فشل المناورات الدبلوماسية السعودية في الشرق الأوسط
توقفت المحافل الدبلوماسية الإسرائيلية مطوّلا عند التقارب الجاري بين السعودية وسوريا، بعد ثماني سنوات فقط من وقوف المملكة خلف المعارضة المسلحة ضد نظام الأسد، إذ يبدو أن الرياض لم تعد ملتزمة بالتحالفات القديمة.
أمير بار شالوم الخبير العسكري لموقع زمن إسرائيل، أكد أنه "لفهم المدى الذي ذهبت إليه السعودية لتحسين العلاقات مع سوريا، يعود الإسرائيليون بالزمن ثماني سنوات إلى 2015، حين دعمت المملكة زهران علوش، الداعية السلفي والمحارب الاستراتيجي، وأنشأ "جيش الإسلام"، وأصبح نجلًا للسعودية التي علقت آمالها على الزعيم السني الصاعد بوصفه قائدا مستقبلياً لسوريا بعد القبضة الحديدية للعلويين، لكن الرياض اليوم تستجيب لتغيرات المنطقة، وتدرك أنه بهذه المرحلة لا يمكنها انتظار كتف أمريكي دافئ".
وأضاف في مقال ترجمته "عربي21" أن "وصول وزير الخارجية السعودي فيصل الفرحان إلى دمشق يتزامن مع محاولة إعادة سوريا للجامعة العربية على صعيد المصالحة السعودية مع الأسد، باعتباره وقت جني الثمار من وجهة نظرها".
ورأى أن "السعودية ترى سوريا ميدانا مريحا للعمل مع فرص لخلق أدوات نفوذ، لاسيما الاقتصادية، حيث يقوم محمد بن سلمان بحسابات تتعلق به، بزعم أن تقاربه مع سوريا سيقضم أجزاء من النفوذ الإيراني والروسي فيها، ولديه ما يقدمه من المال، وشركات البناء والطاقة".
وقال الخبير بشؤون دول الخليج بجامعة بن غوريون، ميشال يعاري، إن "التقارب السعودي السوري يؤكد أن التحالفات في الشرق الأوسط حلّت محل المصالح الضيقة للدول، والمملكة تعتبر التقارب مع سوريا مصلحة سياسية واقتصادية تخدم هدف تخفيف التوترات الإقليمية، بما يتناسب مع دفء العلاقات مع إسرائيل في السنوات الأخيرة، مع بقاء عين واحدة في حالة تأهب دائمًا على السلاح النووي الإيراني".
ولفت إلى أن "الولايات المتحدة تراقب هذا التطور من المدرجات، ولذلك وصل السيناتور الجمهوري ليندسي غراهام إلى إسرائيل، تعبيرا عن قلق شرائح من اليمين الأمريكي من أن واشنطن تفقد قبضتها على الشرق الأوسط، لكنه إدراك بعد فوات الأوان أن تقارب إيران والسعودية تحت رعاية الصين لعبة محصلتها صفر، وتعني أن مكاسب الصين هي خسارة الولايات المتحدة".
من جانبه، أشار المستشرق اليهودي يارون فريدمان إلى أن "السعودية الجديدة تتصالح مع الجميع، بعد قطر وتركيا يأتي دور إيران وسوريا، أما إسرائيل فتبدو في الخارج، ما يطرح تساؤلات حول مدى نجاح فرص هذه السياسة، ويشكل مصالحة تاريخية بين المحاور الرئيسية الثلاثة: الاعتدال الوسطي بقيادة السعودية والإمارات ومصر، والمحافظ الأصولي وهما تركيا وقطر والإخوان المسلمين، والطائفي الشيعي بقيادة إيران وحزب الله في لبنان والحوثيين في اليمن".
وأوضح في مقال نشره موقع زمن إسرائيل، وترجمته "عربي21" أن "المصالحات التاريخية تتماشى مع رؤية السعودية 2030، لكن هشاشة اتفاقات المصالحة الجارية تجعل الصورة أقلّ وردية بكثير، لأن فرص نجاح المصالحة السعودية مع إيران منخفضة للغاية، واستقلال القرار السوري خيال سعودي.
وأكد أن "خيبة الأمل في الرياض ستكون مريرة، وخروج سوريا من الحرب الأهلية ضعيفة للغاية، لأن النظام أقلّوي من الطائفة العلوية، وفقد كل شرعيته للحكم، ويعتمد استقراره الآن بشكل كامل على المليشيات الإيرانية".
وربط خيبة أمل السعودية بانتهاء المصالحات الإقليمية بشكل سيئ.
وأضاف: "أما عن إسرائيل، فتظل المملكة ملتزمة بمبادرة السلام 2002، لكن مع وجود الحكومة اليمينية في تل أبيب، فإنها توحّد الخصوم في الشرق الأوسط، صحيح أن السعودية تقترب أكثر من إيران دون الابتعاد عن إسرائيل، وتستمر في السماح لرحلات شركة إل عال للبحرين والإمارات عبر أراضيها في هذه المرحلة، ولذلك فإنه بقدر ما كانت التوقعات السعودية من هذه المصالحات كبيرة، فإن خيبة الأمل ستكون كبيرة هي الأخرى".
تنطلق هذه القراءات الإسرائيلية المتباينة للسياسة السعودية الجارية من اعتبار أن الروس لديهم موانئ بحرية في طرطوس، ومطارات جوية في قاعدة حميميم، دون قوات برية هناك، مع العلم أن إخلاء المليشيات الإيرانية ومستشاريها سيقوّض نظام الأسد، ويؤدي إلى تجدد تمرد المعارضة السنية، وربما العودة للحرب الأهلية، وعلى عكس الآمال السعودية، فلا ينوي الإيرانيون التخلي عن مشروع زيادة نفوذهم في العالم العربي، وتسليح المليشيات في العراق وسوريا، وبالتأكيد في لبنان واليمن.
ارسال التعليق