى تستطيع السعودية بهذه الأعمال التغطية على جرائمها ضد الإنسانية بقصفها المدنيين اليمنيين والتي ذهب ضحيتها الكثير من الأطفال. حتي صارت جرائمها معروفة لدى كل الشعوب العربية والاسلامية و الغربية. وماهو الفرق بين الطفل المغربي ريان الذي قضى في البئر وبين أطفال اليمن الذين قضوا تحت ركام بيوتهم التي تدمرت بصواريخ الطائرات السعودية، وآخرون تطايرت اشلائهم مع دمى كانوا يحتضنونها عندما قُصفوا، وأطفال فارقوا الحياة بعد أن عجزوا عن الحصول على حقهم في الدواء والغذاء، فأين هو الإعلام السعودي من ذلك واين هي انسانية النظام السعودي من هذه الفجائع.
كل ما يقوم به النظام السعودي وتحالف العدوان في اليمن، قد فضح وكشف حقيقة واحدة هي “أن الدول الخليجية التي تدعي الإنسانية في بلد ما هي نفسها التي تقوم بجميع الإنتهاكات بحق الطفولة في اليمن، فمن الملاحظ أن بعض الفضائيات التي كانت تبثُ من المغرب مباشر لمدة خمسة أيام، هي ذاتها التي تُحَرضُ على قتل أطفال اليمن ليلَ نهار! بل أن الإعلام المدعوم من السعودية برّر جرائم التحالف السعودي في قتل أطفال اليمن خلال السنوات الماضية.
يبدو أن وسائل الإعلام السعودية و العالمية التي غطت تطورات قضية الطفل المغربي ريان على مدار خمس أيام، كانت ومازالت عاجزة عن تشغيل عدسات كاميراتها في اليمن ونقل الجرائم السعودية التي لا حصر لها والمتواصلة بحق الشعب اليمني، و إن قصة الطفل المغربي ريان تمثلها ملايين قصص الاطفال اليمنيين التي دماؤهم تسال على مدار الـ24 ساعة بآلة الموت الغربية التي تقدم لنظام آل سعود المجرم ، فالطائرات السعودية تلقى القنابل على المدارس والمستشفيات وصالات الأفراح والأتراح في اليمن، والتي لم يتمكن أحد حتى اليوم من اقناع السعودية والإمارات أنها ارتكبت جرائم حرب في اليمن.
ويشهد اليمن منذ 2015 حرباً مدمرة تتواضع أمامها جرائم الحرب بين التحالف السعودي ـ الإماراتي والميليشيات التابعة له من جهة، والحوثيين الشيعة من جهة ثانية بذريعة اعادة عبد زربه منصور هادي الى سدة الحكم، حيث تسببت هذه الحرب بمقتل وإصابة عشرات الآلاف، بينهم عدد كبير من النساء والأطفال بحسب احصائيات منظمات دولية إنسانية، ناهيك عن المجاعة، والأمراض المزمنة، التي خلفها الحصار، الذي فرضه التحالف على الشعب اليمن الفقير، وأن هذه الحرب قد كشفت الوجه القبيح للسعودية، وخرجت حقدها الدفين على الشعب اليمني، التي اختزلته على مدى العقود الماضية.
ارسال التعليق