نكث العهود سمة #آل_سعود متأصلة: المهددون بالإعدام قضية كل شريف
بقلم: ناصر الجشي...
يعيش نحو مئة معارض سياسي وصاحب رأي في تهديد متواصل وجدي على حياتهم، إذ إنهم مهددون بالإعدام على يد سياف النظام السعودي، الذي يدّعي أنه يسعى لإصلاح نظامه القضائي المعروف بصرامته. يضاف ذلك إلى سلسلة من عمليات الإعدام والمعاملة المتشددة مع المعارضين تطغى بدورها على ادعاءات النظام، ما يثير تساؤلات عن مدى عمق التغيير المنشود، خصوصا وأن الرياض باتت تتصدر المحافل الدولية بعدد الاعدامات التعسفية على أراضيها.
ومن المعروف أن التفسير الوهابي للشريعة الإسلامية يشكل أساس النظام القضائي السعودي، لكنّ النظام أقدم في الأشهر الأخيرة على "إصلاحات" مدّعاة.
ويصدر النظام السعودي أحكام الإعدام وفقا للفئات الثلاث: القصاص والحد والتعزير.
القصاص: تشمل عقوبة القصاص جرائم الأذى الجسدي والتسبب في الوفاة، بما في ذلك القتل العمد والقتل الخطأ. في حالة الحكم على مدعى عليه بحكم قصاص، يمكن لعائلة الضحية طلب القتل أو قبول التعويض المادي الذي يعرف بالدية، أو يمكن أن يتنازلوا عن حقهم لوجه الله.
الحدود: عقوبة ثابتة منصوص عليها في القران الكريم، وينظر إليها على أنها حق الله، وهناك متطلبات قانونية وإجرائية وثبوتية محددة ودقيقة يجب الالتزام بها حتى يصدر القاضي حكمه.
التعزير: وينطبق على الافعال التي ليس لها عقوبة محددة في الشريعة وتكون للجرائم التي تعتبر دعاوى تعدي على الدولة أو المجتمع، وهي تقديرية أي أنها إما مشرعة من قبل الدولة أو يحددها القاضي لأن الشريعة لم تحدد لها عقوبة، كما تطبق في حال عدم استيفاء المتطلبات القانونية والإجرائية والثبوتية لإصدار عقوبة إلزامية، أي الحد أو القصاص.
لا عهد ولا ميثاق:
وأعلن وليّ العهد السعودي، القائد الفعلي لبلاده، محمد بن سلمان، هذه الإصلاحات العام الماضي، ومن بينها إصدار أول قانون عقوبات مكتوب، وتدرج في إطار أهداف النظام للانفتاح وتغيير صورته المتشددة في العالم. لكن هذه القرارات ترافقت مع أخرى ذكّرت بما أعطى النظام السعودي سمعته القاسية أساساً، وبين هذه الأخيرة تنفيذ أحكام إعدام بالمزيد من أصحاب الرأي دون أدني وجه حقّ.
يأتي ذلك رغم انه منذ أبريل 2020يدعي النظام السعودي انه أوقف أحكام القتل تعزيرا لمن لم يتموا 18 عاما وقت ارتكابهم الجريمة. فبغية الإفلات من المساءلة الدولية، ونظرا لحجم الانتهاكات الواقعة خاصة على الأطفال او من حكم عليهم بالإعدام في جرائم مزعومة نسبت إليهم لأسباب سياسية تبتعد عن كل معايير العدالة الدولية والمحلية، وهم لم تصل أعمارهم الى 18 عاما، أعلنت "هيئة حقوق الإنسان" التابعة للنظام السعودي في 26 أبريل 2020، أنه بموجب أمر ملكي سيتم إيقاف تنفيذ كافة أحكام الإعدام "تعزيراً" بحق الأشخاص الذين لم يتموا 18 عاماً، وتعديل كافة الأحكام بما يتوافق مع "نظام الأحداث"، على أن تكون أقصى عقوبة السجن لمدة لا تزيد على 10 سنوات.
بالشكل، اعتبر القرار السعودي خطوة إيجابية لمراجعة الاحكام القاسية خاصة تلك الصادرة في حق الأطفال المعتقلين بسبب مشاركاتهم في الاحتجاجات الشعبية السلمية في القطيف، في المنطقة الشرقية، في 2011. لكن بالمضمون، لم تكن هذه القرارات سوى تغطية على جرائم أكبر ارتكبها ولا يزال النظام السعودي في حق كل مخالف في الرأي في البلاد.
جرائم الإعدام:
بما أن المنظومة القضائية السعودية ذائعة السيط كأحد أسوأ مرتكبي جرائم الإعدام في العالم، فإن قانون مكافحة الإرهاب وتمويله الصادر في 2017 ، يساهم أيضا في زيادة سمعة النظام السعودي السيئة بسبب الإفراط في استخدام عقوبة الإعدام، وخاصة فيما يتعلق بأحكام عقوبة الإعدام في المادتين 40 و41، حيث تنص المادتين على أنه إذا قام فرد بعمل إرهابي يؤدي إلى وفاة أحد، فإن الفرد سيواجه عقوبة الإعدام. مع الملاحظة أن هذه المواد لا تحدد نوعية حكم الإعدام المقصودة هنا، إن كانت حدا او قصاصا او تعزيرا بل هي متروكة كإجراء للسلطة التقديرية للمحكمة، وهنا يكمن الخلل.
تبدو المرجعية القانونية المعتمدة من قبل القضاء السعودي وعلى رأسها قانون مكافحة الإرهاب، مليئة بالعيوب، وغير صالحة للتنفيذ القانوني، فقد يدّعي هذا القانون الحماية، ولكن الواضح انه يُستخدم اليوم أسوأ استخدام كوسيلة لقمع المعارضين بكل الوسائل، من خلال التوظيف السياسي للأحكام، خاصة عقوبة الإعدام (تعزيرا) على المعارضين السياسيين، وغياب شروط المحاكمة العادلة، والصمت الإقليمي والدولي على هذه الانتهاكات المستمرة في حقهم.
نظام العدالة لدى النظام السعودي ينطوي على شوائب عدة، تجعل من أي حكم إعدام قتل تعسفي، بغض النظر عن نوع الجريمة. أولا، تنعدم الشفافية في التعامل الرسمي مع القضايا وهو ما لا يسمح بمتابعة حقيقية ودقيقة للعدالة في مراحل المحاكمة. على الرغم من ذلك، فإن القضايا التي تم توثيقها تؤكد تعرض المعتقلين لانتهاكات عديدة، بينها التعذيب وسوء المعاملة في مراحل مختلفة، إلى جانب الحرمان من الحق في الدفاع الكافي عن النفس، يضاف ذلك إلى تحيز القضاء التام مع النيابة العامة وتجاهل الدفوع القانونية.تسليط الضوء على جرائم النظام السعودي في المؤتمرات والمحافل الدولية، هو أحد أبرز الأساليب التي يجب اعتماد ها لإيصال صوت هؤلاء ومحاولة حمايتهم.
اليوم، يواجه نحو مئة معتقلا في سجون النظام السعودي خطر الإعدام في أي لحظة. ولا يأتي تأجيل تنفيذ الإعدامات انتظارا لإنتهاء التحقيقات، فالمحاكمات -ان أُجريَت- صوريّة. ولا استعدادا لتبليغ ذويهم الذين يتلقّون النّبأ من على شاشات التلفزة صدفة. ولا استغلالاً للحظة إقليمية-دولية مناسبة، في ظل عدم احترام المملكة للاتفاقيات الموقعة مع دول المنطقة. بل ان تأجيل تنفيذ الحكم ثم الاقدام عليه فجأة، نابع من نوايا البلاط، جعل الجريمة أشد وطأة على النفوس، تماشياً مع نهج الترهيب، الضامن الوحيد لاستقرار المملكة داخلياً.
رغم ذلك، فإن من بين المعتقلين المنتظرين لصدور حكم الإعدام بحقهم، ما لا يقل عن 9 قاصرين، فيما تقول منظّمات حقوقية إن العدد الحقيقي يتجاوز ما هو معلَن بكثير. وبحسب الإحصاءات، فإن العدد الإجمالي يبلغ 93 معتقلا، من بينهم 85 معتقلاً من أبناء القطيف والأحساء، و4 من أبناء الحويطات.
لا تستثني عقوبة الإعدام في السعودية أحداً. اذ انها تطال النساء والأطفال القصّر والشباب والشابات، إضافة للمواطنين والمغتربين وأبناء الجاليات الأخرى. نذكر هنا، القاصر عبد الله الحويطي، الذي كان يبلغ من العمر 14 عاما عندما ألقي القبض عليه وعذب وأجبر على الاعتراف بجريمة لم يكن بإمكانه ارتكابها. كان لا يزال قاصرا عندما حكم عليه بالإعدام.
وقد أعدم ما لا يقل عن 15 طفلا متهماً، منذ عام 2013، بزعم ارتكابهم جرائم مختلفة غالباً يكونون غير قادرين على القيام بها، على الرغم من إعلان الرياض أنها ستلغي عقوبة الإعدام لأولئك الذين ارتكبوا جرائم عندما كانوا قاصرين.
ارسال التعليق