أحلام الامارات وأوهام السعودية يدفع ثمنهن السودان
قال الأكاديمي السوداني البارز الدكتور تاج السر عثمان، إن الإمارات في السنوات الأخيرة باتت الشرطي المفضل لذوي الأجندة المشبوهة في المنطقة. وذلك في تعليقه على دور مشبوه للإمارات في أحداث السودان الأخيرة ذكرته عدة تقارير منها تقارير لصحف غربية كبيرة.
لكن البعد الآخر لتدخل الإمارات في الشأن السوداني، لا يعني -بحسب تاج السر عثمان– أنها فقط دولة وظيفية؛ “بل توافقت الأجندة مع الطريق القذر لتحقيق مصالحها الاقتصادية ولو على حساب إثارة الصراعات وزعزعة استقرار الدول لأجل مطامعها غير الشريفة”، حسب وصفه.
وفي سلسلة تغريدات له عبر حسابه الرسمي بتويتر، تساءل الأكاديمي السوداني عن البعد الاقتصادي لدعم الإمارات لميليشيات التمرد في السودان؟ ولماذا تلهث للبحث عن موطئ قدم في شرق أفريقيا والقرن الإفريقي؟
وفي ردّه على هذه التساؤلات، قال “عثمان”، إن الإمارات تعتقد أن مستقبلها الاقتصادي محفوف بالمخاطر، وحيث إن دول الخليج تتبنى إستراتيجية ما بعد النفط فقد اختارت السعودية مثلاً جذب الشركات والتصنيع والتكنولوجيا والسياحة، واتجهت قطر للاستثمار في العقارات والإعلام والرياضة والسندات والطيران وغيرها بينما الإمارات في النقل والتجارة.
غير أنّ الإمارات لا تأمن كثيراً بقاء امتياز النقل الذي استحوذت عليه وهناك دول إن استقرت ستفعل موانئها، بالإضافة إلى وجود “عملاق سعودي نائم بدأ بالاستيقاظ والتهديد الفعلي لمصالح الامارات. وقد بدت آثاره جلياً حينما فرض السوق السعودي على الشركات الكبرى نقل مقراتها إلى المملكة، يقول الأكاديمي السوداني.
وتابع أن الإمارات استبقت هذا الجو المحموم بالمنافسة بالسعي للاستيلاء على موانئ عدن والصومال وجيبوتي، لفرض سطوة أحادية على الممرات الملاحية المكتظة بالسفن المتجهة إلى البحر الأحمر.
موضحا أنها لم تقدّم شيئًا يذكر لهذه الدول، فهدفها غير النبيل كان تعطيل الموانئ المذكورة لتفعيل موانئ دبي.
واستطرد الدكتور تاج السر عثمان: “أدرك الصومال بدعم من حلفائه الأتراك خطورة تعطيل الإمارات لقدراته عندما قامت الإمارات بدعم تقسيم الصومال والاستيلاء على ميناء بربرة. تماما كما فعلت في اليمن بدعم مرتزقة الانفصال وتعطيل عدن غير أن الصومال قرر طرد التواجد الإماراتي فيما بقي ميناء عدن معطلا عن دوره الحقيقي”.
وفي الجانب الآخر، قررت جيبوتي تأميم “ميناء دوراليه” الذي كانت تمتلك فيه الامتياز شركة موانئ دبي العالمية، بعد تكشف الأهداف غير النبيلة للإمارات في تعطيل مصالح جيبوتي.
وبهذا تكون الإمارات قد تعرضت لعدة ضربات اقتصادية أفسدت عليها حلمها الكبير في النفوذ على ممرات البحر الأحمر، بحسب تحليل الأكاديمي السوداني.
وعن سبب وقوع اختيار الإمارات على منطقة “القرن الإفريقي” تحديداً، قال “عثمان” إنه بعد فشل مشروع الإمارات في أن تكون مركز العالم الاقتصادي والتكنولوجي لسببين طبيعيين هما الطقس غير الملائم، إضافة إلى أن موقعها يعدّ هدراً للوقود، فهي دولة محبوسة داخل خليج ولا يوجد معنى لإدخال البضائع العالمية الى داخل الخليج ثم إخراجها مرة أخرى للعالم.
وتابع: “وهناك 4 مشاريع وجهت ضربات موجعة لطموح الإمارات وهي تجهيز سنغافورة لتكون مركز الاقتصاد والأعمال، وتجهيز كيجالي في رواندا أو إثيوبيا لتكون مركزاً للتكنولوجيا، وإعادة إحياء مشروع الحرير وربط أوروبا مع الصين وميناء جوادر باكستان وهو مشروع صيني يهدد ميناء جبل علي بالزوال”.
وأضاف موضحاً: “لذلك تبحث الامارات بجنون وهيستيريا عن مستقبلها الذي بات مهدّداً بمنافسين أقوياء من يمينها وعن شمالها فتسعى بكل ما أوتيت من قوة إلى صناعة مرتزقة وميليشيات تابعين لها على الممرات الدولية، لتهديد المنافسين وخلق بؤرة صراع مؤثرة عليهم بينما تبقي بيدها مفاتيح التحكم لخدمة اقتصادها”.
وأكمل الدكتور تاج السر في تحليله: “وغير بعيد عن حرب الموانئ تنشط الإمارات في تهريب الذهب من السودان والتنسيق مع حميدتي لاستخراجه وبيعه بعيدا عن الرقابة الحكومية السودانية”.
وتابع: “وسبق أن أدان تحقيق دولي دولة الإمارات بالتورط بتهريب الذهب السوداني لتمويل النزاعات بين الدول خدمة لأطماعها في كسب النفوذ والتوسع”.
وهناك أيضاً مشروع القطار والطريق الدولي الرابط بين شرق أفريقيا (ثلاث مناطق محتملة كينيا، جيبوتي والسودان) مع غرب أفريقيا (في السنغال) والسودان، هو الأقرب للتطبيق في شرق أفريقيا بسبب الكنتور وتسطح الأراضي وهو ما تفتقده كينيا وجيبوتي اللتان تحتاجان أن تقطعا الهضبة الإثيوبية.
وأوضح “عثمان” في تغريداته التحليلية، أن كل هذا وغيره يكشف جانباً من التدخل الإماراتي في السودان، بدعم “الجنجويد” لأسباب اقتصادية. وأضاف أنه “يتم استخدام حميدتي كورقة سياسية وإثنية لإعداد الملعب للاقتصاد الذي تعتقد الإمارات أنها ستكون فيه اللاعب الأوحد الذي يتحكم بالممرات ويريحها من المنافس السعودي ويعيق مصر لصالح إثيوبيا”.
ويشار إلى أن الصراع العسكري في السودان بين حميدتي والبرهان، هو نتيجة للخلافات السياسية والمصالح المتضاربة بين قائدين عسكريين يتنافسان على السلطة والنفوذ في البلاد.
يقود حميدتي قوات الدعم السريع، وهي قوة شبه عسكرية تضمّ عناصر من “ميليشيا الجنجويد” التي ارتكبت جرائم حرب في دارفور، ويقود البرهان الجيش النظامي، وهو المؤسسة العسكرية التقليدية في السودان.
اندلعت المواجهات بينهما في 15 أبريل/نيسان 2023، بعد فشل المفاوضات حول تنفيذ اتفاق إطاري للانتقال إلى حكم مدني تمّ توقيعه في ديسمبر/كانون الأول 2021.
وكان من أهم نقاط الخلاف بينهما مصير قوات الدعم السريع وإمكانية ضمّها إلى الجيش أو حلّها.
لاحقاً، تحوّل الصراع إلى شبه حرب أهلية شملت عدة مناطق في السودان، خاصة دارفور، حيث تجددت المعارك بين متمردين محليين وقوات حميدتي.
وأدى ذلك إلى مقتل المئات من المدنيين والجنود، ونزوح عشرات الآلاف من منازلهم. كما أثار ذلك مخاوف من عودة الحرب الأهلية التي اندلعت في دارفور عام 2003، وأودت بحياة نحو 300 ألف شخص.
يواجه حميدتي والبرهان ضغوطاً دولية وإقليمية لوقف إطلاق النار والعودة إلى طاولة المفاوضات، لكن لا يبدو أنّ أيّاً منهما مستعدّ للتنازل عن مطالبه أو مصالحه.
وفي ظل استمرار الصراع، تزداد معاناة الشعب السوداني، الذي خرج في احتجاجات سلمية عام 2019 لإسقاط نظام عمر البشير، والذي يطالب بإقامة دولة ديمقراطية تحترم حقوقه وكرامته.
ارسال التعليق