
منظمات حقوقية تدين تصعيد السعودية في استخدام عقوبة الإعدام
في اليوم العالمي لمناهضة عقوبة الإعدام، أعربت ست وثلاثون منظمة حقوقية، من بينها المنظمة الأوروبية السعودية لحقوق الإنسان، عن صدمتها البالغة إزاء الارتفاع المقلق في عدد الإعدامات التي تنفذها "السلطات السعودية". وأشارت المنظمات في بيان مشترك إلى أن "السعودية" تشهد تصعيداً غير مسبوق في تنفيذ أحكام الإعدام خلال السنوات الأخيرة، شمل عدداً كبيراً من الأجانب المدانين في قضايا مخدرات، ومواطنين من شبه الجزيرة العربية بسبب نشاطهم السلمي أو آرائهم المعارضة، فضلاً عن أحداث أُعدموا على خلفية جرائم ارتُكبت حين كانوا قاصرين، في انتهاك صارخ للقانون الدولي لحقوق الإنسان.
وبحسب بيانات وكالة الأنباء السعودية الرسمية، نفذت السلطات ما لا يقل عن 292 حكماً بالإعدام حتى التاسع من أكتوبر 2025، من بينهم أربع نساء. وتشير هذه الأرقام إلى أن "السعودية" تتجه لتجاوز الرقم القياسي المسجل في العام الماضي، والبالغ 345 حالة إعدام في عام 2024، ما يعكس تناقضاً واضحاً مع التزاماتها المعلنة بتقييد استخدام العقوبة.
من بين هذه الحالات، 195 شخصاً أُعدموا في قضايا تتعلق بالمخدرات، بينهم 151 أجنبياً من دول آسيوية وإفريقية، منهم: 38 من الصومال، 30 من إثيوبيا، 23 من باكستان، 16 من مصر، و12 من أفغانستان. وجاء ذلك بعد إلغاء وقف تنفيذ أحكام الإعدام في قضايا المخدرات، الذي كان معمولاً به منذ فبراير 2020 حتى نوفمبر 2022. هذا التراجع أثار قلقاً بالغاً على حياة مئات السجناء الآخرين المهددين بالإعدام الوشيك في قضايا مماثلة لا تنطوي على القتل العمد، ما يجعلها خارج نطاق “أخطر الجرائم” وفق القانون الدولي.
وأكدت المنظمات أن الإعدامات المتصلة بالمخدرات أو الإرهاب تشكل انتهاكاً صارخاً للمعايير الدولية، إذ يحظر القانون الدولي استخدام العقوبة في الجرائم غير المميتة. كما كشفت وثائق قضائية وشهادات موثوقة عن نمط متكرر من الانتهاكات التي يتعرض لها الأجانب أثناء اعتقالهم واحتجازهم ومحاكمتهم، من بينها الحرمان من الدعم القنصلي، وغياب المحامين، وضعف خدمات الترجمة، وحرمان المتهمين من الاطلاع على وثائق المحكمة، مما يحرمهم من حق الدفاع أو الاستئناف الفعال.
وفي عام 2025 أيضاً، نُفذت 34 عملية إعدام بتهم مرتبطة بالإرهاب، وفق تعريف واسع وغامض لمفهوم الإرهاب في القانون السعودي، ما يسمح بفرض العقوبة على أفعال لا تستوجبها. ومن بين أبرز هذه القضايا إعدام الصحفي السعودي تركي الجاسر في 14 يونيو، بعد سبع سنوات من الاختفاء القسري، وهو مثال صارخ على استخدام النظام السعودي لعقوبة الإعدام كسلاح لقمع حرية التعبير. كما لا يزال العالمان سلمان العودة وحسن فرحان المالكي يواجهان خطر الإعدام في محاكمات مطولة على خلفية تهم غامضة لا ترقى إلى الجرائم الموجبة للعقوبة القصوى.
وأشار البيان إلى أن "السلطات السعودية" تواصل خرق تعهداتها بشأن وقف تنفيذ الإعدامات بحق القاصرين، رغم إعلانها المتكرر عن إلغاء هذه الممارسة. فقد أُعدم الشاب جلال اللبّاد في 21 أغسطس 2025، رغم أن الجرائم المنسوبة إليه تعود إلى ما قبل بلوغه الثامنة عشرة. وُلد اللبّاد في 3 أبريل 1995، واعتُقل بسبب مشاركته في احتجاجات 2011–2012 المناهضة للتمييز ضد أبناء الطائفة الشيعية، وبسبب حضوره جنازات ضحايا قُتلوا على أيدي قوات الأمن. وقد جرت محاكمته في إجراءات جائرة اعتمدت على اعترافات منتزعة تحت التعذيب.
إعدام اللبّاد أثار مخاوف جدية بشأن مصير متهمين آخرين من الأحداث، بينهم عبدالله الدرازي الذي أيدت المحكمة العليا حكم إعدامه، وهو بانتظار مصادقة "الملك"، إلى جانب أربعة آخرين صدرت بحقهم أحكام نهائية من محكمة الاستئناف الجزائية المتخصصة، وهم: يوسف المناصف، علي حسن السبيتي، جواد قريريص، وحسن الفرج.
تُعد "السعودية" من أكثر دول العالم تنفيذاً لعقوبة الإعدام، حيث نُفذ فيها 345 حكماً في عام 2024، وهو أعلى عدد منذ عام 1990. وفي ظل غياب الشفافية، وتنفيذ بعض الأحكام سراً، يُرجح أن تكون الأرقام الحقيقية أعلى من المعلنة. وغالباً لا تُخطر السلطات عائلات المحكومين مسبقاً بموعد التنفيذ، ولا يوجد سجل عام بأسماء من تم إعدامهم، مما يفاقم غياب المساءلة والمراقبة المستقلة.
ورأت المنظمات أن هذا التصعيد في تنفيذ الإعدامات يأتي بالتوازي مع حملة سعودية لإعادة تقديم نفسها كدولة حديثة ومتنورة، من خلال مشاريع عملاقة مثل “نيوم”، واستثمارات ضخمة في الرياضة العالمية، بما في ذلك استضافة كأس العالم 2034، وتنظيم فعاليات ترفيهية مثل مهرجان الرياض للكوميديا، في تناقض صارخ مع واقع القمع الداخلي وتكميم الأفواه.
ودعت المنظمات السلطات السعودية إلى اتخاذ خطوات عاجلة تشمل:
فرض وقف فوري لجميع الإعدامات تمهيداً لإلغاء العقوبة نهائياً؛.
تعديل التشريعات التي تنص على عقوبة الإعدام بما يتوافق مع المعايير الدولية؛.
استبدال جميع الأحكام الصادرة بعقوبات أخرى، خصوصاً في قضايا القاصرين أو الجرائم غير المميتة؛.
ضمان الشفافية الكاملة في نشر بيانات الإعدامات، والسماح بالرقابة المستقلة؛.
الإفراج الفوري عن جميع المحكومين بالإعدام أو المعتقلين بسبب نشاطهم السلمي..
كما حثت المنظمات مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة والآليات الخاصة المعنية على رصد وتوثيق علني لتصاعد استخدام السعودية لعقوبة الإعدام، ودعت شركاء المملكة الدوليين إلى الضغط العلني لفرض وقفٍ مؤقت لتنفيذ الإعدامات تمهيداً للإلغاء الكامل.
وشملت قائمة المنظمات الموقعة على البيان ما يلي:
ACAT – ألمانيا.
الأكاديمية الدبلوماسية الإفريقية.
القسط لحقوق الإنسان.
أمريكيون من أجل الديمقراطية وحقوق الإنسان في البحرين.
منظمة العفو الدولية.
تحالف المدافعين عن حقوق الإنسان الصوماليين.
نقابة المحامين فب بورتو ريكو.
مركز كورنيل لعقوبة الإعدام في جميع أنحاء العالم.
جمعية معاً لمناهضة عقوبة الإعدام.
المفوضية المصرية للحقوق والحريات.
المنبر المصري لحقوق الإنسان.
المبادرة المصرية للحقوق الشخصية.
المنظمة الأوروبية السعودية لحقوق الإنسان.
فير سكوير.
فيمينا.
التحالف الألماني لإلغاء عقوبة الإعدام.
مركز الخليج لحقوق الإنسان.
المنظمة الدولية للحد من الضرر.
وكالة أنباء هورن أفريك لحقوق الإنسان.
مركز إعلام حقوق الإنسان والديمقراطية "شمس".
هيومانيتي دياسبو.
معهد حقوق الإنسان التابع لنقابة المحامين الدولية.
الاتحاد الدولي لحقوق الإنسان.
لجنة العدالة الأحداث وحقوق الطفل في نقابة المحامين في لاهور.
لجنة حقوق الإنسان في كينيا.
مراقبة الوعي القانوني في باكستان.
المركز القانوني لحقوق الإنسان.
معهد المساعدة القانونية المجتمعية.
منّا لحقوق الإنسان.
المنظمة التونسية لمناهضة التعذيب.
ريبريف.
سيناء لحقوق الإنسان.
مشروع الإدماج في نيجيريا.
معهد UIA لسيادة القانون.
مجموعة العمل للعدالة الانتقالية.
التحالف الألماني لإلغاء عقوبة الاعدام.
ارسال التعليق