السعودية تقود حملة في الولايات المتحدة لتبييض صورتها القاتمة
نشرت صحيفة “الغارديان” مقالاً لكريم زيدان تحت عنوان “تبييض الرياضة: كيف تقوم السعودية بالضغط على المؤسسات الرياضية الأمريكية الكبرى”، أكد فيه أن الاهتمام السعودي النسبي والمفاجئ يمكن أن ينظر إليه على أنه تكتيك من القوة الناعمة لحرف النظر عن انتهاكات الحكومة السعودية المستمرّة في مجال حقوق الإنسان.
وجاء في المقال: “نشرت في الشهر الماضي معلومات عن سجلات اللوبي الأجنبي للسعودية في الولايات المتحدة لعام 2018، وصارت متاحة على الإنترنت.
وتقدم الوثائق ضوءاً على واحد من الجهود السعودية القوية في مجال إستراتيجية التبييض الرياضي، التي تضم مقابلات مع مفوضي كبرى فرق كرة القدم، واتحاد كرة السلة الوطنية (أن بي إي)، وكبرى فرق البيسبول (أم أل بي)، بالإضافة لمسؤولين من الترفيه العالمي للمصارعة “دبليو دبليو إي”، و”لجنة لوس أنجليس الأوليمبية”.
وأضاف أن الاهتمام الإستراتيجي السعودي في مناسبات الرياضة والترفيه يعود إلى نوفمبر 2016، عندما أمر محمد بن سلمان الهيئة العامة للرياضة في المملكة، وهي المؤسسة الرسمية المسؤولة عن تطوير الرياضة في المملكة وإنشاء صندوق لتطوير الرياضة وتقوية المناسبات الرياضية في البلد.
وكان الهدف من إنشاء الصندوق هو خصخصة الفرق الرياضية وزيادة المشاركات الرياضية والترويج للمناسبات الجديدة وإضافة 40.000 وظيفة لسوق العمل، كما تقتضي رؤية 2030، وهي الخطة التي تهدف لتحضير السعودية لعصر ما بعد النفط.
وفي ضوء المعارضة التاريخية للرياضة والترفيه القادم من الغرب، فالتطوّر يعدّ تحولاً في المملكة المحافظة، وتحرراً من الفضاء الاجتماعي المقيد الذي فرض على السكان. ومنذ قرار بن سلمان، استضافت المملكة “سباق العمالقة”، ووقعت عقداً مع العالمية لمباريات المصارعة الذي ضم عدداً من المناسبات في العام، بالإضافة لتنظيم مباريات ملاكمة شارك فيها وباهتمام إعلامي الملاكم عامر خان، وكذا مباريات الغولف الأوروبية، بل وحصلت السعودية على حقوق استضافة النزال بين الملاكم البريطاني أنتوني جوشوا والأمريكي- المكيسكي أندي رويز جي أر، الذي يعد أهم مناسبة رياضية في العالم.
ويقول الكاتب إن تحوّل السعودية نحو مجتمع ليبرالي منفتح أمر مرحّب به، إلا أن الخطوة تطرح عدداً من الأسئلة المهمة حول الاهتمام المفاجئ بالرياضة، وإن كان نوعاً من “القوة الناعمة” لحرف النظر عن انتهاكات المملكة لحقوق الإنسان والحملة التي تقودها الرياض ضد الحوثيين في اليمن، وهي الحملة التي قتلت آلاف المدنيين اليمنيين وجعلت أكثر من 4 ملايين منهم يواجهون خطر المجاعة.
كما أن الخطوات الأخيرة للسعودية في مجال العلاقات العامة، خصوصاً اللوبي المتركز على الرياضة، نبعت من الحاجة الماسّة لإعادة تأهيل نفسها وتبييض صورتها بعد جريمة قتل الصحافي المقيم في الولايات المتحدة، الكاتب في صحيفة “واشنطن بوست”، جمال خاشقجي، على يد فرقة من العملاء التابعين للحكومة بقنصلية السعودية في إسطنبول العام الماضي، وتمّ قتله هناك وتقطيعه بمنشار عظام ولم يعثر على جثته.
وقال النائب العام في السعودية لاحقاً إن الجريمة كانت مدبّرة، فيما توصلت المخابرات الأمريكية (سي آي إيه) إلى أن محمد بن سلمان هو من أمر بالقتل. وفي ضوء الجدل الأخير، فقد ضاعفت السعودية من جهودها في مجال العلاقات العامة التي شملت حسب الوثائق المنشورة لقاءات واتصالات مع كل المفوضيات الرياضيّة في الولايات المتحدة. واعتمدت الهيئة العامة للرياضة في السعودية على خدمات تشرتشل رايلي غروب، وهي مؤسسة استشارات دولية “متخصصة في النمو” الذي يعزّز “الوصول إلى هوليوود وسيلكون فالي والشرق الأوسط”.
ويقول الكاتب إن الوثائق التي استخدمها للمقال ركزت على مجموعة تشرتشل رايلي واللقاءات التي تمّت، ولكنها لا تأخذ بعين الاعتبار ما جرى بعد ذلك، أي ما نجح منها وما فشل. إلا أن الوثائق تكشف عن الجهد الذي قامت به السعودية في الولايات المتحدة في مجال العلاقات العامة. وهي أمثلة عن تبييض الرياضة، وهو مصطلح اقترحته منظمة أمنستي إنترناشونال عام 2018 لوصف الأنظمة الديكتاتورية التي تستخدم الرياضة لتحسين صورتها الدوليّة وحرف النظر عن انتهاكات حقوق الإنسان. كما تكشف عن مدى الطموح السعودي الذي يضم بناء ملاعب جديدة والاستثمار في رياضات ليست شعبيّة في السعودية مثل الهوكي والتزلج.
ارسال التعليق